السويداء-سانا
يشكل المشروع الذي تعمل عليه حاليا مجموعة داون تاون الشبابية في السويداء تحت عنوان “تاون سينما” خطوة مهمة على طريق دعم الشباب الفني الموهوب وتمكينه بمهارات الانتاج السينمائي من ناحية كتابة السيناريو والتصوير والإخراج حيث يأتي المشروع الذي أسفر حتى الآن عن مجموعة من الافلام المتميزة في إطار تطوير برنامج سابق اقامته المجموعة بهدف نشر ثقافة سينمائية جادة في اوساط الشباب المتعطش لفرجة راقية في ظل نقص صالات العرض وقصور برامجها عن تقديم ما يشبع ظمأ هذه الشريحة من النتاج الحديث و المتميز للفن السابع.
وكان المشروع قد انطلق بداية من خلال تنظيم مجموعة من العروض السينمائية في المقاهي العامة بغرض عرض افلام هادفة تنهض بذائقة الجمهور الفني حيث اشار حسام ابو الخير من مؤسسي المجموعة إلى أن الفريق سعى سابقا الى تفعيل هذه المبادرة باستخدام نظام داتا شاور المؤلف من شاشة عرض وبرجكتور ليتطور في مرحلة لاحقة إلى حيز إنتاج أفلام قصيرة من قبل الشباب السينمائي الجديد.
وأضاف أبو الخير ان هذه المبادرة جاءت بعد طرح الفكرة من قبل المخرج وليد العاقل وهو أحد أفراد الفريق الذي ساهم في تزويد كادر المجموعة الشبابي بعدد من الخبرات والمعارف الاساسية حول فنون التصوير والإخراج والمونتاج وكتابة النصوص السينمائية ليتمكن الشباب من الانطلاق في مشاريعهم الابداعية على هذا الصعيد.
بدوره اوضح المخرج وليد العاقل أن المجموعة تحمست للفكرة بصورة مذهلة لدى عرضها فبادر الشباب الموهوب في الفريق الى خط مرتسماتها على الارض عبر مجموعة من الافلام السينمائية القصيرة التي تم عرضها مؤخرا ضمن مشروع شغف الثقافي الذي تتبناه مديرية الثقافة في السويداء متجاوزين الصعوبات المادية والتقنية التي واجهتهم و كان من شأنها ان تعرقل طموحاتهم الابداعية لولا ما تحلى به الشباب من إرادة وصبر ومثابرة في العمل.
وتمكنت المبادرة كما لفت المخرج العاقل من ضم باقة من التجارب الابداعية الأولى لأصحابها والتي أفسحت أمامهم المجال للتعبير عن أنفسهم وعرض افكارهم عبر كتابة السيناريوهات الخاصة بأفلامهم مؤكدا على أهمية هذا الفعل النوعي في ظل الظروف الراهنة تحديدا لما تنطوي عليه من رسالة تؤكد على تمسك الشباب السوري بحبه للحياة ورؤيته المتفائلة للمستقبل.
وقال.. من خلال هذا التجربة تمكنت المجموعة من عرض منتج فني راق بأبسط الأدوات والتكاليف وحاليا بدأت الفكرة تتبلور لدى الشباب شيئا فشيئا حيث سيعملون على تطويرها في الأيام القادمة وخاصة أن المحافظة تحوي الكثير من الطاقات الخلاقة في اختصاصات فنية متعددة.
وكانت الأفلام القصيرة التي تم إنتاجها من قبل شباب المجموعة قد نقلت جملة من الموضوعات الاجتماعية والشبابية التي تحاكي الواقع ففي فيلم ذاكرة الرماد بطولة الفنان مروان أبو شاهين والفنانة جهينة نعيم تسلط فيه الكاتبة حنان أبو فخر الضوء على نظرة المجتمع للأرامل والمطلقات وحقوقهم الاجتماعية المسلوبة.
وذكرت أبو فخر أنها انطلقت بفكرة عملها الاول من حالات موجودة حولها في المجتمع فعملت على كتابة النص وإخراجه حسب رؤيتها تحت اشراف المخرج العاقل الذي شجعها على تحويل فكرتها لنص سينمائي بعد رفدها بمبادئ وأسس العمل الاخراجي.
كذلك تضمنت الباقة السينمائية فيلما بعنوان ميلاد حلم وهو من بطولة عدد من الشباب الموهوب حيث تلقي فيه الكاتبة والمخرجة الشابة رغدة مرشد الضوء على جانب مظلم من الأزمة السورية متمثلا بخسارة الكوادر الأكاديمية عبر استهداف المجموعات الإرهابية المسلحة للجامعات والمدارس مهدية عملها لشهداء كلية العمارة الذين طالتهم يد الغدر وهم على مقاعد الدراسة.
وأوضحت مرشد أن هؤلاء الطلاب الشهداء الذين اخذتهم يد الغدر كانوا حلما مخبئا لمستقبل الوطن مشيرة إلى أهمية هذه التجربة التي فتحت أمامها الطريق لقادمات الأيام.
أما الشابة حنين ابو لطيف التي انتجت فيلم دمية وربطة عنق فترى في هذه التجربة خطوة جديدة بالنسبة لها على صعيد كتابة السيناريو والتصوير والإخراج والمونتاج مشيرة إلى أن الكتابة في المجال السينمائي هي فن نوعي يتطلب ثقافة مغايرة واساليب مختلفة لما يمتلكه الشباب عادة في مجال الكتابة الادبية و لذلك فإنها تعتبر هذه التجربة رصيدا مهما تزهو به وستعمل على تطويره في المرحلة القامة.
من ناحيته بين منصور حرب هنيدي مدير الثقافة في المحافظة أن هذا المشروع هو مثال مشرق عن جدوى العمل التطوعي والتفاعل بين المؤسسات الرسمية والمجموعات الأهلية الشبابية ويعد تجربة جريئة كون الخوض في إنتاج أفلام سينمائية يتطلب تكاليف كبيرة وبالتالي تحسب المبادرة للقائمين عليها ممن تمكنوا من تقديم منتج فني متميز بتكاليف متواضعة.
ورأى هنيدي أن الأفكار المقدمة في هذه الأعمال جيدة مع وجود بعض الملاحظات عليها والتي تعزا اسبابها الى ضعف الإمكانيات المادية منوها بأهمية هذا الفعل كونه قائما على ايدي مجموعة من الهواة المهتمين بالشأن الفني ولذلك فقد تم إدراج هذه الافلام لتعرض دوريا في إطار فعاليات مشروع شغف الثقافي الذي يسعى لتشجيع الحالة الثقافية والتبادل المعرفي مبديا استعداد المديرية لفتح أبوابها لكل التجارب والمواهب والمبادرات الشابة الخلاقة.
يذكر أن الأفلام المنتجة ضمن المبادرة تمت بإشراف مجموعة من الفنانين والاعلاميين الداعمين لفكرتها بالاضافة إلى وجود جهات دعمت العملية الانتاجية بينهم شركة راما للإنتاج الفني والشركة العالمية للكهرباء وشركة سينما بلانت والنادي السينمائي ومديرية الثقافة والمركز الإذاعي والتلفزيوني في السويداء.
عمر الطويل