تقلبات الطقس السياسي في المنطقة، ربما تبشر بوابل من الاتفاقات ينعكس إيجاباً ليس على سورية وحسب، بل على المنطقة بشكل عام، وذلك رغم عواصف الابتزاز القادمة من أميركا، ورغبتها في اللعب على حبال احتجاز المهجّرين في مخيم الركبان والتهديد بإبقاء جزء من قواتها في الجزيرة السورية، بعد أن أعلنت الانسحاب أكثر من مرة، ونكثت بوعودها، ورغم محاولة النظام التركي النفخ بجمر إرهابيي النصرة، متجاهلاً أن لهيبهم قد يرتد عليه.
الجانبان الأميركي والتركي لن يجنيا سوى الخيبة، لأن التقاطعات الإقليمية والدولية تجاوزتهما بكثير، وبات تحقيق مشاريعهما المرتكزة على البقاء في الأراضي السورية والسيطرة على أجزاء منها من الفعل الماضي، لأن رسائل سورية وحلفائها تجاوزت جميع الخطوط الحمر التي وضعتها واشنطن وتقيدت فيها أنقرة، ومن خلفها بعض الوكلاء الأعراب، كما باتت مصالحهما الجيوسياسية والاقتصادية مطوقة بصلابة الجهات التي تحارب إرهابهم، وبالتالي فأحلام أولئك بعيدة المنال والوصول إليها أضحى ضرباً من الخيال.
ثماني سنوات مرت على الحرب الإرهابية ضد سورية، وأكثر من ثمانين دولة وجهة دعمت المرتزقة والتكفيريين، ومئات الجبهات فُتحت ضد جيشها العقائدي، ولم يجن الداعمون سوى الخيبة والإخفاقات المتتالية، وذلك رغم تطبيقهم برنامجاً سياسياً وإعلامياً وعسكرياً دقيقاً، وانتقالهم إلى آخر اقتصادي غير الذي اعتمدوه خلال المراحل المنصرمة، حيث تحطمت على صخور سورية، وقواعدها المتينة مؤامراتهم ومشاريعهم الدنيئة، وظلوا عاجزين عن اختراق سور التلاحم والوحدة النابض بالحياة.
اليوم أصبحت الأوراق الأميركية والتركية قليلة ومحدودة، وفرص جميع المرتهنين للإرادة الغربية ضحلة، ولم يعد هناك مجالات وأفق واسعة للحركة، وذلك نتيجة ما تفرع عن ظروف الحرب من خيبات وخسائر، بسبب التكامل الحاصل بين جهات محور المقاومة، كما أن المرحلة الأصعب طوت معها جميع السنوات العجاف التي مرت وتعرضت خلالها البلاد لشتى أنواع الحصار والاعتداءات والمضايقات.
أميركا ومن يدور في فلكها لا يريدون إنهاء ملف الإرهاب، وإغلاق الأبواب أمام زوابعه، وما المراوغة والتحركات المشبوهة التي تمارسها إدارة الرئيس دونالد ترامب، إلا تأكيداً على رغبة منظومتهم العدوانية المضي بالطريق ذاته، دون إدراك وعورته وحجم الخسائر التي يتلقاها مرتزقتهم على أيدي الجيش العربي السوري وحلفائه الذين سيكونون الأقدر على حسم ملف الإرهاب لمصلحتهم، والقضاء عليه واجتثاث جذوره، وما يجري في إدلب مؤشر مهم على قرب إغلاق ذاك الملف.
بقلم حسين صقر