الميدان يقلب الأوراق

كيف قلب الميدان السوري كل الموازين والتوقعات؟ وكيف اختلطت الأوراق التي تبعثرت على دول متعددة؟ وكيف استطاعت العزيمة والإرادة فرض عودة الارتباك إلى الدبلوماسية الغربية التي باتت تفكر في ضرورة إعادة العلاقات مع الدولة السورية،بعد الخطأ الكبير الذي لم تحسب فيه حساباً لما ظهر فيما بعد من كسر كل المخططات،

وإفشال كل السيناريوهات التي رسمت للمنطقة، وبخاصة بعد أن قدّم الجيش العربي السوري أسطورته في القدرة على التفوق والتعامل مع الإرهابيين في ساحات الميدان ليثبت من جديد أنه القادر الأكبر على مكافحة الإرهاب العالمي الذي احتل بعض جنبات الأرض السورية، وما على الدول الغربية إلا التفكير جدياً في التعاون معه إذا كانت ترغب في محاربة الإرهاب كما تدّعي بتصريحاتها ونقاشاتها، وبالتالي ترجمة القرارات الأممية حقيقةً واقعةً على الأرض، هذا إذا كانت هذه الدول مؤمنة بآلية مكافحة الإرهاب الممتد الذي زرعته وأنشأته ورعته، ومؤمنة بأنه عائد لا محالة بكل بشاعته محملاً بخبرات إرهابية مكتسبة فنوناً قتاليةً، وعقيدة مخيفة مسلّحة بالفكر الظلامي التكفيري الذي حاول أن يكتسح بها المنطقة ليعلنها «خلافة داعشية» مشبعة بالقتل والذبح ودم الأبرياء، ونهايته لا محالة الموت أو العودة من حيث أتى؟!.

فمن يتطلع إلى المشهد العربي اليوم والواقع المرّ الذي تعيشه المنطقة، وقد جثم الإرهاب العالمي على أرضها، وامتد بأذرعه الغربية ـ الصهيونية ليرسم الخطط التوسعية القائمة على الأوهام تحت الراية الداعشية السوداء لا يرى إلا الوجه البشع للسياسة الغربية، وفي مقدمتها السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، وما فعلته صاحبة الديمقراطية الأمريكية ـ الداعشية، وهي تقدّم للعالم والمجتمعات «أروع…!!!» الصور الدموية التي ترتكبها بحق الشعوب العربية.. مدفوعةً بثقافة الموت التي تحاول نثر بذورها في المنطقة، وها هي تنثرها إرهاباً مخطّطاً له في إفريقيا وآسيا وكلّ منطقة تريد السيطرة عليها، عبر لغة وحشية همجية.. وكرة نار دموية تدحرجها باتجاه الوطن العربي، وفي المقدمة سورية.. رأس المقاومة وعمودها الفقري وواسطة العقد المقاوم والاستراتيجي الكبير.

والمراقب والمتابع لسياسة دول الغرب، وتحديداً أمريكا في المنطقة، وما تخططه لها منذ سنوات يكتشف أنه في كل يوم ثمة خطة جديدة، تعتمد على قلب الموازين تحقيقاً للمصالح الغربية في المنطقة وضماناً لأمن «إسرائيل»، من دون أن تقدّر أقبية التخطيط الصهيو-أمريكية قدرة الدولة السورية على الصمود والمقاومة على مختلف الجبهات، رغم خطوط الإمداد الكبيرة لهذه المخططات، وها هي منظماتها تقرّ الآن، وبعد مضي سنوات أربع على الحرب الوحشية على سورية، بأن الحلّ هو في يد الدولة السورية التي تمسك بزمام الأمور جيداً، ولا يمكن للغرب، رسمياً وشعبياً، إذا ما أراد مجتمعاً متحضراً آمناً العودة إلى الوراء وهو الذي لم يعِ تحذيرات سورية لهم من الإرهاب الذي يدعمونه وماذا تعني قدرتها الفائقة على الصمود ومواجهة كل من يفكر في غزو أرضها، وتدمير بنيتها، وقتل شعبها؟.

«إسرائيل» الحاضرة بأدواتها في جنوب سورية، تقف مذعورةً، وتراقب عن كثب ماذا يحدث في الجبهة الجنوبية التي أشعلت نيران الإرهاب فيها بالتعاون مع خدمها وأدواتها في المنطقة عبر «كوريدورها» الأردني الذي يتنفس هواءها ليل نهار، ويكشّر عن أنيابه في وجه سورية كرمى كيانها الاحتلالي الذي خلق ليموت، رغم أن دور الأردن التآمري المفضوح والمعروف علناً مفتوح على كل الاحتمالات، إذ ستكون هذه الدول المأجورة والقابعة تحت الإمرة الإسرائيلية- الأمريكية الدريئة القادمة على مبدأ مَنْ يربِّ الأفعى ويرعاها لا بد من أن تطوله سمومها… وها هو السمّ محقون في أوردة «الدواعش» من «المعارضة المعتدلة…!!» الإرهابية، مهما تبدّلت التسميات، واتسعت الأغطية، وتغيّرت المعادلات الدولية الحاملة لكل الأوراق.

بقلم: د. رغداء مارديني