الشريط الإخباري

التشكيلي نزار صابور: الفنان السوري يقاوم الكارثة بالعمل والفن والجمال

دمشق-سانا

يرى التشكيلي نزار صابور أن الفن ليس هواية ولا احترافا إنما هو طريقة حياة ويدخل في كل التفاصيل اليومية للفنان ويشاركه بكل أحاسيسه وأفكاره التي تتشكل من خلال الحياة والهموم المحيطة فاللوحة كانت ومازالت معه رفيقة الدرب.

يقول صابور في حديث لـ سانا.. لا أعتبر أن عملي اليوم هو رسم فقط بل هو عمل يتطلب الكثير من التحضير والإنشاء للفكرة وللمواد المستخدمة وهذا يأخذ أوقاتا طويلة من العمل ومن ثم تخرج اللوحة للحياة بوقت قصير مبينا انه مع مرور الزمن ينمو إحساس المحاسبة القوية للنتاج لدى الفنان لذلك دائماً هو في حالة عمل ولكن الإنتاج لا يتماشى مع كم الأفكار التي تدور في فكره ما يجعله يشعر حاليا بحالة من الغنى في النتاج وامتلاك القدرة على تقديم الجديد منتقلا من مفهوم التأثير الآني للمحيط والحالة النفسية في العمل للامساك بالإحاسيس الحالية وعدم اختلاطها بغيرها.5

وعن تأثير الأزمة على عمله الفني يقول صابور.. شغلتني عدة مواضيع منذ بداية الأزمة عام 2011 فعملت مجموعة بعنوان /نعوات سورية/ لجميع المكونات السورية ومن ثم عملت مجموعة تعتمد على الدوائر بعنوان حصار مما يعكس حالة الحصار التي نعاني منها داخلياً وخارجياً.

ويضيف نفذت خلال الأزمة مجموعة من الكتب المجسمة بأفكار منوعة عددها ثلاثون كتابا كل منها يتألف من سبع أوراق خشبية وله مغلف واسم محدد فمنها ما يشبه المذكرات اليومية بعنوان /يوميات الحب والحرب/ ترافق معها عبارات مكتوبة مثل قذائف الهاون في دمشق أكثر من عصافير الدوري وقذائف هاون على كلية العمارة.. مات عدد من الطلاب.. لماذا.. وكتاب آخر بعنوان رصاص وضم عددا كبيرا من الثقوب التي تمثل الرصاص الذي اخترق حياتنا ومستقبلنا وهذه المجموعة عرضت في الكويت ولاحقا في الأردن.

ويتابع.. أعمل منذ عام ونصف على مجموعة جديدة بعنوان القلمون والتي ستعرض في الشهر الثالث في دبي وفيها أعمال كثيرة عن معلولا وسواها حيث تبرز الصخور التي تمثل طبيعة هذه المنطقة.

وعن تأثير الأزمة على الحركة التشكيلية السورية يوضح صابور أن الثقافة عموما كانت الحلقة الأضعف في المجتمع خلال هذه الأزمة كونها لا تنتمي لقاعدة شعبية واسعة كما الدراما مثلا والتي استطاعت المقاومة معتمدة على رصيدها الشعبي بسبب انتمائها لجهاز إعلامي يدخل كل بيت.

ويشير صاحب المسيرة الطويلة في الفن التشكيلي إلى أن الحركة التشكيلية بحاجة لسنوات للعودة للحالة الناهضة التي شهدتها خلال السنوات العشرين الأخيرة قبل الأزمة كما أن مغادرة بعض التشكيليين للخارج وإغلاق أغلب الصالات الفنية الخاصة حد من النشاطات التشكيلية.

ويقول.. إن أغلب الفنانين السوريين الذين بقيوا في سورية مازالوا يعملون وينتجون ويقاومون الأزمة بالعمل والفن والجمال وسيأتي اليوم الذي ستخرج هذه الأعمال الهامة للناس وتثبت للعالم أن الفنان السوري أقوى من الحرب وان ما ينتج من أعمال فنية داخل سورية حاليا لا يقل عما يقدمه الفنانون الذين غادروا للخارج.6

ويعتبر الدكتور في فلسفة علوم الفن أن أي نشاط فني تشكيلي سوري في أي مكان من العالم هو مكسب واضافة للحركة التشكيلية السورية كما أن من حق الفنان أن يختار المكان الذي يعمل فيه ويقدم أعماله منه مشيرا إلى ظهور مجموعة من الفنانين غادروا سورية وحاولوا تسييس عملهم الفني مدعومين بجهات خارجية لكن نتاجهم الفني كان هزيلا ومتواضعا.

