ثنائيات الإرهاب

 

بينما يبدو أن التساؤل الأهمّ، هو كيف يمكن أن يفهم العالم مقاربة أمريكا لـ «داعش» في ظلّ سلة أهدافها في المنطقة، وما يليها من أهداف.. وإن كان الإرهاب الداعشي مصنّعاً ضمن أدوات السياسة الأمريكية للسيطرة على المنطقة، لكن الأفظع من ذلك، هو تلك الازدواجية التي يبديها الغرب في تحالفه المزعوم, وآلية معالجته على استحياء لما عرّفها بأنها منظمات إرهابية، تقع «داعش» في المركز منها.. وبما أصدره من قرارات تقضي بمنع تمويل الإرهاب ومحاربة الدول المتعاونة والداعمة له، ما يعني أن ثمة معايير غير متوازنة، ترافقها تصريحات لا تنمّ إلا عن أن هذا المجتمع الدولي لا نية حقيقية لديه لإنهاء أو محاربة الإرهاب والقضاء عليه تبعاً للقرارات المتخذة سواء منها على الصعيد الرسمي في مجلس الأمن والأمم المتحدة، أو غير الرسمي الصادرة عن تحليل عميق لمحللين ومفكّرين سياسيين.

والسؤال الأعمق، يتأتى ممن ساهموا مساهمةً مباشرة في تسهيل دخول هذا الإرهاب, ورعايته رعايةً كاملةً وشاملةً، كأن يُسأل أردوغان مثلاً ماذا يفضّل؟ والإجابة تأتي تحت هذا العنوان من مقالة للكاتب الأمريكي بين نورتون نشرتها «نيوزويك» أكد فيها «أنه في ضوء تاريخ فظيع وطويل، يجب ألا نفاجأ بأن نظام أردوغان يدعم داعش ويفضّله، ويفعل ما هو أشد خطورةً.. إنه ينفخ نيران حرب طائفية دموية، تنتشر كالفطر في الشرق الأوسط، وربما ستمتد في المستقبل لتحرق الجميع..» وضمن هذا المنظور نرى امتداد الثنائيات «الداعشية» و«الدامسية» بين المشرق والمغرب، وهولاند وفابيوس، وأردوغان وأوغلو، بين مغرب ومشرق آخر، وما على تلك الثنائيات إلا إحداث الدمار والخراب والفوضى خدمةً للثنائي الأهم: الأمريكي- الإسرائيلي، ومصالحهما في المنطقة، مكتفيةً بما قد يأتيها من الفتات المتبقية على تلك الموائد التي يمول طعامها الخلجان العرب، ما بين السعودية وقطر.

الإرهاب الدولي امتدّ في محاربته الباحثة عن نقاط النفاق التي يسطّر خطوطها الغرب، إذ يكفي أن يمارس «داعش» وحشيته على إرهابي أجنبي حتى تقوم الدنيا ولا تقعد، ويتأهب المجتمع الدولي, بكامل تحالفاته, لبناء قوة ضاربة لأجل محاربته المزدوجة.. في الوقت الذي يعدّ فيه «ذبح شعب آمن مسألةً فيها نظر» هذا إذا كان في وجه المجتمع الدولي نظر أصلاً.. ففي سورية والعراق ينظر لمذابح «داعش» من منظور آنية المصالح والخدمات المقدّمة فقط, وفق سيناريوهات الغرب المعدّة سلفاً للمنطقة، ومن أجلها فقط يتأهب المجتمع الدولي، لبحث ما يسمى الديمقراطية، وإرساء قواعد «ربيعها»، على الحجج الواهية، والمزدوجة، ليس بين السرّ والعلن، وإنما بين «الربيع والربيع»، الذي لم ينتج إلا «ثورات ملونة» بلون الدم والقتل, في مشروع نُفخ فيه في صورة «داعش» الوحشية، لتنال من أعناق البشر, وتعمل فيهم ذبحاً، وتنكيلاً، وسبياً، وعنفاً.

من هنا أيضاً، قد يفهم العالم المتحضّر الذي يحترم حقوق الإنسان، ماذا يعني أن يُذبح الإنسان، وتجزّ رقاب البشر، خدمةً لمشروع الفوضى الطائفي التقسيمي «الديمقراطي»!!

ومن هنا، يمكن للعالم بأجمعه أن يعرف كيف يمكنه أن يفهم المقاربة الأمريكية- الإسرائيلية لـ«داعش» في ظل سلة الأهداف الصهيونية.. ويعرف تالياً، لماذا يفضّل أردوغان – في المشادّات الثنائية، التي لا همّ لها سوى إشعال المزيد من الحرائق في المنطقة- الحرائق التي ستمتد بالتأكيد، إذا لم يسارع المجتمع الدولي لإطفاء نيرانها، إلى إحراق الجميع.. فمن هو الذي يجب أن يُحرق بنارها في المستقبل؟ هذا هو السؤال الذي يجب على العالم إدراكه والمسارعة إلى تكاتف الجهود في ظلّ الصمود السوري الذي أوقف امتدادها إليهم، لكن بالتأكيد مؤقتاً؟!..

بقلم:د. رغداء مارديني

انظر ايضاً

وزير العدل يلتقي وفداً من المحامين الأتراك بدمشق

دمشق-سانا التقى وزير العدل القاضي شادي الويسي وفداً تركياً رفيع المستوى من محامين ووكلاء محامين …