الشريط الإخباري

قلق التشاور ورعب الحل!!

قفزت مفردات الحل السياسي في سورية  إلى صدارة “قائمة عناوين الرعب”، التي تعصف هذه الأيام بأعصاب المتنازعين على كعكة الاستثمار بآلام وأوجاع الشعب السوري، ويبدو أن ثمة معطيات بدأت ترحّل نفسها من خانة الظنون إلى ميدان الحقائق، التي أملت طريقة اللعب على المكشوف من قبل مختلف حاملي الأجندات السوداء لسورية، بمجرّد الإعلان عن التحضير للقاء موسكو التشاوري..

ولم يكن من الصعب على أي متابع تلمّس تجليات حالة الهلع التي استحكمت بهؤلاء وبتواتر متصاعد مع اقتراب “ساعة صفر” اللقاء، ففي “إمطار قذائف وصواريخ الإرهاب المنهمرة على دمشق” رسائل واضحة الفحوى، كنا على يقينٍ من مضامينها حتى قبل أن تصل، لأنها نتائج متوقعة، وليست مقدّمات.

ولعلنا الآن أمام حصيلة أشبه بالدراماتيكية لمتوالية ارتباك معلن إزاء الملف السوري، سجلتها الأيام الأخيرة قبيل لقاء موسكو، فمسلسل الهذيانات يشرح هواجس المتنازعين، كلٌّ على قاعدة مصالحه، التي لا تتفق مع مصالح شركائه في تصدير الموت والدمار إلى سورية.

الإسرائيلي فاضت مخاوفه المتعددة المسارات من بوابة القنيطرة، وقامر بحماقة يستعد الآن لدفع ثمنها وتؤرقه كثيراً معرفة طريقة التسديد.. لكنه يترقب.

والتركي كانت ردة فعله تقليدية عبر استطالات مجسّاته السامة في الداخل السوري، وتسعير نزعاتها الدموية، فهو أمام مأزق مزدوج شطره الأول في القاهرة، التي احتضنت محاولة ألد أعدائه، وحليفه القطري، لمقاربة حل في سورية على طريقةٍ ما، والشطر الثاني في موسكو التي لم تكترث كثيراً لرغباته، وفي كلا العاصمتين صفعة مدوية لأنقرة تتوعّد الأخيرة بسحب البساط نهائياً من تحتها ولفظها خارج المضمار السوري بكل ما يعنيه ذلك من تقويض لأحلام فتى آل عثمان وتهويماته الخارجة على كل أدبيات هذا الزمان ومفرداته واستحقاقاته!.

أما السعودي فأطل من النافذة اليمنية ليلقي بورقته فوق سابقاتها من الأوراق المختلطة، ويحرق مراكب الحل هناك، ويقطع الطريق على أي تفاهمات يمكن أن تكون توطئة تخدم مسارات الحل في سورية.

في عموم المشهد يبقى علينا أن نراقب ردود فعل الأميركي، الذي بدا واضحاً أن خياراته، التي أملتها مصالحه، تتلقى ضربات صريحة من حلفائه، بل أدواته، التي لم تعد طيّعة، وعوّمت مصالحها على مصالحه، هو الذي صمتَ صمت الموافق – ولو ظاهراً – على مساعي موسكو بشأن الحل السياسي في سورية، ويجهد لإيجاد صيغة ما ينجز عبرها اتفاقاً مع إيران: فقد صفعه الإسرائيلي علناً على الطريق المؤدية به إلى حيث هكذا توافق في المسار السوري، وذات الصفعة تلقاها من السعودي في المسار اليمني، إلى جانب التمرد التركي، والذي لم يعد خافياً، ووصل إلى حد الاستفزاز اللفظي والسخرية من المسؤولين الأمريكيين بعد كل زيارة لأنقرة ومصافحة مع “السلطان”، وحسبنا ألّا يكون منتهى مطالب ومساعي البيت الأبيض الآن هو “سلّة بلا عنب”، بعد عبرة ارتدادات الإرهاب إلى المضمار الأوروبي، والبداية التي كانت من فرنسا، وأُتبعت بوعيد انتشار لم يستثن الولايات المتحدة الأميركية.

اليوم ذاهبون نحن إلى اللقاء التشاوري في موسكو لأننا لم ندّخر يوماً فرصة للحل السياسي، لكننا ندرك، كسوريين فرداً فرداً، أن الحل هنا على طاولات الحوار السوري– السوري لمن أراد حواراً، وهنا أيضاً في الميدان العسكري، حيث تختلط جنسيات المستثمرين في صناعة الموت، ولا لغة يمكن أن تفضي إلى الهدف إلّا لغة السلاح.

هنا ميدان الرد على عدوانات “إسرائيل”، وهنا مسرح “بتر يد” السارق السعودي الذي سطا على أمننا، وهنا سيجري تطويق “القطعان الهائجة” التي أطلقتها واشنطن نحونا، وهنا سيقتنع من لم يقتنع بعد بالحكمة التي تقول: ما حك جلدك مثل ظفرك.

ناظم عيد