حماة-سانا
لا تتوقف طاقات العقل السوري المبدع عن ابتكار وسائل تتكيف مع الوضع الراهن لمواجهة شتاء الأزمة بحلول بديلة أقل تكلفة وأكثر وفرة وتعد شجرة الزيتون أحد أهم هذه الحلول في الريف السوري كون قيمتها تتعدى الاستفادة من زيتها وما تقدمه من ثمار فمخلفات عصر الزيتون تشكل ثروة لأصحابها.
وهذه المخلفات التي تسمى بالمصطلح الشعبي تمز أو عرجوم طوعها الشباب السوري في الريف لتصبح وسيلة بديلة للتدفئة في الشتاء القارس.
وفي حديث لنشرة سانا الشبابية بين الأستاذ نبيل حماد صاحب معصرة ومعمل لتصنيع تمز الزيتون في مدينة وادي العيون بريف حماه أن التمز أو العرجوم هو عبارة عن تجميع لبقايا الزيتون المعصور شارحا المراحل التي تتحول بها هذه المخلفات إلى وسيلة للتدفئة فبعد عملية العصر لاستخراج الزيت تبقى عجوة الزيتون لتطحن بشكل ناعم مضافا إليها الماء الساخن ثم تدخل بإسطوانات تدور بحوالي 3800 دورة في الدقيقة الواحدة.
وبين أن هذه العملية يتم فيها طرد مزيج الزيت إلى الفرازات وتظل عجوة الزيتون المطحونة أسفل الإسطوانة وتدعى هذه العملية بالطرد المركزي.
ويضيف حماد “إن هناك طرقا مختلفة لتجفيف هذه العجوة فالبعض يضعها لفترة قصيرة في الشمس حتى تجف والبعض الآخر يضعها مباشرة في المحمصة لتجف ولتتخلص من الرطوبة وتعتبر هذه الطريقة أسرع من الأولى وبعد ذلك تضاف إليها مادة الكورسيم وتدخل مجددا إلى فرن الحرق الذي يكون بداخله الحطب للإشعال الأولي وبعد إخراجها مرصوصة على شكل قوالب تحفظ كما الحطب المقطع إلى حين قدوم الشتاء ” لافتا إلى الإقبال الشديد على هذه المادة خلال السنوات الاخيرة.
ويؤكد حماد أن نسبة كبيرة من سكان الريف السوري أصبحت تعتمد على التمز كمادة أساسية توازي المازوت والحطب في التدفئة.
بدوره اعتبر الشاب ابراهيم عيسى أن تمز الزيتون هو أفضل من المازوت وأقل تكلفة منه وهو بديل أيضا عن الحطب ويتميز عنه بسرعة الاشتعال والتوفير بالاستهلاك وذلك لوجود نسبة من الزيت في تركيبته تساعده على الاحتراق أكثر.
ويشير ابراهيم إلى أنه بدات الاستفادة من تمز الزيتون منذ ثلاث سنوات تقريبا لأنه يعتمد على محصول الزيتون كمردود أساسي وبعد تجربته لمادة التمز لاحظ أنها اقتصادية لما وفرت عليه من شراء كميات مازوت أو من شراء الحطب للشتاء.
أما الشاب محمد موسى فأكد أن استعمال التمز في مجال التدفئة يحافظ على الأشجار من القطع لافتا إلى أن نار العرجوم صحية أكثر من نار الحطب وعند إشعالها مساء لا تنطفئ حتى الصباح ولذلك فهو اقتصادي وموفر للطاقة.
هذا الاكتشاف الذي أبدعته حاجة الإنسان السوري منذ مئات السنين عاد ليظهر كمادة مشاركة لوسائل التدفئة الحديثة والمختلفة والتمز أوعرجوم الزيتون متوفر بكثرة في سورية كونها من أوائل الدول المنتجة للزيتون في العالم.
سهاد حسن