كثيراً ما كان يردد رجب طيب أردوغان «إن الشعب التركي شقيق للشعب السوري» والسؤال هنا, هل سينطبق المثل العربي القائل: «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها» على أردوغان وزمرته, وتدفع تركيا كدولة ثمن الحفر التي حفرها أردوغان للنيل من وحدة سورية أرضاً وشعباً؟.
لم يعد الحديث عن إمكانية انشطار تركيا إلى مجموعة كتل أسير كواليس معاهد أبحاث الرأي المنتشرة في أوروبا والولايات المتحدة, وإنما الموضوع أصبح قيد التداول في أروقة الدولة التركية وفق ما نشرته إحدى الصحف التركية المرموقة التي ألمحت إلى أن هذا الأمر كان محوراً للنقاش بين أردوغان ونائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن خلال زيارته الأخيرة إلى تركيا, حيث تداول الطرفان مخاطر تداعيات ما يجري في سورية على استقرار تركيا, الأمر الذي يعزز ما تنشره الصحافة الغربية عن حقيقة تشظي تركيا في المدى المنظور وليس البعيد.
من الناحية الجيوسياسية والديمغرافية, هناك الكثير من المقومات القوية التي تدعو إلى الاقتناع بأن تركيا لن تكون كما هي عليه الآن خلال السنوات العشر القادمة, ومن أهم أسباب ذلك انتقالها من صفر مشاكل مع جيرانها القريبين والبعيدين إلى «فل» مشاكل خلال أقل من أربع سنوات, إضافة إلى وضع الأكراد والانقسام داخل المجتمع التركي, وتنامي التطرف الديني والقومي والنزعة الانفصالية في أقاليم متعددة, ووجود بؤر جغرافية ساخنة وأخرى يسخنها الرماد المتقد غرباً وشمالاً وجنوباً.
وليس جديداً القول بأن المنطقة بأسرها قائمة على قاعدة تلفحها النيران من كل جانب, وأول اللاعبين بهذه النيران كان حكومة حزب العدالة والتنمية وعلى رأسها أردوغان, ووفق القاعدة المنطقية ستكون أول من ستلسعه وتحرقه هذه النيران.
في لقاء مع إحدى الفضائيات اللبنانية يقول الكاتب الفلسطيني عبد الباري عطوان بالحرف: «الله يعين من يلعب مع سورية», معيداً ذلك إلى تمتعها بميزات حضارية وتاريخية وجيوسياسية تجعلها عصية عن الأخذ, وعقدة العقد, مبشراً بقرب تفكك تركيا كنتيجة طبيعية لتآمرها على سورية, وهذه القراءة جزء من حالة تتوسع مع مرور كل يوم.
إن ما أثارته صحيفة نيويورك تايمز قبل أيام عن مستقبل تركيا نجد صداه في تصريحات أردوغان الذي وصف السياسة الأميركية بعد توديعه لبادين بأيام قليلة بالوقحة, ومن هنا فهم حساسية النقاشات التي دارت بين الطرفين والمخاطر المحدقة بأمن واستقرار تركيا إذا لم يحدث تغيير حقيقي في سياساتها إزاء ملفات المنطقة ومحيطها الإقليمي.
قد يقول قائل إن تركيا تنطلق من موقع قوي.. وهذا مجاف للواقع, والدليل الخوف المتصاعد من عواقب فشل سياستها ودعمها للإرهابيين في المنطقة عموما وسورية خاصة.
صحيفة الثورة