ما الهدف الذي كان يسعى إليه وفد الاتحاد الأوروبي من زيارته إلى تركيا؟
وماذا كانت نتيجتها؟
بعد أسبوع على زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا, قام مسؤولون في الاتحاد الأوروبي بزيارة رفيعة المستوى إليها, والهدف -كما أعلن ـ هو التباحث في تداعيات الإرهاب, وما يحدث على الأراضي السورية, والطلب من تركيا تقديم التعاون الوثيق والمشاركة في قتال تنظيم «داعش» والجماعات المتشددة الأخرى, من حيث قطع الإمدادات عنهم, ووقف تدفق المقاتلين الأجانب إليهم.. هذا ما بدا ظاهرياً, وربما هو يأتي في إطار الدبلوماسية النشطة بعد أن شعر الاتحاد الأوروبي أن الصمود السوري أوقف كلّ المخطّطات الأخرى, وتالياً الخوف الشديد من ارتداد الإرهاب إلى الأراضي التي أتى منها, وبخاصة الدول الغربية, إذ إن الغرب يعرف تماماً أن المعبر الأهمّ لـ«داعش» في الوصول إلى الأراضي السورية وغيرها هو الأراضي التركية.
فماذا كانت النتيجة؟ لم تفلح كلّ الدعوات وكلّ مساعي الاتحاد الأوروبي في إقناع حكومة حزب «العدالة والتنمية» بمحاربة الإرهاب المتمثل بـ«داعش». وعلى الرغم من عشرات المطالب التي عرّت سياسة تركيا المتبعة في المنطقة, و كشفت دورها القذر ودعمها غير المحدود للتنظيمات الإرهابية وإيواءها في أراضيها وتسهيل دورها, لكنها – أي الحكومة التركية- لا تزال رغم الدعوات المستمرة للمشاركة في مقاتلة «داعش» لا تعطي أذناً مصغية لما يطلب منها, ولا تردّ جواباً, وتالياً, لم تثمر كلّ الجهود في ثني الحكومة التركية عن موقفها وجعلها تتراجع عن دعم «داعش» الإرهابي.. وهذا يأتي للأسباب المعروفة الآتية:
أولاً: ما ظهر من مخطّطات انخرطت فيها الحكومة التركية منذ بداية الحرب على سورية, ودورها الكبير في تقسيم المنطقة ضمن السيناريو الاستعماري المتجدّد.
ثانياً: الرغبة في تحقيق حلم التوسّع العثماني – الإخواني – الأردوغاني الذي رأى أن الانخراط في المخطط الغربي –الأمريكي- الصهيوني التقسيمي هو ضالته المنشودة لإعادة الأمجاد الغابرة, وكانت ثمة مؤشرات لم تُعرف ماهيتها في حينها تؤكد ذلك وبخاصة عندما افتتحت القناة التركية الناطقة بالعربية بنادل يقدم الشاي للضيوف بوعاء تقليدي من التراث التركي, وبالأكواب التراثية التقليدية, فكانت «البرموشن» الدعائي الذي يدور على كلّ الدول العربية ابتداء من سورية «حلب، قصر العظم» أي رموز البناء العثماني.. وصولاً للدار البيضاء, وهي من المستعمرات العثمانية السابقة… وغيرها الكثير مما تكرس قبل ما يسمى «ثورات الربيع».
ثالثاً: غرق الحكومة التركية حتى النخاع في المؤامرات المستمرة على الوطن العربي, رغبة في تجسيد الحلم العثماني الذي امتد إلى الشواطئ التونسية من جهة أن معالم العلم التونسي هي معالم العلم التركي نفسه الذي هو علم دولة الخلافة العثمانية.
رابعاً: إمعان تركيا في دعمها اللامحدود لوجود «إسرائيل» من دون أن نلتفت أو نعبأ بالتمثيليات التي طالما أداها أردوغان بإتقان ومنها تمثيلية «دافوس» ورفض «إسرائيل», لأن المخطط التدميري والتقسيمي المراد للمنطقة يخدم الاثنين معاً, ويضع المصلحة المشتركة لتركيا و«إسرائيل» في بوتقة واحدة من حيث ضرورة تقسيم الوطن العربي و تجزيء سورية رأس محور المقاومة.
خامساً: ما ظهر مدعماً بالأدلة القاطعة عن الدور التركي في صنع «داعش», وبخاصة بعدما نشرت صحيفة «أدينلك ديلي» التركية خريطة توضح خطة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا لدعم عمليات «داعش», بعد أن رسمت خريطتها المخابرات التركية بإشراف بريطاني.. والسؤال: كيف أغفلت المخابرات العالمية نشوء «داعش» إذا لم تكن هي نفسها صانعته؟!!.. وهذه حقيقة أكدتها تصريحات سابقة للسيدة كلينتون وما صدر من تقارير, فيما بعد, عن محللي وعسكريي الإدارة الأمريكية نفسها.
والأهم سادساً: هو تلك الثروة التي تأتي لتركيا عبر «داعش» من خلال تهريب البترول والأموال التي تدخل إليها بالمليارات على حساب حياة الشعب السوري ونهب أموال دولته ومقدراتها. ومن هنا, تكمن لامصلحة الحكومة التركية فيما يطرحه عليها أيّ أحدٍ في العالم, أياً كان, من آراء ومقترحات لمحاربة الإرهاب, لذا تلجأ إلى وضع الأمور التعجيزية في الميزان.. وعلى الرغم من فشل مشروعها الإخواني وتفتّت حلمها وتلاشيه, لكنها لا تزال تأمل بنهب الدول من خلال راية «داعش» السوداء التي تبدو تركيا عرابةً له على نحوٍ يكشف وجه أردوغان الإرهابي الإخواني كاملاً.
بقلم: رغداء مارديني