اسطنبول-سانا
أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش التي تعنى بحقوق الإنسان أن حملة الاعتقالات التي يشنها نظام رجب طيب أردوغان ضد الصحفيين تلحق الضرر بحرية الإعلام وبحرية التعبير.
وأوضحت ايما سنكلير ويب من كبار الباحثين بشان تركيا في هيومن رايتس ووتش أن توقيت هذه الاعتقالات ومحدودية الأدلة التي تم كشفها للعامة يشيران إلى أن هذه الاعتقالات ذات دوافع سياسية ولا تستند إلى “اشتباه منطقي بارتكاب جريمة جنائية” مشيرة إلى أن وسائل الإعلام التركية أضحت مرة أخرى هدفا في المعركة السياسية التي يشنها أردوغان ضد حلفائه السابقين الموالين لخصمه السياسي فتح الله غولن.
ولفتت سنكلير ويب إلى أن اعتقال الصحفيين في ذكرى اكتشاف فضيحة الفساد التي تورط بها أردوغان ومقربون منه يدل على وجود محاولة لتشويه صورة وسائل الإعلام وترهيبها.
وشددت سنكلير ويب على أن حملة الاعتقالات تهدف إلى إسكات وسائل الإعلام الناقدة لحكومة أردوغان موضحة أن “توقيت هذه العملية يأتي بعد عام من تفجر فضيحة الفساد في 17 كانون الأول عام 2013 حيث ركزت حملة الاعتقالات المتصلة بالفساد والتهم مرة أخرى على صحيفتي توديز زمان وسامانيولو التركيتين اللتين نشرتا تقارير صحفية بشأن هذه القضايا”.
وشددت المنظمة على أن منظمات حقوق الإنسان كشفت نمطا من سوء استخدام تهم الإرهاب والتآمر في الانقلاب ضد الصحفيين ووسائل الإعلام التي تنتقد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ما أدى في كثير من الأحيان إلى احتجازهم لفترات مطولة قبل المحاكمة.
وفي السياق ذاته انتقد نادي الصحافة الوطني الأمريكي بشدة حملة الاعتقالات الأخيرة التي شنتها شرطة أردوغان والتي استهدفت وسائل إعلامية وصحفيين أتراكا معارضين لسياساته ووصفها بأنها جهود ومحاولات صريحة لتكميم الأفواه المعارضة.
ونقلت صحيفة زمان التركية عن ميرون بيلكيند رئيس النادي قوله في بيان إن على أردوغان أن يدرك جيدا وجود قلق جراء الهجوم على حرية الصحافة وأنه إذا انتقلت اللعبة إلى المؤسسات الصحفية فإنه يجب شجب وانتقاد السلطات التركية بشكل حاد على هذه الوقائع لكونها حليفا للولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة وعضواً بحلف شمال الأطلسي الناتو في الوقت نفسه.
وأعرب نادي الصحافة الأمريكي عن قلقه جراء الهجوم الذي شنته السلطات التركية على حرية الصحافة في تركيا ووصف عملية مداهمة صحيفة زمان بأنها “جهود ومحاولات صريحة لتكميم الأفواه المعارضة”.
وأوضح النادي أن عملية الاعتقال طالت ما لا يقل عن 24 شخصا مشيراً إلى وجود منتجين تلفزيونيين أيضا بين المعتقلين في الحملة.
وكان مسؤولون كبار في الاتحاد الأوروبي أدانوا أمس الاول مداهمات الشرطة التركية لمقرات وسائل الإعلام واعتقال صحفيين واصفين ذلك بأنه مناف لقيم الاتحاد الأوروبي الذي تتطلع تركيا إلى أن تصبح جزءا منه.
الاتحاد الأوروبي: المداهمات التي شنتها الحكومة التركية على وسائل الإعلام والصحفيين لا تنسجم مع قيم الاتحاد الديمقراطية
واتفق وزراء الاتحاد الأوروبي الثلاثاء على تبني موقف أكثر تشددا حيال مساعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد واعتبروا أن المداهمات التي شنتها الشرطة التركية مؤخرا على وسائل الإعلام والصحفيين لا تنسجم مع قيم الاتحاد الديمقراطية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزراء الاتحاد قولهم في بيان عقب اجتماع في بروكسل إن “المداهمات الأخيرة التي شنتها الشرطة واعتقال عدد من الصحفيين وممثلي الإعلام في تركيا تشكك في احترام حرية الإعلام التي تعتبر مبدأ جوهريا للديمقراطية”.
