حمص-سانا
رغم ولعه بمختلف فنون التشكيل والتصوير إلا أن النحت كان العنوان الأساسي لتجربة الفنان الشاب “الردين الأشقر” فمن خلاله تمكن من التعبير عن واقع مدينته عبر مجسمات يجسد كل منها قبلة بصرية تستقطب الأنظار و تدغدغ المخيلة وهي تحاكي التكوين الفراغي في اختزاله المكثف لجملة من المفردات الفكرية و الفنية.
وفي هذا الجانب قال الفنان الأشقر” إن أكثر ما يقربه إلى هذا الفن النوعي هو ما يحمله في طياته من جرعة تعبيرية عالية يعكس من خلالها النحات قوة الروح و شفافيتها المفرطة عبر مجسمات تتعدد ابعادها الخارجية دون ضرورة للغوص في التفاصيل الدقيقة إذ أن الهيكل الخارجي هو المسرح الأهم لمختلف الانفعالات التي يصار إلى تجسيدها من قبل الفنان.
ورغم دراسته في كلية الحقوق وتخرجه منها إلا أن حبه للفنون كما ذكر كان دافعا كافيا ليخصص جزءا كبيرا من حياته للعمل على تقصي قدرة هذا الفن على إيصال رسائل ذات صلة بمختلف جوانب الحياة وهو ما يجعله و كثيرا من فناني المحافظة يكثفون العمل في هذه المرحلة لتقديم نتاج إنساني راق مؤكدا أن هذا الفن و سواه يمكنه أن يكون حاملا أساسيا للعديد من صلات الوئام والجمال و التفاعل الإيجابي.
ويعمل الأشقر على خامة الخشب في اشتغاله الفني مفضلا إياه عن الخامات الأخرى نظرا لخصوصية هذه المادة وأبعادها الطبيعية ما يولد ترابطا روحيا بين الإنسان و الخامة التي يحورها بيديه رغم أن أغلبية النحاتين يبتعدون عنها في صناعاتهم الفنية نظرا لصعوبة التعامل مع هذه المادة الحية و تطويعها إلى جانب ارتفاع كلفة الخشب و عمره القصير نسبيا ما يتطلب من النحات إجراء معالجة دقيقة له ليحافظ على شكله وأبعاده.
وقال إن.. “أفكاره تتنوع لتطول الوجع الإنساني عموما وما تعانيه الروح السورية اليوم يظهر في العمل الفني من خلال تعابير الوجه وملامحه حيث يسعى إلى تصوير هذه الانفعالات بكل ما تنطوي عليه من مشاعر الألم والأمل و التفاؤل بغد أفضل إذ لابد من فسحة ضوء في آخر النفق تتجلى بين الملامح المرهقة و التي تشابه إلى حد بعيد ملامح الناس في الشوارع على أرض الواقع”.
بالتالي فإن أعماله حسب وصفه هي انعكاس لجملة من المفاهيم الفلسفية التي تكونت عبر مشاهدات يومية أثرت في مخزونه الإبداعي لتتجسد لاحقا في أعماله التشكيلية على شكل رؤى جديدة تؤسس دائما لتجارب متنوعة مؤكدا أن التواصل الحي و الفعال مع المحيط هو ما يقود النحات إلى مساحات ابداعية جديدة و مغايرة.
وذكر أن أحدث مشاركاته كانت من خلال معرضي “خوابي” و “نقابة المعلمين” اللذين أقيما في جامعة البعث حيث شارك بأعمال ذات طابع إنساني بحت مؤكدا أن عودة الحياة الثقافية إلى جريانها في مدينة حمص هي أمر بغاية الأهمية نظرا لما قد تشكله الأنشطة المختلفة من فرصة للتلاقي بين جيل الشباب تحديدا في اطار حوار إبداعي يرقى فوق المشهد الدامي و يجمع بين مختلف الاطياف الاجتماعية.
صبا خيربيك