اتخذ مجلس الأمن الدولي ثلاثة قرارات شهيرة بشأن مكافحة الإرهاب تحمل الأرقام 2170- 2178- 2199 وهي مستندة إلى الفصل السابع أي إنها لازمة التنفيذ.
السؤال المطروح: لماذا لا ينفذها مجلس الأمن؟ وإذا كانت لا تنفذ فلماذا يتبناها أصلاً..؟
1- لماذا يتبنى المجلس قرارات وهو يعلم أنه لن ينفذها. سؤال مشروع يطرح في أوساط الرأي العام. فمن المعروف أن المجلس العتيد تبنى عشرات القرارات بالإجماع بخصوص الصراع العربي- الصهيوني لكنها بقيت في أدراجه وكأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به. الأمر نفسه ينطبق على القرارات الثلاثة الأخيرة بخصوص الإرهاب.
هناك مجموعة من الأسباب التي تدفع المجلس لاتخاذ قرارات لن ينفذها. أول هذه الأسباب المحافظة على دور المجلس ووجوده والإيهام بأنه فاعل. السبب الثاني تعزيز دور القوى العظمى الخمس في السياسة الدولية وإثبات حضورها ودورها. السبب الثالث هو إبقاء قنوات الحوار المباشر بين القوى العظمى في إطار مؤسسة جامعة لها هيبتها ودورها. السبب الرابع هو الخوف من انتشار الفوضى غير المضبوطة في العالم، إذا شعرت الدول الصغرى بعدم وجود رادع معنوي دولي.
السبب الخامس هو إيهام الرأي العام العالمي بأن هناك من يحمي مبادئ القانون الدولي ومقاصده. السبب السادس والأهم هو أن حكومات الدول العظمى تريد الحصول على ورقة حسن سلوك من شعوبها عبر متابعتها للقضايا التي تهدد السلام في العالم. السبب السابع إظهار مدى توازن القوى على الساحة الدولية بين محورين أساسيين: روسيا والصين مقابل دول «ناتو» الثلاث الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
2- لماذا لا يتم تنفيذ القرارات؟ السبب في ذلك أن القرارات التي يتم اتخاذها بحل وسط بين المحورين لا تناسب مواقف الولايات المتحدة و«ناتو». ولما كانت هذه المواقف استعمارية وتستند إلى ثقافة الهيمنة، فإن التنازل الذي يتم عبر الحل الوسط لا يناسبها. أما دول المحور الآخر الذي تقوده روسيا فهي مستعدة لتنفيذ الحل الوسط لأن هذا الحل يمثل خطوة إلى الأمام وإن كانت صغيرة.
لماذا لا يكون الوضع نفسه للمحور الاستعماري؟ لسبب بسيط هو أن الحل الوسط يهدد الحالة الاستعمارية القائمة. إنه منطق واضح فطالب التغيير في النظام العالمي يعتبر كل تحول بسيط هو خطوة إلى الأمام، أما طالب المحافظة على الوضع القائم فيعلم تماماً أن ما هو قائم يجب أن يبقى كما هو لأن أي تغيير معناه تهديد للقائم. هذا هو الفرق بين فلسفة التطوير وفلسفة المحافظة.
ينطبق هذا على الحالات التي يكون فيها الخلاف سياسياً كأوكرانيا. لكن المدهش أنه ينطبق أيضاً على الإرهاب الذي من المفروض أن تكون إدانته جامعة وخارج أي نقاش. هذا يؤكد أن الإرهاب من عوامل المحافظة على نظام دولي قائم، بينما مكافحته خطوة نحو التغيير.
صحيفة تشرين