غدا يكمل جنون الإرهاب سنته الثامنة ليبدأ التاسعة، وقد خلف وراءه الويلات والمصائب، ونفذ الاجندات الخارجية كلها، من ألفها إلى يائها، ومن صغائرها إلى كبائرها، لم يترك شيئا مما يخطر في البال كعمل إرهابي إلا وكان يسارع إلى تنفيذه خدمة لاسياده المشغلين، من مال الأعراب إلى صف اللاعقين كعب الأميركي الذي يأمر ويشير وعلى الآخرين أن ينفذوا، ممن يسمون حلفاء، وهم ليسوا سوى تبع يستبدلون مرات ومرات، وتعاد صياغتهم وتشكيلهم حسب الحاجة والضرورة، فهم مرة جبهة النصرة، ومرة اخرى تحرير الشام، وكتائب ومسميات يظن من يسمع بها أنها فعلا تعرف العمل العسكري وقادرة على التخطيط، وليست مجرد واجهة وأدوات.
سردة سريعة لحرب كونية على سورية تكاد تضع أوزارها النهائية كعمليات عسكرية، لكن ما تركته من جروح غائرة ليس عند السوريين فقط، وإنما في المشهد العالمي، وفيما يسمى ضمير العالم، لايمكن ترميمه ولا تجاوزه، أو نسيانه أبدا فهو كبير وكبير جدا، قانون دولي ينتهك، ومؤسسات اممية يفترض أنها لنصرة الشعوب، ومن أجل إحقاق القانون الدولي، لكنها ظهرت على حقيقتها عارية، ألعوبة توجه كما يحلو للعم سام، عاقبوا هذا وحاصروا ذاك، اقصفوا وهددوا، امنعوا، ادفعوا، اعملوا، وتعرى المسمى العالم الحر، أوروبا التي ارهقت العالم بمصطلحات الحرية والكرامة والديمقراطية، وحفظ كرامات الشعوب، ومقولة الإعلام الحر وغير المقيد والناقل للحقيقة، وما في قائمة المتاجرة من المصطلحات، كلها، خلال السنوات الثماني سقطت تهرأت، بدت بشاعة وقبح العالم المدعي الحضارة والمدنية، وكانت الدروس أبلغ من أن توجز.
لكن حماقات من يعيد التجربة نفسها، ويعرف انه سوف يصل إلى النتيجة السابقة ألا وهي : لن ينكسر الشعب السوري، وما عجزوا عنه حين كانت قطعان الذئاب من اصقاع الأرض كافة، ولم يحققوه، ليسوا اليوم ايضا بقادرين حتى على الاقتراب من النطق به، لقد تمرس السوريون بفعل العطاء والتضحية، ويعرفون أن العدوان يتخذ أشكالا جديدة متلونة، متعددة، وتحت شعارات تدعي أنها لمصلحة الشعوب، ولكن الحقيقة يعرفها القاصي والداني، يعرف انها الورقة الأخيرة في جعبتهم، قد تؤلمنا كثيرا، أو قليلا، لكنها بالمحصلة لن تكون قادرة على كسر إرادة الحياة، فلم يتهيب السوريون يوما صعود الجبال، والارتقاء من أجل كرامتهم وحريتهم، وسيكتبون يوما ما، كما سيكتب التاريخ أنهم غيّروا العالم وصانوه حرا أبيا، وسيبقون حراسه.
بقلم: ديب علي حسن