S A N A الوكالة العربية السورية للأنباء
دمشق-سانا
في التكية السليمانية بدمشق وخلف نول يدوي من الخشب والحديد يجلس محمد رنكوس وبحركة متواترة بين يديه وقدمه يكمل منسوجة بروكار من خيوط الحرير الطبيعي في صورة تعيد الزائر مئات السنين للوراء وتحيي حرفة أبدع بها الدمشقيون فحملت اسمهم للعالم.
رنكوس الذي امتهن الحرفة بعد دراستها يروي تفاصيها بلغة هاو ومحترف قائلا: “البروكار” الذي تناقلت العائلات الدمشقية من جيل إلى جيل سر صناعته وجودته اسم أطلق على منسوجات تحاك من الحرير الطبيعي وخيوط مقصبة من الذهب والفضة بأنوال يدوية كونها توفر لهذا النسيج الرقة ونعومة الملمس لكنها تتطلب جهدا ووقتا.
ويتألف النول اليدوي حسب رنكوس من ماكينة الجاكار المسؤولة عن استقبال المعلومات وإرسالها لخيوط الشبك والتي تتصل بالنير المركب على خيوط السدة إضافة إلى دفة المشط المسؤولة عن ضم خيوط الحدف ومطواية القماش التي تعمل على لف القماش المنتج والدوسة التي تنقل الحركة من الأسفل إلى الأعلى لتحرك الماكينة.
ويشير رنكوس إلى أن الحرفيين السوريين يستوحون في صناعة البروكار رسومات من الطابع الدمشقي ومنها النباتية “كالياسمين والوردة الدمشقية وورق وعنقود العنب” والهندسية “الموزاييك والخط العربي والارابيسك” ونقشات أخرى يستمدونها من دول عدة كالكشمير من التراث الهندي ورسمة روميو وجولييت من الإيطالي.
وتحتاج رسمة البروكار على النول القديم وقتا طويلا لكن حاليا يتم العمل من خلال النول الآلي الذي سهل الإنتاج واختصر الوقت والجهد وفقا لرنكوس الذي يبين أن البروكار يستخدم لصنع الملابس والحقائب الفاخرة وتنجيد المفروشات وامتلك بفضل جماله وتميزه سمعة عالمية وكان يهدى للملوك.
عضو اتحاد الحرفيين شيخ كار المهنة عبد الكريم الأصيل يصف مهنة البروكار التي ورثها ابا عن جد كواحدة من أهم الصناعات الدمشقية التقليدية التي تشكل إرثا حضاريا مؤكدا ضرورة الحفاظ عليها وتعليمها للجيل الناشئ.
وبلغة الأرقام يقول الأصيل أن الحرفة بدأت بـ 5000 نول عربي في دمشق تحت مسمى الحرير الدمشقي “الدامسكو” الذي تميز بتمازج الألوان مع بعضها فيما لا يتجاوز عدد الأنوال اليوم أصابع اليد الواحدة.
وتواجه الحرفة التقليدية بعض الصعوبات يختصرها الأصيل بقلة الأيدي العاملة وارتفاع أسعار المواد الأولية وإغلاق أغلب الورشات بعد الحرب الإرهابية على سورية وتراجع السياحة وبالتالي الزبائن الذين يرغبون بشراء منتوجاتها متمنيا زيادة الدعم الحكومي للحرفة من خلال إعادة إقلاع معمل الدريكيش وتقديم القروض للحرفيين وتأمين التسويق اللازم للمنتجات.
رحاب علي
