المدينة القديمة في جبلة… حاضرة أثرية وشاهد على تاريخ موغل في القدم

اللاذقية-سانا

يشكل النسيج العمراني والمعالم الأثرية لمدينة جبلة القديمة التي تعد من أقدم المدن على الساحل السوري شاهداً على تراث وتاريخ هذه المدينة الموغل في القدم والحضارات التي توالت عليها بدءاً من العصر الفينيقي مروراً بالعصر الروماني والبيزنطي.

وقد تركت هذه العصور بصماتها على مختلف معالم المدينة القديمة المعمارية كالمدافن الفينيقية على شاطئ البحر ومسرحها الروماني إضافة إلى المدينة القديمة بما فيها من جوامع وحمامات وبيوت سكنية متميزة وما يحيط بها من تلال ومواقع أثرية بقي الكثير من آثارها دفيناً ينتظر الكشف عنه وإظهار معالمه ومنه تل المصيطبة وتل التويني وتل سيانو وغيرها.

وأشار مدير دائرة الآثار والمتاحف في جبلة الدكتور مسعود بدوي لمراسلة سانا إلى أن المدينة القديمة المسجلة ضمن المدن التراثية والتاريخية في المديرية العامة للآثار والمتاحف بوزارة الثقافة بالقرار رقم 125 لعام 1998 تقع في الجهة الغربية من مدينة جبلة بمساحة تقدر بـ 16 هكتاراً وتقسم إلى حي الصليبة شمالاً وحي الجامع في الجهة الجنوبية والشارع القاسم المتجه من الشرق إلى الغرب باتجاه الميناء.

وأوضح بدوي أن مخطط المدينة القديمة يتبع المخطط الشطرنجي الذي يبدو واضحاً في القسم الجنوبي “في حي الجامع” وكان قائماً في العصرين الهلنيستي والروماني بينما تتوزع حول الشوارع الرئيسة للمدينة الأزقة والمباني ذات الطابع الديني والمدني إضافة إلى الأسواق الواقعة في الجهة الشمالية الشرقية كسوق الخياطين والحدادين وسوق البيض وهو الرئيسي ضمن المدينة وسوق الصاغة حيث تتميز أسواقها بأزقتها وأقواسها إضافة إلى شهرتها ببعض العادات والتقاليد كصناعة السكاكين وصناعة الأحذية إضافة إلى أنها تعد مدينة مرفأية مشهورة بصيد الأسماك.

وتتوزع الأحياء السكنية والمباني الإدارية والدينية في الجهة الشمالية الشرقية كالمساجد ومنها جامع المنصوري جنوباً وجامع السلطان إبراهيم خارج المدينة وقبة العمر وحمام السلطان إبراهيم الواقع في الجهة الشمالية الشرقية على حدود المدينة ويتم حالياً تأهيله ليقدم خدماته كحمام فقط.

ولفت بدوي إلى أن الأبنية يغلب عليها الطابع المملوكي ويعود تاريخها إلى نحو 700 سنة وبعضها يعود إلى القرن العاشر والحادي عشر الميلادي ومن أهمها مبنى السرايا القديم وهو مبنى لإدارة الآثار حالياً ويتم تأهيل القسم الأرضي منه ليكون متحفاً وطنياً لمدينة جبلة فيما يغلب على المنازل الواقعة في شارع المفتي الطراز المعماري الشرق متوسطي ولها طابع خاص ومميز ومحاطة بسور يعود إلى العصر الروماني ما زالت آثاره واضحة ولها أبواب عدة في الجهة الشمالية هي باب السلطان وفي الشرق بوابة حماة وبوابة العزة والزيوة وحارة المريج كما توجد في المدينة خانات مثل خان بيت عامر في الجهة الشمالية الشرقية مقابل مسرح جبلة الروماني.

من جهتها أشارت المهندسة إسراء ليلى رئيسة مكتب حماية مدينة جبلة القديمة إلى الجهود المبذولة للحفاظ على التراث العمراني للمدينة القديمة واستثمارها في مجال السياحة الثقافية من خلال الحفاظ على المواقع والمعالم والمدن التاريخية والحرف التقليدية والسعي بالتعاون بين جهات القطاعين العام والخاص لوضع استراتيجية تطويرية لتعزيز التراث الثقافي والاستفادة من الموارد السياحية في دعم جهود الحفاظ على المدينة القديمة وإعادة إحيائها عبر تأهيل المباني والساحات وغيرها من العناصر التاريخية للمدينة بما يخدم تطوير السياحة وتعزيز البنى السياحية التحتية.

وتعد مدينة جبلة التي تقع على ساحل المتوسط منطقة حضرية سريعة النمو وعدد سكانها ليلاً 80000 نسمة أما نهاراً فيزيد على 120000 نسمة وتشكل مركزاً خدمياً ووظيفياً رئيساً للمناطق الريفية المحيطة وحازت على اهتمام المؤرخين القدامى والمعاصرين.

مارينا قبو