دمشق-سانا
خلال أكثر من ستين عاماً من الأحداث التي طالت المنطقة العربية عاصرت الفنانة التشكيلية أسماء الفيومي معظم تلك الاحداث فأغنت تجربتها الفنية والإنسانية ولم تبتعد يوماً عن حمل هموم المرأة والطفل والوطن وتجسيدها بقوة في لوحاتها.
لأسماء الفيومي بصمة واضحة في الفن التشكيلي السوري وهي ذات خصوصية فنية تمتلك أدوات تعبيرها بطريقة مميزة وتعرف بوضوح المادة التي تعمل عليها كما أنها تمتلك الغنى المعرفي والثقافي.
يقول الناقد التشكيلي سعد القاسم عن تجربتها “تعد من أهم الفنانين في التشكيل السوري المعاصر وهي متعددة الأوجه تتميز ببناء لوحاتها وبضربات ريشتها القوية ورغم نزعتها للتحرر في الرسم لم تنتقل إلى التجريد بل ظلت صاحبة تجربة تعبيرية وتهتم بالمواضيع الإنسانية والوطنية إضافة إلى الانسجام اللوني الجميل الذي جاء نتيجة معرفتها العميقة”.
الفيومي دمشقية الأصل من مواليد عمان عام 1943 خريجة كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم التصوير عام 1966 وعملت مهندسة ديكور في التلفزيون السوري ومحاضرة بكلية الفنون وفي مركز الإعداد الإعلامي التابع لجامعة الدول العربية وهي عضو في اتحاد التشكيليين العرب.
تزوجت من المخرج التلفزيوني غسان جبري ورافقته في مشواره الفني الطويل فكانت شريكته في مسلسلاته التي قدمها وحازت العديد من الجوائز والتكريمات كان اخرها جائزة الدولة التقديرية.
وعندما وقعت نكسة حزيران 1967 دخلت الفيومي المشهد الفني السوري بأسلوب تجريدي وكانت تداعيات هذه الحرب عاملاً حاسماً في تحولها المفاجئ إلى البنى والأساليب التعبيرية التي ميزت أعمالها حيث جسدت الانعكاس النفسي للواقع الأليم من خلال عوالمها الرمزية وهو ما تحدثت عنه عبر لوحتها “رثاء المدينة” التي تصور واقع النكسة.
الفيومي التي ظلت متأثرة بموضوعات الحرب كما في لوحتي “أيلول الأسود ودمشق” ذكرت في أحد اللقاءات الإعلامية أن تفاعلها مع الوضع السياسي والاجتماعي العام بعد نكسة حزيران جعلها تطور مفاهيم ودلالات رمزية وترى كل من دمشق والقدس أنثى ولازمة تتكرر في أعمالها عن المرأة والأرض كما عمدت إلى استلهام شخوصها النسائية من الأساطير المحلية التي تبرز فيها المرأة كمحور أساسي.
وخلال الحرب على سورية لم تتوقف ريشة الفيومي فكان الرسم بالنسبة لها الهواء الذي تتنفسه فكانت ترسم إحساسها بالحزن عن كل ما يحدث في وطنها فانعدمت الألوان الزاهية في داخلها ما انعكس على لوحاتها متأثرة بالهواجس الإنسانية والوطن والأم.
مشاركة الفيومي بإبداعها الفني في الأعمال المسرحية والتلفزيونية تجلت في العديد من الأعمال منها مسلسلا “اليتيم والعبابيد” إضافة إلى تصميمها بروشورات بعض المسرحيات مثل مغامرة رأس المملوك جابر ورقصة العلم.
وكتبت الفيومي في النقد التشكيلي في بعض الصحف المحلية بالإضافة للرسم في مجلة أسامة للأطفال وصممت أغلفة الكتب واقامت العديد من المعارض الفردية المحلية والدولية وشاركت في أكثر من خمسين معرضاً مشتركاً.
رشا محفوض
متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency