الشريط الإخباري

محمد العبد الله: الترجمة جسر يربط ثقافات العالم على اختلافها

دمشق-سانا

ألم المترجم محمد العبد الله بالحركة الثقافية من خلال عمله في العديد من المؤسسات واطلع على ثقافات مختلفة فأغنى موهبته بالترجمة ما جعله يعكف على ترجمة كثير من الكتب والمؤلفات الانكليزية الهامة والتي تأتي بتطلعات وأفكار جديدة تخدم ظاهرة الثقافة والمثاقفة.

وأكد العبد الله لسانا الثقافية أن الترجمة لا تندرج ضمن الأجناس الأدبية المعروفة وإنما هي عملية نقل من لغة إلى لغة أخرى لهذا فالمترجم قد ينقل رواية أو عملا مسرحيا أو نصا شعريا إلى لغة غير لغته فبالترجمة نتعرف الى  الأجناس الأدبية للثقافات الأخرى وهي بهذا ليست جنسا أدبيا لكن لا بد من الإشارة إلى أن الترجمة تتقاسم مع الآداب الأخرى حالة الإبداع وهي ليست انصياعا للنص الأصلي فالمترجم يتدخل بكثير من خبراته لتقديم النص بشكل أمين وملائم.sana

ورأى أن الترجمة كانت ولاتزال الجسر الذي يربط ثقافات العالم وأفكاره وعلومه على اختلافا فلولا الترجمة لعشنا جميعا في جزر معزولة تماما ومن خلالها اطلعنا على الفلسفة الإغريقية والحضارة الأوروبية والهندية وتعرفنا إلى عادات الشعوب وثقافاتها واليوم في عصر العولمة والتسوق الالكتروني أخذت الترجمة بعدا وأهمية إضافية فهناك الكثير من الكتب تصدر في وقت واحد بلغات مختلفة وبلدان متباعدة وما كان لهذا التسوق أن ينتشر لولا الترجمة التي تعرض السلع على المواقع الالكترونية بلغات عديدة .

وأعرب العبد الله عن اعتقاده بأن الأدب المترجم لنا يطغى على الأدب العربي خاصة أن ما يترجم إليه يعد قليلا بالمقارنة مع ما يترجم إلى الآداب الأخرى فقد دلت الدراسات أن مجموع ما ترجم من العصر الأندلسي حتى الآن لا يتجاوز عشرة آلاف كتاب وهو “ما تترجمه إسبانيا وحدها خلال عام” مع هذا فالأدب المترجم يبقى مترجما وله خصوصيته وإن كان هناك إقبال شديد على شراء الكتب المترجمة في معارض الكتاب التي تقام في الوطن العربي وبخاصة الرواية.

وأضاف أن الترجمة يمكن أن تعطي دفقا إضافيا للحركة الأدبية وأن ما كتب في منعطف القرن الماضي في أوروبا على سبيل المثال من روايات ومسرحيات وشعر كان له عظيم الأثر في تطور الحركة الأدبية في أدبنا العربي  كظاهرة الخروج عن الشعر الخليلي العمودي معتبرا أن شعر التفعيلة ما كان ليظهر لولا ترجمة النصوص الشعرية لكتاب أمثال كيتس وبايرون ووردسورث وغيرهم.

وتابع لقد جاءت رواية يولسيس على سبيل المثال لجيمس جويس لتشكل ثورة في عالم القص الحديث ورواية الشيخ والبحر لهمنغواي وتاجر البندقية أو هاملت لوليم شكسبير بالمقابل فمعظم روايات نجيب محفوظ ترجمت إلى اللغات الحية بعد حصوله على جائزة نوبل للآداب عام 1988.

وأوضح العبد الله أنه لابد من التفريق بين الترجمة الأدبية والترجمة العلمية  ففي الترجمة العلمية مهم جدا أن نتقيد بحرفية النص لأنه لا يوجد في هذه النصوص خيال أو تداعي أفكار أو حالات هذيان أو ما شابه ذلك  أما في الترجمة الأدبية فإن الأمر يختلف كليا فالمترجم اليوم يقع بين الإبداع والانصياع للنص فيجب أن يوفق المترجم بين الأمانة للنص الأصلي والصياغة الإبداعية التي تشعر القارئء أنه يقرأ نصا بلغته الوطنية وهذه المعادلة حقيقة يصعب تحقيقها بشكل كامل فإما أن تكون أمام ترجمة حسناء قد يكون فيها إضافات بعيدة عن الأمانة أو ترجمة تصل إلى درجة الأمانة إلا أنها خالية أحيانا من الجماليات .

