باريس- سانا
بعدما دعمت الإرهابيين وسلحتهم وتغاضت عن تجنيدهم وإرسالهم إلى سورية بدأت ارتدادات جرائم الإرهابيين تدخل عقر دار داعميه وعلى رأسهم فرنسا التي دفعت سلطاتها ممثلة برئيس حكومتها لإعلان دخولها ما تسميه حالة “حرب” ضد الإرهاب من خلال استنفار الآلاف من عناصر شرطتها وأجهزتها الأمنية لملاحقة منفذي الاعتداء الإرهابي على أسبوعية “شارلي إيبدو” وسط باريس.
وبهذا الصدد اعترفت الحكومة الفرنسية عبر رئيس حكومتها مانويل فالس اليوم بارتدادات السياسة الفرنسية الداعمة للإرهاب في دول أخرى على أمن فرنسا بعد الاعتداء على أسبوعية شارلي إيبدو قبل يومين إذ تشهد مناطق فرنسا أحداثا أمنية متنقلة إلا أن رئيس الحكومة الفرنسية لم يحدد ماهية “الإرهاب” الذي أعلن حالة “الحرب” ضده وفيما إذا كان من يحمل صفة الإرهابي هو من يستهدف أمن بلاده وشعبها فقط فيما يتم تشجيعه ودعمه عندما يطول أمن سورية.
وفي سياق التداعيات الامنية المتنقلة في فرنسا أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن قتيلين على الأقل سقطا في إطلاق نار خلال عملية احتجاز رهائن شرق باريس خلال مطاردة المشتبه بهما بتنفيذ الاعتداء الإرهابي على أسبوعية “شارلي ايبدو”.
وكانت الداخلية الفرنسية أقرت بارتفاع نسبة سفر الإرهابيين إلى سورية بمقدار 116 بالمئة مقدرة عدد المنخرطين الفرنسيين في صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق بحسب ما نشر موقع فرانس إنفو بأكثر من 1200 شخص.
كما أوضحت الوكالة الفرنسية بأن المشتبه بهما في الهجوم على الصحيفة الفرنسية يحتجزان رهينة واحدة على الأقل حيث تقوم الشرطة بملاحقتهما بعدما أبلغها سكان محليون فى بلدة دامارتان أون غويل بمكان وجودهما لافتة إلى وقوع إطلاق نار متبادل خلال الملاحقة الجارية على الطريق السريع /ايه 2/.
وكان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف ذكر بدوره في وقت سابق بأن شرطة باريس تحاصر المشتبه بهما بتنفيذ الهجوم على صحيفة شارلى ايبدو في أحد المعامل شمال شرق العاصمة باريس.
وتحدثت مصادر متطابقة عن تجنيد 80 الف شرطى فرنسى لملاحقة المشتبه بهما اللذين اعلنت الشرطة الفرنسية فى وقت سابق أنها رصدت مكان وجودهما ويدعيان سعيد كواشى 34 عاما وشقيقه شريف 32 عاما شمال شرق باريس وشرعت بمطاردتهما.
وقال كازنوف لوسائل الإعلام عند خروجه من اجتماع أزمة فى قصر الرئاسة الفرنسية.. إن “عملية تشارك فيها قوات النخبة والدرك جارية الآن”.
وتشير معلومات صحفية أمريكية وأوروبية إلى أن أحد المشتبه بهما المدعو كواشى دربه عناصر تنظيم القاعدة الإرهابى في اليمن بينما لفتت المصادر الفرنسية القريبة من التحقيقات إلى أن المذكور أقام في اليمن عدة اشهر تدرب خلالها مع تنظيم القاعدة.
وكان كازنوف أقر في ايلول الماضي أن عدد المتطرفين الفرنسيين الذي انضموا إلى التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق زاد بنسبة 74 بالمئة خلال العام 2014 بينما اعترف فالس نفسه عندما كان وزيرا للداخلية بحكومة سابقة بتزايد أعداد الإرهابيين الفرنسيين في صفوف التنظيمات الإرهابية المسلحة في سورية بما فيها “داعش”.
بدورها نقلت شبكة سي إن إن الأمريكية عن مصادر أمريكية وغربية استقت معلوماتها من الاستخبارات الفرنسية قولها.. إن المحققين الفرنسيين عثروا على عبوات فارغة وعبوات مليئة بالبنزين داخل السيارة التى كان يستخدمها المشتبه بهما مرجحة أنهما كانا يعتزمان صنع قنابل بدائية لاستخدامها فى شن هجمات جديدة.
وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اعترف في تصريحات نشرت منذ أيام بأن بلاده قدمت قبل عدة أشهر أسلحة وعتادا للإرهابيين في سورية صنفهم تحت مسمى “معارضة معتدلة” مؤكدا بذلك إسهام فرنسا بدعم الإرهاب في سورية وتمدده إلى المنطقة.
من جانب آخر أشار المحققون الفرنسيون إلى وجود علاقة بين منفذي الاعتداء على مجلة شارلي إيبدو الذي أوقع 12 قتيلا يوم الأربعاء الماضي والشخص الذي أطلق النار على مطعم في مونروج جنوب باريس أمس وأدى إلى مقتل شرطية.
وحاولت الشرطة حتى وقت قصير إبعاد الصلة بين الحادثين رغم تكليف قضاة متخصصين في مكافحة الارهاب من نيابة باريس التحقيق في الهجوم الذي أدى إلى مقتل شرطية متدربة وإصابة موظف في البلدية إلا أن مصادر قضائية أكدت “وجود علاقة من آخر تحريات التحقيق” دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
ووقع إطلاق الرصاص في “مونروج” صباح أمس بعد 24 ساعة من الاعتداء على /شارلي ايبدو/ حيث كان مطلق الرصاص يرتدي سترة واقية من الرصاص وبحوزته مسدس وبندقية رشاشة واستهدف الشرطية في مبنى البلدية ما إدى إلى مقتلها وإصابة أحد موظفي البلدية قبل أن يلوذ بالفرار.
وتجمع التقارير الميدانية على أن الاختراقات الأمنية المتعددة التي تشهدها باريس وضواحيها تؤكد أخطار تفشى ظاهرة الإرهاب التكفيرى والتي تشكل تهديدا للاستقرار والأمن فى كل أرجاء العالم كما تظهر الحاجة الماسة لتبني سياسات جادة تؤدي إلى توحيد الجهود للقضاء على آفة الإرهاب التكفيري والتي تستهدف كل الشعوب بمختلف انتماءاتها وألوانها.