الدروس الخصوصية.. موضة تنهك جيوب الأهل والضوابط رهينة الإدراج

اللاذقية-سانا

تتزايد حمى الدروس الخصوصية في أوقات الامتحانات ومع بداية كل عام دراسي وتتحول إلى ما يشبه السباق بين إعلانات الأساتذة وعدد الدروس والأسعار ومع ضجيج المنافسة تضيع القرارات والضوابط الرسمية.

وبعد أن باتت تكلفتها تفوق احتمال الأسر في ظل التحديات المعيشية التي تفرضها الظروف الراهنة تتجدد التساؤلات عن أسباب انتشار هذه الظاهرة وتحولها إلى حالة شبه طبيعية بين الطلبة بمختلف الأعمار وترتفع الأصوات بضرورة إعادتها إلى خانة الكماليات.

أعمل ليلا نهار لأوفر مصاريف الدروس الخصوصية لأولادي بهذه الكلمات يختصر “أحمد سخطة” أب لثلاثة طلاب في مراحل دراسية مختلفة مشكلته ويقول “لا أستطيع منعهم عنها فتعليم أولادي من أولويات الأسرة وقد أصروا على حاجتهم للدروس لأنهم لا يستوعبون المنهاج في المدرسة”.

ويدعو سخطة لضبط أسعار هذه الدروس واصفا إياها بالبورصة التي ترتفع وتنخفض بناء على اسم المدرس دون وجود جهة تهتم بتحديد معايير وضوابط لها وتحاسب المتجاوزين.

وتصف سعاد ساعي الدروس الخصوصية بالموضة خاصة بين الاطفال الصغار وتقول “تتهمني ابنتي وهي في الصف السادس الابتدائي دائما بالتقصير لحرمانها من الدروس الخصوصية فيما جميع زميلاتها في الصف يتبعونها رغم أنها متفوقة وليست بحاجة لأي دروس إضافية”.

وترفض مدرسة اللغة الانكليزية منال شاهين مبدأ الدروس الخصوصية بالمطلق مبينة أن تلقي المعلومة من جهتين تشتت ذهن الطالب ما يضطره لتجاهل إما شرح معلمة الصف أو المدرس الخصوصي وغالبا ما يقوم بتجاهل الأول وبالتالي فقد أهدر الوقت الذي أمضاه في المدرسة دون فائدة تذكر وأضاع تركيزه وجهده في تلقى المعلومة مرة أخرى بدل حفظها ودراستها.

وتختلف أسعار حصة الدروس الخصوصية وفقا لشاهين وتتراوح بين 300 إلى 2000 ليرة سورية حسب المعلم وشهرته ومرحلة الدراسة إذا كانت شهادة تعليم أساسي أو ثانوية عامة أو صف انتقالي.

وفي وقت تقول فيه المرشدة النفسية نسرين سعيد في تجمع مدارس الإناث الشهيد عدنان جلعود باللاذقية أن “الدروس الخصوصية غير ضرورية في معظم الأوقات باستثناء حالات البطء أو الضعف بالتعلم” ترى من جهة ثانية أن واقع المدارس في ظل الأزمة واكتظاظها بأعداد كبيرة من الطلاب صعب عملية الشرح والتدريس على المعلم والفهم على الطلبة ما قد يتطلب دروسا مساعدة.

وتعتبر سعيد أن مواد اللغات الأجنبية قد تكون بحاجة إلى ساعات تقوية لعدم كفاية الساعات المخصصة لها في المدرسة مبينة أن إمكانية الحد من انتشار الدروس الخصوصية يكمن في تفعيل ساعات الاثراء بالمدارس والتي تعتبر حلا جيدا في حالات تقصير بعض الطلاب.

وتفضل نيروز اسماعيل مدرسة وأم لأبناء في مراحل الدراسة الجامعية والثانوية عدم اخضاع الطلاب في مراحل التعليم الأولى للدروس الخصوصية كونها تعود الطفل على عدم الاعتماد على نفسه أو مناقشة دروسه وواجباته بمفرده كما تخلق حالة من عدم الاكتراث بالمادة المشروحة في الغرفة الصفية وتشتت الانتباه

والميل للثرثرة وتعطيل الدروس على زملائه وتضعف قدرات التركيز والنقد والنقاش لديه وتحد من تفكيره وتجعله اتكالي على مدرسه الخاص.

فيما ترى مدرسة اللغة الفرنسية لما ناصر وأم لأطفال في المرحلة الابتدائية أن الدروس الخصوصية مهمة لتحسين مستوى الطالب وضمان تفوقها وضرورية عندما تكون الأم عاملة أو غير متعلمة أي للحالات التي لا تستطيع فيها متابعة أولادها لاسيما ان المناهج الحالية تحتاج الى كفاءات للتدريس ووقت طويل للشرح.

ووسط هذا الجدل يتساءل البعض عن مصير قرارات وزارة التربية بفرض عقوبات مادية ومسلكية بحق أي مدرس يثبت قيامه بإعطاء الدروس الخصوصية لطلابه في المدرسة ويجيب مدير تربية اللاذقية نزار شيبان بالقول “من الصعب مراقبة الدروس الخصوصية لاسيما أنه لم تردنا أي شكوى بهذا الخصوص لنقوم باتخاذ الإجراء اللازم”.

ويعزو شيبان انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية التي يصفها بغير الصحية إلى بحث الطلاب عن علامة مرتفعة ورغبتهم بتقليد أصدقائهم مبينا أن وزارة التربية تحاول من خلال المناهج الجديدة معالجة هذه الظاهرة من خلال تبني أسلوب لايعتمد على الذاكرة والحفظ الحرفي بل الفهم والمقارنة والاستنباط وهذه القضايا لا يمكن إعطاؤها للطالب من خلال الدروس الخاصة بل تعتمد على فهمه واستيعابه للمنهاج ومعلوماته من الصفوف السابقة.

ويضيف شيبان “من يعتمد على الدروس الخصوصية سيجد أنه لم يحقق الفائدة منها عندما يمتحن في الشهادات العامة أو الفصلية لأن الوزارة تؤكد ضرورة شمولية الأسئلة واعتمادها على فهم الطالب وتركيزه” مشيرا إلى أن هذه الدروس تؤثر على انتباهه أثناء الدرس في المدارس النظامية.

وينصح مدير التربية ذوي الطلاب بإبعاد أبنائهم عن الدروس الخصوصية وتحفيزهم لتركيز انتباههم في الصف ونقل أي “شكوى لمديرية التربية المستعدة دوما لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين”.

ابتهال مصطفى- وفاء لالا

انظر ايضاً

مصدر بإدارة الأمن في حمص لـ سانا: تبلغت الجهات الأمنية في المحافظة معلومة اختطاف الدكتورة الجامعية رشا ناصر العلي قبل 5 أيام وبدأت عمليات البحث والتحري عنها، ولا تزال التحقيقات مستمرة حتى الآن بالتنسيق مع أهل المخطوفة، لمعرفة أفراد العصابة الإجرامية ومحاسبتهم