وأضاف البيان إن “التقدم في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد تعتمد على احترام حكم القانون والحقوق الأساسية”.
كما شدد الوزراء لهجة البيان وقالوا إن الاتحاد الأوربي “يحث” تركيا على العمل لتطبيق إصلاحات.
وذكرت مصادر دبلوماسية أن البيان الذي تمت صياغته قبل حملة القمع التي شنتها شرطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تم تعديله ليعكس الغضب الواسع من المداهمات ومن رد أردوغان الحاد على انتقادات الاتحاد الأوروبي لتلك المداهمات.
وانتقد الاتحاد الأوروبي بشدة تلك المداهمات التي جاءت بعد يومين من زيارة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديركا موغيريني ومفوض التوسيع يوهانس هان لتركيا.
أكبر تجمع لرجال الأعمال في تركيا ينتقد حملة الاعتقالات التي طالت الصحفيين المعارضين لحكومة حزب العدالة والتنمية
من جهتها انتقدت جمعية الصناعيين ورجال الأعمال الأتراك “توسياد” وهي أكبر تجمع لرجال الأعمال في تركيا حملة الاعتقالات.
وحذرت الجمعية في بيان لها تلقت صحيفة زمان نسخة منه من أن الثقة بالنظام القانوني والقضائي في تركيا خلال السنوات الأخيرة تعرضت لأضرار نتيجة “المشكلات الحقيقية التي يواجهها المجتمع التركي في القضايا السياسية التي أصبحت محور اهتمام الرأي العام ومبدأ المحاكمة العادلة”.
وأوضحت الجمعية أن تركيا عانت من “مشكلات مهمة من حيث حرية التعبير وحرية الصحافة في نظر الدعاوى القضائية بالإضافة إلى تعرض هيبة ومكانة البلاد للضرر”.
ولفتت الجمعية إلى أن التحقيقات التي انطلقت أمس تعيد إلى أجندة الأعمال التركية نقاشا وصراعا سياسيا جديدا حول حرية الصحافة والتعبير عن الرأي في البلاد مشددة على الأهمية البالغة لاتباع مبدأ استقلال القضاء وحماية حق المحاكمة العادلة والشفافية التي من شأنها طمأنة الرأي العام التركي استنادا إلى حرية الصحافة في هذه التحقيقات.
ونتيجة لحملة الاعتقالات التي شنتها قوات أمن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان ضد صحفيين معارضين تصاعد توتر العلاقات الأوروبية التركية حيث أجمع رؤساء المؤسسات الأوروبية على التعبير عن شعورهم بالقلق لما حدث مشددين على أن هذا التصرف يضع على المحك مصداقية السعي التركي للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي.
وفي هذا الصدد قال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز “قررنا تعديل جدول الأعمال ومناقشة مسألة حرية التعبير والحقوق الأساسية خلال جلسة عامة غدا” مشددا على أنه “يأخذ على محمل الجد ما حصل في تركيا”.
ونتيجة لحملة الاعتقالات التعسفية التي شنتها الحكومة التركية ضد الصحفيين المعارضين أعلن شولتز أن البرلمان الأوروبي ألغى التصويت على العديد من مشاريع قوانينه لإفساح المجال أمام مناقشة ما يحصل في تركيا.
ويشدد المسؤولون الأوروبيون على أن ضمان حرية التعبير والعمل لوسائل الإعلام المختلفة يعتبر شرطا مهما من شروط تقدم مسيرة مفاوضات الانضمام مع تركيا.
وكانت مفوضة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني طالبت سلطات اردوغان باحترام تعهداتها بشأن حرية التعبير وعمل وسائل الإعلام غير أن أردوغان طالب الاتحاد الأوروبي بأن يهتم بشؤونه ما ينذر بتعقيد أي حوار قادم حول المواضيع الخلافية المتعددة.
وشنت شرطة أردوغان أمس الأول حملة اعتقالات استهدفت وسائل الإعلام المعارضة لنظام أردوغان وشملت حملة المداهمات والتوقيفات بشكل أساسي صحيفة زمان وتلفزيون سمانيولو تي في وقناة تركيا واحدة وذلك بعد أن أسهمت مع وسائل إعلامية أخرى في الكشف عن فضيحة الفساد التي طالت مقربين من أردوغان بينهم ابنه بلال وأطاحت بالعديد من وزرائه ونواب حزبه ما أسفر عن اعتقال 27 شخصا فى اسطنبول ومدن تركية عدة أغلبهم من الصحفيين.