دمشق-سانا
يعد الخيل العربي الأصيل من أقدم سلالات الخيل في العالم فالوثائق التاريخية ترجع اصول الخيول العربية إلى 7000 سنة مضت وهي تمتاز بامتلاكها عظاما قوية ودما أصيلا وفق رأي المختصين كما أنها تعتبر الأكثر حضورا حاليا بسباقات ركوب الخيل.
وتولي سورية اهتماما كبيرا بالخيل العربي وسلالاته حيث تم إحداث مكتب خاص لذلك في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي عام 1994 سمي “مكتب الخيول العربية الأصيلة” وفقا لتصريح معاون وزير الزراعة المهندس أحمد قاديش لمندوبة سانا مبينا أن من أهم مهام المكتب الحفاظ على هذه الثروة الحيوانية وتطوير سلالتها من خلال عدة إجراءات.
الإجراءات التي تم تنفيذها على مدار السنوات الماضية في سورية للحفاظ على الخيل العربي وتطوير سلالته تضمنت إصدارات لـ “كتب الأنساب” والتي وصل عددها إلى 15 كتابا إضافة إلى جوازات سفر باللغتين العربية والانكليزية وأخذ عينات الدم أو الشعر ووشم الخيل بعد التأكد من نسبه وإقامة النشاطات والسباقات المختلفة إضافة إلى تقديم الإرشادات العلمية والفنية واللقاحات والأدوية البيطرية والمتممات العلفية اللازمة لهذه الخيول وإنشاء المرابط في الكثير من المناطق حسب قاديش الذي أكد أن الآثار الإيجابية لهذا الاهتمام ستظهر أكثر خلال المرحلة القادمة وخاصة بعد إنشاء العديد من المزارع الحديثة لتربية الخيل العربي وإقامة مضامير السباق إضافة إلى الاهتمام الذي تبديه الحكومة بهذه الثروة الوطنية الهامة.
وانتشرت مرابط الخيل في أغلب المحافظات كدير الزور والحسكة وحماة ودمشق وريفها وحلب وأصبح عند كل مرب ارسان يفتخر بها “والارسان هي أصول الخيول العربية وتقسم الارسان إلى عائلات” كما ذكر قاديش منوها بالتعاون بين مكتب الخيول العربية في الوزارة والمجتمع الأهلي والجمعيات المتخصصة لتنفيذ كل النشاطات والإجراءات التي من شأنها الحفاظ على هذه الثروة.
ومن ألوان الخيل الموجودة في سورية الكميت والأشقر والأحمر والعسلي والأشهب والأبيض ومن صفات الجمال لديها وجود الحجل عليها “البياض فوق الحافر” وكذلك الشية “البياض في الجبهة” وبين العينين والمنخارين واتساع الجبهة واستقامة الظهر وانتظام القوائم وتقوس الرقبة وقوة العضلات وضيق الخصر حيث أوضح قاديش أن ألوان الخيل تتفاوت اعتمادا على سلالتها وعلى أبويها.
وشدد قاديش على أهمية الخيل العربي الأصيل كثروة وطنية وفائدته من الناحية الاقتصادية وضرورة زيادة أعداده والحفاظ عليه من خطر الأوبئة والأمراض الحيوانية الفتاكة ووقايته من الإصابات التي تسبب خسائر فادحة في حال حصولها نتيجة نفوقه ونقص تكاثره وزيادة تكلفة علاجه مبينا أن ذلك يتم بتطبيق البرامج الوقائية الدورية السنوية وتحصين الخيول باللقاحات الوقائية وحسب البرامج المعتمدة إضافة إلى مكافحة الطفيليات الداخلية والخارجية وتأمين الأعلاف الغنية بالمواد الغذائية وتوفير مصادر المياه النظيفة للشرب.
وبالنسبة لوشم الخيل بين قاديش أنه عند التأكد من نسب أي خيل عربي أصيل يتم وشمه برسومات تميزه عن غيره أعلى الرقبة من الجهة اليمنى وتوجد طرق كثيرة في العالم لتمييز الخيل العربي ولكن طريقة الوشم أثبتت جدواها في سورية حيث يتم تمييز الخيل الأصيل عن غيره دون الحاجة لأجهزة خاصة وتمكن من معرفة الخيل المسروقة والمفقودة بسهولة كما أن هذه الطريقة ساعدت بالعثور على أعداد كبيرة من الخيل التي نهبت خلال فترة الحرب على سورية وإعادتها لأصحابها.
ويعد مكتب الخيل في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي الجهة الرسمية لتسجيل “الخيل العربي الأصيل” حيث يصدر جواز سفر خاص بكل رأس خيل تدون فيه كل المعلومات الخاصة به وهو عبارة عن شهادة تسجيل وهوية تعريف تبقى مرافقة للخيل اينما ارتحل ويتم تقديمها للسلطات المختصة لإثبات هوية الخيل.
ووصلت أعداد الخيل العربية المسجلة في سورية وفق إحصائيات وزارة الزراعة إلى نحو 7 آلاف رأس خيل عربي أصيل وتعتبر البادية السورية بيئة الخيل العربي الذي حافظ على نقاء دمه وصفاء نسبه وهو نتاج الوراثة والبيئة فسورية تمتلك التركيبة الوراثية للحصان العربي الذي كان له الدور الرئيس في تطوير سلالات الخيل العالمية وفق رأي المختصين في مكتب الخيل.
وعن الخيول السورية قال معاون وزير الزراعة: “هي أنقى سلالات الخيل العربي حول العالم وأكثرها أصالة وقدرة على مقاومة الأمراض والتأقلم مع صعوبة التضاريس والتكيف مع الأحوال الجوية المتقلبة وأجود أنواعها من حيث القوة والجمال واللون والتكوين الفيزيولوجي وأغلاها ثمنا بفضل العناية بسلالاتها والمحافظة على أنسابها فالعرب السوريون ولعوا بالخيل الأصيل منذ الأزل وتوارثوا الفروسية وغدت جزءا أساسيا من التراث الثقافي السوري وأحد رموز الأمة العربية وخير سفير إلى شعوب العالم”.
وبين قاديش أنه حاليا يتم تصدير الخيول العربية الأصيلة من سورية إلى لبنان والعراق فقط بسبب الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب على سورية فيما كان التصدير سابقا للكثير من الدول.
وانضمت سورية عام 1989 للمنظمة العالمية للخيول العربية في مدينة جنيف بسويسرا حيث تعتبر المزارع السورية لتربية الخيول العربية الأصيلة من أشهر المزارع في العالم لما تملكه من سلالات مشهورة تنتشر في العديد من المحافظات وكان سوق دير الزور كما وصفته الرحالة الإنكليزية الليدي “آن بلنت” أهم سوق لشراء الخيل العربي الأصيل في كل القارة الآسيوية وذلك حسب ما جاء في كتاب “دليل الخيل العربي” الصادر في سورية عام2020.
بشرى برهوم