قمة العشرين.. والإصرار الأمريكي على الغطرسة

لم تأتِ تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأي جديد بل كرر مواقفه السابقة على هامش قمة العشرين بأنه سيبقى ضد الشعب السوري، ولن يتحالف معه لمواجهة «داعش».

إن السيد أوباما يدرك تماماً أن التعاون والتنسيق مع سورية التي تهزم الإرهاب وتكافحه بكل ثقة يمكن أن يسّهل القضاء على «داعش» وعلى غيره من التنظيمات الإرهابية وهذا يتناقض مع استراتيجية إدارته التي عملت منذ عقود لنشر ما سموه «الفوضى الخلاقة» وهذه الفوضى المعلنة أمريكياً على رؤوس الأشهاد لا يمكن أن تتحقق إلا بالتحالف مع الإرهابيين ومع داعميهم في تركيا والسعودية وقطر ومشيخات العفن النفطي، مع تقويض سلطة الدولة الوطنية، فالدولة الوطنية التي سادت في العالم في القرن الماضي يجب تفتيتها وفق الاستراتيجية الأمريكية للتحالف مع القبائل والبطون والأفخاذ وحتى الأشخاص مع تهميش مصالح الدول التي من المفترض أن ترعى شؤون جميع الذين يعيشون على أراضيها.

إن ما يشغل الإدارة الأمريكية الآن تدريب عناصر إرهابية جديدة، وإطلاق تسمية «المعارضة المسلحة المعتدلة» عليها، حتى وإن كانت تلك العناصر من إرهابيي «داعش والنصرة وجيش الإسلام» ذلك لأن الإدارة الأمريكية ترى في الإرهاب الذي يخدم مصالحها في نشر القتل والدمار والفوضى إرهاباً معتدلاً.

وبالاستناد إلى هذه الحقائق تحاول الإدارة الأمريكية تسويق ملك جديد للسعودية عوضاً عن مليكها عبد الله الذي يعاني سكرات الموت السريري، بينما يتسابق الصف الثاني من الأسرة الحاكمة لنيل الثقة الأمريكية بتآمرهم على الشعب السعودي وعلى الشعب السوري وعلى شعوب المنطقة.

لقد كرر الرئيس الأمريكي في تصريحاته على هامش قمة العشرين تمسكه بسياسة الغطرسة السياسية والاقتصادية والعسكرية ونشر فوضى فرض العقوبات على الدول الفقيرة والغنية التي لا توافق المزاج الأمريكي، مع أنه يعلم جيداً أن تلك العقوبات تفتقر إلى الشرعية لأنها لم تكن بقرارات من مجلس الأمن وإنما استناداً إلى مبدأ البلطجة الذي تقاومه شعوب العالم بالدم وبلقمة العيش، وبالتالي فإن قمة العشرين التي من المفترض أن تضع حلولاً لمشكلات شعوب العالم قد تحولت مرة أخرى إلى منبر للتهديدات الأمريكية التي لا يمكن أن تتوقف إلا بالتصدي الحازم من روسيا والصين وإيران ومجموعة دول «بريكس» وغيرها من الدول والشعوب التي تحارب الهيمنة الأمريكية والإرهاب في وجه حكام البيت الأبيض الذين ما زالوا يعتقدون بأنهم الحكام الحصريون للكرة الأرضية.

بقلم: محي الدين المحمد