المغتربة ابتسام نصرة تضيء التراث السوري عبر مدونة الكترونية

لندن-سانا

يغتربون عن الوطن ويبقى حيا في وجدانهم متقدا في ذاكرتهم لكأن ذلك الحبل السري الممتد إلى رحمهم الأول لم ينقطع يوما فالمغتربون السوريون وخلال أربع سنوات من عمر الأزمة الراهنة لم يوفروا وسيلة أو سبيلا لدعم بلدهم في محنتها وإظهار ذلك الجذر الحضاري الكفيل بإعادة إعمارها من جديد سواء من خلال أعمالهم التطوعية على الأرض أو عبر مشاريع خلاقة غطت مساحة العالم الافتراضي على الشبكة العنكبوتية.

إحدى المبادرات اللافتة تمثلت في مشروع مهم تبنته المغتربة السورية في بريطانيا ابتسام بدر نصرة حيث انشأت مدونة خاصة بالتراث السوري بعنوان صفحة التراث السوري بالنسختين العربية ولاحقا الانكليزية للتعريف بالجوانب التراثية والتاريخية في سورية ولاسيما في شقها المادي حيث أخذت نصرة على عاتقها إظهار كل ما يتصل بالمشهد التاريخي السوري من مفردات شكلت في مجموعها نواة لكل الحضارات الإنسانية القديمة.

وقد وصل عدد زوار النسخة العربية حاليا إلى ما يقرب من 18000 زائر من مختلف أنحاء العالم والأهم في هذا العدد هو أن الغالبية العظمى من مرتادي الصفحة هم من الشباب تحت سن الرابعة والثلاثين حسب ما اشارت إليه نصرة في حديث لنشرة سانا الشبابية موضحة أن العدد في تزايد مطرد وخاصة مع اتساع المعلومات والصور التي ترفد المدونة وتنوع موضوعاتها.

بما لا يقبل الشك أن حسا وطنيا عاليا كان وراء الانطلاق في مشروع من هذا النوع اما المحفزات الأخرى فمنها ما يتصل كما ذكرت السيدة المغتربة بضرورة ربط الجيل الجديد من السوريين المغتربين أولا بتراثهم الإنساني الضارب في عمق التاريخ فهو ملك لأجيال متعاقبة ويمثل إحياؤه في الوجدان الشبابي مسؤولية إنسانية ووطنية وتاريخية ولاسيما خلال هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ سورية والتي تشهد استهدافا ممنهجا لكل مداميك الحضارة السورية.

وبينت أن الأمر بدأ على شكل هواية وفضول فقد كانت من محبي الآثار والمتاحف والتاريخ القديم وبعد حصولها على شهادة في الإدارة باختصاص سفر وسياحة من جامعة بورتسموث في بريطانيا أسست شركة سفر وسياحة متخصصة بالرحلات إلى سورية ولبنان وداومت على عملها هذا إلى أن توقف جراء الأحداث في سورية حيث لاحظت خلال عملها في هذا المجال “أننا متأخرون جدا من حيث الترويج لارثنا التاريخي بالمقارنة مع الغرب رغم أن رصيدنا الحضاري يفوق في غناه وأهميته كل ما تمتلكه الشعوب الأخرى كما أن العديد من السوريين ربما لا يعي أهمية ما يمتلكه من كنوز تراثية”.

تدريجيا خرجت هواية نصرة من الشرنقة الصغيرة لتتحول إلى ما هو أقرب إلى البحث والتقصي في تاريخ سورية الطبيعية معتمدة في ذلك حسب ما أوضحت على الكتب والوثائق والمراجع المتوافرة لديها ما وسع من رصيدها المعرفي حيث برقت الفكرة في ذهنها فباشرت في مشروعها ساعية إلى تزويد المدونة بمختلف ما يتيسر لها من معلومات تاريخية عن سورية عبر الاستعانة بالمراجع الورقية والالكترونية ومن خلال زياراتها المتكررة للمتاحف.

وأضافت أنها تنشر في مدونتها كل ما يتأتى لها من صور وأشكال التراث التقليدي لكنها أكثر تركيزا على التراث التاريخي والاركيولوجي مع التأكيد على دعم المعلومات بما يناسبها من صور دالة كما أنها انتهجت في صفحتها التي لاقت إقبالا واسعا إلى التكثيف والاختزال في المواد المنشورة بأسلوب مبسط وممتع يغري للقراءة.

وقد وجهت نصرة دعوة لمحبي التراث السوري والغيورين عليه لرفدها بكل ما يتاح من معلومات ووثائق قابلة للنشر وكثيرا ما لبى هؤلاء الدعوة حسب تعبيرها بالاضافة إلى أن العديد من الطلبة والباحثين باتوا يستعينون بالمدونة للتزود بشيء من المعلومات الواردة فيها الأمر الذي شجعها مؤخرا على اطلاق نسخة مماثلة باللغة الانكليزية توفر لها مساحة مضافة لاجتذاب جمهور أجنبي هذه المرة للتعرف على سورية الحضارة والتاريخ.
رنا رفعت