المغتربة نسرين زريق.. سراج مضيء لأبناء الوطن في دجى الغربة الحالكة

بيروت-سانا

تمكنت الشابة نسرين زريق بعد اغتراب طويل عن الوطن من أن تستعيد بعضا من مشاعر المواطنة الدافئة عبر تكريس جل جهدها ووقتها لمساعدة السوريين الوافدين إلى لبنان حيث تعيش منذ سنوات طويلة ونظرا لما قدمته الشابة المغتربة من جهود تكاد تكون جبارة بكل معنى الكلمة فقد باتت زريق مقصدا لكل متضرر ضاقت به السبل هناك ما جعل منها انموذجا اغترابيا مشرقا للشباب السوري في الخارج ممن يجسد في كل لحظة عمق انتمائه لسورية الأم ولأشقائه في الوطن.

حول تجربتها التطوعية ذكرت زريق خلال حديث لنشرة سانا الشبابية أنها انطلقت في عملها الاغاثي اول الامر كتعويض عن غربتها الطويلة عن الوطن الذي تشتاق إليه وتفتقده في كل لحظة ولذلك كانت مساعدة السوريين الوافدين إلى لبنان بمثابة محاولة للتواصل بطريقة ما مع بلدها وأهلها.

وأضافت.. سعيت إلى تقديم كل دعم مادي ومعنوي ممكن فشاركت في توزيع ملابس الشتاء الصوفية لعشرات النساء والأطفال السوريين ممن يعانون ظروفا حياتية قاسية ولاسيما خلال العاصفة الثلجية الأخيرة كما وفقت إلى تأمين مأوى لسكن ستة وعشرين سيدة مع أطفالهن دون سن الرابعة عشرة في عدد من الأديرة إلى جانب تقديم الطعام لمن يحتاجه وتسديد نفقات التعليم للعديد من الأطفال السوريين بالرغم من التكاليف العالية للتعليم في لبنان.

وذكرت أن التكاليف المادية لأعمال من هذا النوع تعتبر باهظة جدا لكنها تتمكن في كل مرة من سدها بفضل مساعدة الأهل والأصدقاء والأقرباء ممن يتلهفون لمساعدة اخوتهم الوافدين مؤكدة أنها نسقت أكثر من مرة مع مجموعات وفرق أهلية داخل سورية لمشاركتهم في أعمالهم الإغاثية الموجهة للشرائح المتضررة وبالفعل حدث أن استفاد الوافدون إلى لبنان من هكذا جهود كما في حملة دفانا محبتنا التي شاركت فيها زريق ووزعت من خلالها الكثير من مستلزمات الشتاء على السوريين المحتاجين في بيروت.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد عملت زريق على تأمين عمل لبعض النسوة في لبنان إلا أن شروط التشغيل كانت صعبة إلى حد ما وتتطلب مؤهلات محددة تفتقر إليها الكثير منهن ولاسيما اتقان اللغة الأجنبية وعلى الرغم من العراقيل الكثيرة فقد تمكنت الشابة المتطوعة وبعد بذل الكثير من الجهد في تأمين فرص عمل لبعضهن في دمشق مؤكدة أن سورية هي ميناء امان بالرغم من الحرب الكونية التي تتعرض لها.

و لفتت زريق إلى أنها قامت بتنفيذ أول مبادرة لها خلال عام 2012 على نحو فردي وذلك من خلال تسديد نفقة التعليم لثلاثة أطفال في مدرسة ببيروت إضافة إلى عدد من المبادرات الفردية الأخرى والتي تظهر عمق الانسجام بينها وبين هؤلاء الوافدين وهو ما ولد ثقة كبيرة بوعودها من قبلهم.

وأكدت أن غالبية السوريين المغتربين خارج سورية يعملون على العديد من المبادرات المماثلة لاغاثة اشقائهم في الوطن ممن اضطرتهم الظروف الراهنة إلى الخروج من البلد حيث برهن الشباب السوري على سعة تفكيره ورحابة صدره وروح الايثار لديه مثبتين للعالم بأسره قيم الاخاء والتلاحم والمحبة التي تجمع بين بعضهم البعض حتى في أشد الظروف قهرا وقسوة.

أما الأهم بالنسبة لها فهم الأطفال السوريون حيث تعتبر زريق أنهم الهدف الأول لجهودها باعتبارهم مستقبل سورية وبالتالي فإن رعايتهم هي مسؤولية جميع السوريين وخاصة أن من حقهم العودة للام سورية لانها في نهاية المطاف خير من تعلمهم وتساعدهم وتفتح ذراعيها لهم يوم عودتهم كما تفعل مع كافة ابنائها المغتربين في كل بقاع الأرض.

وكانت زريق قد توجهت بالشكر والامتنان لأصحاب المبادرات الخلاقة من الشباب السوري الساعي في ذات الاتجاه ليتأكد يوما بعد آخر المعدن الثمين للسوريين والذي يتجلى في الأزمات مؤكدة أن الإنسان الحقيقي هو من يبادر إلى أي عمل تطوعي بهدف تعزيز ثقافة المشاركة مع الآخر وإيمانا منه بالعمل بأن العمل التطوعي هو نعمة بحد ذاته لما يمنحه من سلام داخلي للقائمين عليه.

تمام الحسن