ولا يعتقد صابور بمبدأ الفن للفن فهو يتماشى بعمله الفني مع مفهوم الفن المعاصر الذي يعبر عن الانعكاس اليومي للحياة فالصورة الفوتوغرافية تغزو أغلب الملتقيات الفنية العالمية لقدرتها الاستثنائية على التقاط اللحظة ثم يأتي تدخل الفنان فيها ليعطيها القيمة الفنية على حد تعبيره.

ويرى أنه لا توجد هوية واضحة للفن التشكيلي السوري وذلك لغنى الإرث الفني السوري متعدد الأوجه ولعدم وجود كم كبير من النتاج التشكيلي ويقول.. نحن بحاجة إلى المزيد من التجارب والأبحاث ولكم أكبر من الأعمال للوصول لظاهرة تشكيلية سورية مع الوقت وهذا يتطلب انشاء متحف للفن السوري المعاصر.

ويتابع.. كان من المقرر أن تقيم وزارة الثقافة مؤتمرا دوليا في عام 2011 بمشاركة عدد من الدول لإقامة متحف للفن السوري المعاصر لبحث تصاميم وخطط معدة بخصوصه وبخصوص موقعه ولكن الأحداث أجلت هذا المشروع الثقافي آملا أن يعاد البحث فيه مع انتهاء الأزمة.

بالنسبة لأسعار الأعمال الفنية السورية يجد صابور أنها جيدة بالمجمل ولا يمكن ضبطها بآلية مؤسساتية بل هي حالة قائمة على العرض والطلب مع أهمية دور الصالات الفنية السورية الخاصة في تسويق الأعمال الفنية ورفع أسعارها وهي طريقة مهمة للكثير من الفنانين خاصة الشباب الموهوبين في بداية مشوارهم.

ويقول الاستاذ في كلية الفنون الجميلة إنه في كل عام يتخرج عدد من الفنانين الموهوبين من كلية الفنون بمستوى عال رغم عدم تلقيهم تعليما يتوافق مع مستواهم.

وينصح صابور الفنانين الشباب الذين يراهم يسيرون بالاتجاه الصحيح رغم كل الصعوبات ان يتحلوا بالصبر والاستمرار بالعمل وعدم التوقف وان يحاولوا تأمين مصدر رزق يساعدهم على الحياة مع الايمان بأن نتاجهم الفني سيخرج يوما للناس وينال التقدير الذي يستحقه ما يجعله يطالب باعادة النظر بمكونات المجالين الثقافي والتعليمي والمناهج التي تدرس من سن الطفولة.

ويؤكد الفنان صابور في ختام حديثه أن الإنسان السوري يملك طاقات كبيرة تمكنه من تجاوز كل الصعوبات وأن الصدق في كل مناحي الحياة هو الذي يحمي بلدنا العظيم سورية فالحدث الحالي قاس جدا وله ذيول نتمنى جميعا الا تطول مما يستدعي اعادة ترتيب أولوياتنا.

الفنان نزار صابور من مواليد اللاذقية عام 1958 خريج كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم التصوير عام 1981 وحاصل على درجة الدكتوراه في فلسفة علوم الفن من موسكو روسيا عام 1990 وهو عضو الهيئة التدريسية في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق وله العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل سورية وخارجها وحاصل على عدة جوائز من سورية والامارات وايران وأعماله موجودة في سورية والأردن والبحرين والامارات وروسيا والولايات المتحدة الامريكية وضمن مجموعات خاصة في عدة دول من العالم.

محمد سمير طحان

انظر ايضاً

كتاب نقدي يرصد تجربة التشكيلي نزار صابور بقلم سعد القاسم

دمشق-سانا يرصد الكتاب الذي ألفه الناقد سعد القاسم والذي حمل عنوان نزار صابور الإنسان اللوحة …