الشريط الإخباري

صناعة “مقلي الفخار” و”السانونة” مهن تراثية ما زالت مزدهرة في دوير المشايخ

حماة-سانا

تجاوزت الخامسة والثمانين من عمرها ومازالت يداها المشبعتان بالحياة تجبلان ما ورثته عن أجدادها من صناعة تحمل روح الطبيعة وهي صناعة مقلي الفخار التي تمتهنها الجدة أم علي من دوير المشايخ منذ أكثر من 60 عاما فقد كان مردودها المادي معيلا لها ولعائلتها الكبيرة فحافظت على هذه المهنة وعلمتها
لأحفادها.

وعلى الرغم من توسع شهرة مقلي الفخار كوعاء مخصص للطبخ يزيد عمره علة ثمانية قرون فضلا عن النكهة اللذيذة التي يضيفها على الطعام وفوائده الصحية التي ذاع صيتها إلا أن هناك عددا قليلا مازال يمارس هذه المهنة بحسب ما روته الجدة أم علي مؤكدة “أن صناعة مقلي الفخار تعتمد على الخبرة المكتسبة عبر السنين ومواد بسيطة مرتكزة على خيرات الطبيعة من ماء وتراب وحجر ملحي”.

وعن المواد الداخلة في صناعة المقلي ذكرت أم علي أن صناعته يتطلب نوعا خاصا من التراب وللحصول عليه يجب الحفر بعمق متر ونصف تقريبا لنصل الى تربة رطبة ومتجانسة.

وتضيف “إنه يتم نقع التراب وبعدها تأتي بحجر بلوري يسمى/ملح الدب/ الذي يدق ويطحن على الرحى الحجرية للحصول على مسحوق أبيض ناعم يضاف الى خليط التراب المنقوع بالماء ليمنحه القوة والتماسك والتجانس”.

وتقول أم علي “أقوم بدق التراب بعد رش المسحوق الملحي عليه وذلك بواسطة مدقة خشبية خاصة ومرحلة الدق هذه تنتهي عندما ألاحظ أن الملح امتزج بالتراب” لافتة إلى أنها تقوم بعدها بعجن هذا الخليط بطريقة تشبه عجن الخبز ومن ثم تضعه على قاعدة خشبية لتقوم بصناعة تجويف عميق في الخليط وبذلك تبدأ مرحلة” تدوير المقلي” حيث يتم التوسع من التجويف الى الاعلى ويأخذ الخليط شكل وعاء قاعدته صغيرة وفتحة رأسه عريضة.

وتتابع الجدة “بعد ذلك يأخذ المقلي شكله الاساسي ويتشكل الحرف العريض له مع اربع زوائد خارجية تشبه المقبض للامساك بالمقلي عند الطهي” لافتة إلى أنه تأتي بعدها مرحلة التحسين التي تهدف إلى جعل المقلي املسا ناعما ويتم فيها ملء الثقوب الصغيرة في حال وجدت وتستخدم في هذه المرحلة أداة بسيطة هي حجر صغير أملس يسمى “الحصوة” وبعد أن يصبح المقلي أملساً يتم قص الحواف الزائدة بواسطة شفرة مقص معدني ثم يوضع المقلي في الظل حتى يجف.

بعدها يوضع المقلي في التنور ويترك في النار حتى يكسب اللون الأحمر ثم يتم رفعه وغمره بورق السنديان مدة 5 دقائق وتسمى هذه المرحلة بالصبغ التي يكسب اللون الأسود وبعدها يفرد بقطعة قماش نظيف لتزيد من نعومته ويصبح جاهزا للاستخدام.

وإلى جانب صناعة مقلي الفخار في قرية دوير المشايخ توجد مهنة تتصل بها وهي صناعة السانونة التي حدثنا عنها العم أبو يونس الخبير في صناعتها والتي تعتمد بشكل خاص على أعواد الريحان مشيرا الى ان السنونة تستخدم لحماية مقلي الفخار من الكسر.

وقال: “إن السانونه تأخذ شكل السلة حيث يتم صنعها من أعواد الريحان ليوضع فيها مقلي الفخار بعد رفعه عن نار الطبخ”.

وأوضح أبو يونس أن السانونة ظهرت في البداية وارتبطت بصناعة المقلي ولكنها استعملت اليوم في الكثير من الاحتياجات والمتطلبات الاخرى فاختلفت المقاسات واتخذت أشكالا متعددة فهناك من يطلبها للزينة او لحماية بعض الاواني الزجاجية أو كسلة فواكه.

ويضيف أبو يونس إنه ورث هذه المهنة عن والده لافتا الى انها مصدر لكسب رزقه بتكاليف قليلة نظرا لتوفر الريحان في المنطقة.

ومع كل التطور الذي وصلت اليه البشرية يبقى اعتماد اهل الريف على ماتوفره لهم الطبيعة فالمهن التي ورثوها عن اجدادهم مستمرة معهم عبر الاجيال.

سهاد حسن

انظر ايضاً

مقلي الفخار..صناعةمازالت تحافظ على وجودها بالساحل

اللاذقية-سانا يصنع من التراب والماء والحجر الملحي ويستخدم كوعاء للطبخ ويعجن بأيد خبيرة ليضفي على …