سرافيس الغوطة في كراجات العباسيين.. أحاديث عن ذكريات المعاناة جراء الإرهاب وعيون فرحة لرؤية الشام

دمشق-سانا

على بعد أمتار من مدخل كراج العباسيين شمال شرق دمشق تطالعك على مقدمة حافلات صغيرة (سرافيس) اصطفت في أرتال قصيرة أسماء بلدات في الغوطة الشرقية تبعث بالذاكرة صور ما عانته وأهلها من الإرهاب قبل أن يحررها الجيش العربي السوري العام الماضي.

من داخلها أو واقفين إلى جانبها سائقون يترقبون ركاباً قدموا بهم صباحاً أو قبل أيام لقضاء حوائج أو زيارة أقارب لهم في العاصمة محاولين استقطابهم إلى خطوط رحلاتهم دوما-مسرابا-حرستا-عربين تتعالى أصواتهم منادين أسماء بلدات غاب صداها عن كراج العباسيين سبع سنوات.

العديد من السائقين يعود لعمله مجدداً كما كان قبل الحرب والبعض الآخر وجد في قيادة حافلة لنقل الركاب فرصة عمل ريثما تتحسن الظروف بعد أن سلبه الإرهاب مهنته وصنعته ودمر بيته.. يلتقون جميعاً على فرحة الخلاص من الإرهاب وعودة حبل الأمان السري الذي يربط دمشق بغوطتها الغناء.

قبل أشهر عاد محمود حسين من مدينة بانياس التي انتقل إليها مع أسرته بعد أن ضرب الإرهاب بلدته مسرابا يقف أمام السرفيس في الكراج ينادي على ركابه ويقول لمراسلة سانا إنه ريثما ينتهي العام الدراسي “سيجلب زوجته وأطفاله ويعيشون في بلدتهم مسرابا” ليضيف بثقة إنها “جنة الغوطة”.

تهم أم علي بالصعود إلى حافلة تتجه إلى دوما بعد زيارة إلى دمشق وتقول: “كنت في زيارة ابنتي المقيمة في حي برزة وسأعود إلى دوما” وتضيف أم علي التي جاءت وتغادر بمفردها: “منذ أن أعاد الجيش الأمان إلى الغوطة نأتي ونعود نهاراً وليلاً دون أي مشكلة”.

يتذكر السائق محمد الحسكة أول يوم وصل به إلى كراج العباسيين بعد سنوات من الانقطاع القسري يقول وقد طفحت عيناه بدمعة فرح: “كان معي عدد من الركاب للوهلة الأولى بدت الشام غريبة علينا انتابنا شعور بالخوف للحظات لأنه زرع داخلنا خلال سبع سنوات لكن سرعان ما تبدد إلى فرحة مع جو الأمان والاطمئنان كانت لحظة لا تنسى ويوماً رائعاً”.

بعد عام على تحرير الغوطة يجد السائق شفيق التكلة 42 عاماً المقارنة صعبة هو الذي لم يغادر بلدته يقول: “كنا معذبين.. دمروا حياتنا” ويضيف الأب لثلاثة أطفال والذي كان لديه محل ألبسة بمسرابا ومعرض سجاد بحرستا: “حالياً أعمل سائقاً .. الأمور تتحسن تدريجياً ..الحمد لله.. نأتي إلى دمشق كنا نشتهي رؤيتها وكل شيء بعدها يعوض”.

أما إبراهيم الذي يعمل على خط مدينة حرستا فيرى أن المدينة تجاوزت متاعبها ويقول ضاحكاً: “عجقة وزحمة وركاب” بينما يبين ميسر بيضون سائق على خط عربين أنه بعد تحرير بلدته بأربعة أشهر بدأت حركة المرور باتجاه دمشق بستة سرافيس ليصل عددها حالياً إلى 16 تخدم نحو 45 ألف نسمة يقطنون البلدة التي تحتاج إلى عدد إضافي من السرافيس لتلبية احتياجاتها.

