دمشق-سانا
تحمل لوحة التشكيلية ثنا المصري زخماً كبيراً من المشاعر المتناقضة مثل النزق والغضب إلى جانب الهدوء والتأمل فاللوحة عندها تمثل ذاتها ورغباتها وعلاقتها بها تمثل حالة عشق ومصالحة مع الذات لتختصر اللوحة حلمها ومستقبلها على حد تعبيرها.
وعن هذه العلاقة مع اللوحة تقول المصري في حديث لـ سانا: إن اللوحة هي الحوار والتواصل المباشر والعميق بين الفنان وكل شيء حوله وداخله وهو يسعى إلى الخلود وتحقيق رسالة يؤمن بها من خلالها.
وتتابع: إن رسالة الفن تحمل أبعادا ومضامين ذات مستويات فكرية ومعرفية وفلسفية وروحية واجتماعية وسياسية ويتحقق فك رموز هذه الأبعاد من خلال قراءة سيكولوجية لأي عمل فني مبينة أنه يمكن عن طريق دراسته معرفة بحث الفنان الفكري والخلود الذي يسعى إليه.
بدأت المصري مشوارها الفني مع الأسلوب الواقعي بمواضيع تنوعت بين الطبيعة والبورتريه والطبيعة الصامتة وخاصة أثناء دراستها في كلية الفنون الجميلة حيث تأثرت بالمدرسة الواقعية الروسية وخاصة الفنان الروسي ايليا ريبين واعتمدت بعدها في مشروع تخرجها أسلوب الواقعية التعبيرية.
تقوم الفنانة المصري من خلال تجربتها التعبيرية بمعالجة الموضوعات الإنسانية عبر ثنائية الرجل والمرأة وتركز على الموضوعات التي تتعلق بالمرأة العربية من خلال التعرف على مشاكلها الحياتية.
وتوضح المصري أنها تحاول من خلال لوحتها طرح دور المرأة العربية في الزمن المعاصر وبيان ما تعانيه من صعوبات لتحقيق أهدافها عبر تكوينات مختلفة واستخدام الكولاج من ورق وقماش وعدة أشياء مهملة وتوظيفها عبر لغة الخط واللون اللذين يتشاركان في تجسيد إيقاعات الحركة التعبيرية والموسيقا البصرية مع الألوان الزيتية.
وتقول المصري: تأثرت بالفنان العالمي اوسفالدو الذي جسد بلوحاته الألم والظلم والقهر دون أن أقلده فالموضوع في أعمالي غير مرتبط فقط بالجغرافيا أو إحداثيات المكان إنما يمتد إلى الزمان والإدراك الداخلي من الذاكرة ومما يمكن أن يحدث في المستقبل.
وحول دخولها مؤخرا نحو أسلوب التجريد تشير إلى أن هذه التجربة جاءت عن حب وإحساس بالنضج في هذا الاتجاه مبينة أن التلقائية والفطرية تعطي الإحساس بالدهشة بمعنى الحرية الكاملة مع ترك مجال للاكتشاف والصدفة للوصول للمقولة الأخيرة.
وترى أن للصدفة دوراً كبيراً في إنجاز الأثر الفني بالنسبة لألوانها فهي نتيجة المعرفة والتجريب والحدس وللألوان دلالاتها وتغيراتها من خلال عالم واسع الخيارات تحمل تفسيرات كثيرة موضحة أن علاقتها بالألوان تتغير مع الزمن حتى تتمكن من صنع مجموعة لونية خاصة بها تعطيها بصمتها الفنية.
وتؤكد المصري أن غلبة أي لون من الألوان على أعمال الفنان تعبير عن مسيرته الذاتية وبصمته الخاصة التي تشكلت عبر تجربة طويلة وتقول: إن اللون الغالب بلوحاتي بمختلف مراحلها هو الأزرق وهو لوني الذي أوظفه حسب الحالة النفسية والدرامية في فكرة واخراج اللوحة معتبره أن ظهور اللون الأخضر في أعمالها مؤخرا نتيجة تأثرها بلون أشجار النخيل وقشورها المتساقطة التي أدهشتها وجذبتها بقوة في مصر التي تدرس فيها حاليا الماجستير.
وترى المصري في الأزمات الكبيرة والحروب فرصة حقيقية لامتحان قدرات الفنان لأن الإبداع يرتبط بأجواء واسعة من الحرية والأمان والاستقرار وتقول: إن الظروف المادية والموضوعية لها تأثير كبير على الحركة التشكيلية والثقافية والأزمة تسببت بتوقف معظم صالات العرض الخاصة في سورية ما أدى إلى مغادرة بعض الرسامين المخضرمين والمعروفين إلى الخارج.
وعن عملها مع الدراسات العليا في مصر تتابع المصري: أعيش في غربة قاسية وقاهرة من جميع النواحي حيث ان الفنان العربي في مصر لا يلقى أي دعم أو مساعدة ويعاني جدا من قلة التسويق مبينة أنها مستمرة بالدراسة والعمل الفني رغم كل الظروف الصعبة.
وتطمح الفنانة المصري كأي فنان مبدع إلى الكثير من الإنجازات على مستوى اللوحة وتقول في ختام حديثها.. من أهم طموحاتي أن أصل إلى الرضا عن عملي الفني وأن أستطيع الوصول بلوحتي إلى أهم المحافل الفنية العالمية ونشر أفكاري وأعمالي في كل أنحاء العالم والعودة والاستقرار إلى بلدي سورية.
والفنانة ثنا المصري من مواليد دمشق عام 1976 وخريجة كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم التصوير الزيتي عام 2008 وحاصلة على جائزة الباسل للتفوق والإبداع لعامي 2007 -2008 وعضو اتحاد التشكيليين السوريين وخريجة معهد أعداد مدرسين تربية فنية عام 1997 ومركز أدهم اسماعيل للفنون التشكيلية عام 2004 ومدرسة تربية فنية منذ عام 1999 ولها عدة معارض فردية وجماعية داخل سورية وخارجها.
محمد سمير طحان