ورأى العبد الله أن ما ينشر من ترجمات في الصحف والدوريات المحلية لا يزال دون الطموح فما ينشر من ترجمات أدبية وسياسية وغيرها لا يزال قليلا  ففي صحفنا ومجلاتنا تجد زاوية صغيرة خصصت للصحافة العالمية أو الثقافة العالمية وتكون غالبا في الصفحات الداخلية وفي القسم السفلي من الصفحة.

وأكد على حاجة الصحافة إلى نقل ما يكتبه المحللون والصحفيون وبخاصة إذا كان الأمر يتعلق بثقافتنا وهويتنا  فما تكتبه الصحافة العالمية كثير ومن اهمها ما ينشر من مخططات ومشاريع استعمارية لكن نحن لا نقرأ ولا نترجم فكل ما يكتب في مجلة الشهباء الثقافية التي تصدر عن مديرية الثقافة بحلب كوني عضو هيئة تحرير فيها تم تخصيص أربع صفحات في كل عدد للثقافة العالمية وهي في الغالب مقال مترجم يتناول دراسة في كتاب صدر مؤخرا أو خبر ثقافي جدير بالنشر.

وعن دور الصحافة الثقافية تحدث العبد الله مشيرا إلى أنها تخاطب شريحة محددة من المجتمع هي شريحة المثقفين ولا بد لهذه الصحافة أن تقدم ما هو مفيد ومتميز على الصعيد الفني والأدبي فصحفنا الثقافية تعاني من المجاملات الأدبية وهي آفة تصيب الصحافة والمؤسسات الإعلامية فما يكتب في صحفنا ومجلاتنا لا يخضع لمعايير الجودة والإتقان فكثير منه مبتذل ومكرور ومقتبس دون الإشارة إلى النص الأصلي.

ولفت إلى ضرورة وضع معايير صارمة وإفساح المجال أمام المثقفين والكتاب الشباب ليكون لهم الدور الأكبر في دفع الحركة الثقافية والأدبية إلى الأمام فثمة كتاب ومبدعون لديهم قدرات ونتاجات إبداعية متميزة ويحصلون على جوائز عربية وعالمية قيمة دون أن ينشر لهم صفحة واحدة في الصحف المحلية بالمقابل تجد الكثير من أشباه الكتاب يتصدرون الصحف المحلية بكتاباتهم المتواضعة ويفسح لهم فرصة الظهور على شاشة التلفاز والحديث عن الحركة الثقافية في سورية دون أن يكون لهم أي مشاركة خارج حدود المدينة التي يقيمون فيها.

وختم بالتأكيد على ضرورة وضع إستراتيجية ثقافية لجميع المؤسسات الثقافية والإعلامية وأن يفسح المجال أمام الكتاب الشباب ليقولوا ويقدموا ما عندهم من إبداعات وأن يعاد النظر بالمكافآت المالية التي تمنح للكتاب وأن تبادر المؤسسات الثقافية والإعلامية إلى الإعلان عن جوائز ثقافية في مجال القصة والشعر والمسرح والترجمة تكون محفزا لهم للمزيد من الإبداع والعطاء.

والمترجم محمد العبد الله عمل رئيسا للمركز الثقافي في منطقة الباب كما ساهم بإغناء الحركة الثقافية بمحافظة حلب وهو عضو هيئة تحرير مجلة الشهباء الصادرة عن مديرية الثقافة بحلب ومن ترجماته رواية الصدع و مسرحية الحجرة و ضوء القمر و من الرماد إلى الرماد و سيناريو المحاكمة المقتبس من رواية المحاكمة للكاتب العالمي فرانز كافكا، ومسرحيته الأخيرة الحفلة.

محمد الخضر -ميس العاني