يأتي أبو خالد من بلدة مسرابا إلى دمشق يومياً بحكم عمله (معلم طورنجي) (تجميع وتشكيل معادن) ويقول الأب لصبيين وبنت بأسى دون أن يفقد عزيمته: “بسبب الإرهابيين راح بيتي وخسرت مصلحتي.. رجعونا عشرات السنين إلى الوراء” وعن الفرق ما قبل عام والآن يقول أبو خالد: “السنوات الماضية الله لا يعيدها ..إذا انضميت للمسلحين تأكل جوزاً ولوزاً وفستقاً وإذا رفضت الانضمام تأكل من فضلات الطعام” ورغم التعب الظاهر على أبو خالد الذي لوحت وجهه الشمس إلا أنه سرعان ما تغمره البهجة عند سؤاله عن ذكرى تحرير الجيش للغوطة “يكفينا نزلنا عالشام”.

قبل عشر سنوات عمل أبو محمد شيخ الشباب سائقاً على خط دوما دمشق قبل أن ينصرف إلى تجارة الخشب لكن الإرهاب الذي اندلعت نيرانه في دوما التهم مهنته ويقول: “راحت أموالنا وأرزاقنا ..ممتلكاتنا صرنا نبيعها لنأكل ..أرخص طعام بأعلى الأسعار” ويضيف أبو محمد من خلف مقود السرفيس بينما الركاب يتوالون على الصعود بقصد العودة إلى دوما “أما الإرهابيون فيأكلون ما يشتهون”.

يتذكر أبو محمد أول يوم عمل على خط دوما دمشق قبل أشهر “صدقيني صرت أبكي.. شعور لا يوصف.. كل عمرنا أولاد بلد واحد ما فرقنا أي شيء كنا أخوة يداً بيد لتعمير الوطن.. نسافر من مشرقها لمغربها ما نبرز هويتنا إلا للضرورة القصوى .. هذه الأزمة أرادها عملاء الصهيونية العالمية لضرب البلد بكل مكوناته من بشر إلى بنى تحتية ومؤسسات دولة حتى نصل إلى مرحلة الانحطاط” يستعيد أبو محمد روح التفاؤل لديه قائلاً: “صحيح الآسى ما بينتسى .. لكن بفضل جيشنا سنبني الوطن ونرجع المياه إلى مجاريها”.

يجد أبو محمد بالعمل سائقاً على خط مدينته مع العاصمة أمراً جيداً ويقول: “هناك حركة مقبولة من الناس لإجراء معاملات الزواج والبيع والشراء وزيارة أقاربهم وأغلب السائقين يواصلون العمل حتى وقت متأخر وغالباً استمر بالعمل حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً”.

خمسة عشر كيلومتراً تفصل دوما عن دمشق إلا أن الإرهاب الذي ضرب كل شبر من أرض الغوطة الشرقية أطال المسافة ودمر طرقها ولذلك جرى استبدالها بطرق آنية ريثما يتم تجهيز الرئيسية وتعبيدها يقول أبو محمد بينما يشق طريقه مبتعداً عن دمشق مروراً بمبنى الموارد المائية ومشفى الشرطة منحرفاً إلى اليمين من أمام مشفى حرستا العسكري.

ويعلق أبو محمد على الطريق: “كسائقين مرتاحون لا معوقات يوجد حاجز لإجراءات روتينية نسلك حالياً طريق مشفى حرستا العسكري لكن الأفضل أن يعود الطريق القديم” معمل كراش القابون مفرق عربين حرستا إدارة المركبات إنما هذا الطريق تعرض للتخريب والعمل قائم حالياً لصيانته لكنه سيأخذ بعض الوقت لأن ما خرب بثماني سنوات لا يصلح بيوم وليلة.

الذكرى الأولى لتحرير الغوطة الشرقية يرى أبو محمد أنها لا تخص أهالي الغوطة وحدهم وإنما كل السوريين لأنه “عندما تتحرر منطقة من الإرهابيين وتعود إلى الوطن وسلطة الدولة فشأنها كشجرة يابسة أورقت وأثمرت”.

شهيدي عجيب

تابعوا آخر الأخبار عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط:

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب:

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم  0940777186 بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency