الشريط الإخباري

الحدث بمعايير الفعل الاستراتيجي – صحيفة الثورة

كل المعطيات تؤشر إلى أننا أمام حدث انعطافي، وتتفق في هذه الخلاصة القراءات السياسية والدبلوماسية وحتى الميدانية التي توجتها زيارة العمل التي قام بها السيد الرئيس بشار الأسد إلى إيران.

الأمر ينسحب على مستويات ثلاثة بدت متقاطعة في الحصيلة النهائية بمخرجات شكلت حتى اللحظة شكلاً من أشكال التمازج بين الرؤية الاستراتيجية على مستوى المنطقة، والقراءة الدولية للرسائل التي خطتها الزيارة الحدث.

صحيح أن العلاقات السورية الإيرانية شهدت في السنوات الماضية الكثير من مشاهد التطور المطرد بما يخدم مصالح الشعبين، لكنها أيضا بهذه الزيارة وتوقيتها ومضامين القضايا التي طرحتها، تضيف فرقاً سياسياً لا يمكن تجاهله أو القفز فوق مفاعيله، وهو الفرق الذي يراكم من البعد الاستراتيجي للعلاقات التي امتزجت وتشاركت في التصدي لأشرس مؤامرة عرفتها المنطقة في عهدها الراهن.

فكثير من المفاعيل ترتفع وتيرة تظهيرها مع مرور الوقت، وتُراكم من حجم الخطوات التي تبنيها، خصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد انكفاءً في المشاريع العدوانية وفشلاً في المخططات، بما تستدعيه من تفعيل لخطوات التنسيق والحذر الشديد على ضوء ما يرسمه الأعداء للشعبين وللدولتين من خطط بديلة في المرحلة المقبلة.

الفرق هنا ليس على المستوى السياسي فحسب، ولن يقتصر على المقاربات التي أنتجتها تجربة ثماني سنوات من المواجهة المفتوحة، التي شهدت خلالها الاستهداف المباشر بكل الوسائل ومن مختلف الأدوات والمرتزقة والعملاء ومن لفّ لفّهم، بل يحتاج إلى إنتاج يوازي تحديات المخاطر التي تمثلها المرحلة الراهنة ومثيلتها القادمة.

حجر الأساس في المقاربة السياسية يقتضي أساساً ترسيخ جوانب التجربة بمعايير الفعل الاستراتيجي، لتكون العلاقة شكلاً من أشكال الحصانة وتمتين أدوات المواجهة وتشكيل حائط صد إضافي رسخته الزيارة الحدث بكل أبعاده وخطواته وما يمليه من ضرورات.

فالمعايرة هنا ليست على مستوى الفعل الإقليمي وتبعاته فقط، بل تنسحب على نطاق المواجهة القائمة وتجاذبات التوتر والتسخين في العلاقات الدولية، حيث الناتج الفعلي والمحصلة الواقعية للعلاقة السورية الإيرانية تحقيق التوازن في مقومات المواجهة وصولاً إلى إحداث الفرق، عبر إفشال مشاريع الهيمنة وكسر مخططات العدوان، مروراً بالناتج الأساسي لمحور المقاومة ورديفه الفعلي على النطاق الدولي الذي يتبلور من خلاله محور مقاومة الإرهاب على وقع ترنُّح مشروع داعمي الإرهاب ومموليه وحاضنيه.

الزيارة تحولت إلى حدث استراتيجي بفعل مقومات الدور السياسي للبلدين وما أنتجته العلاقة على المستوى الإقليمي والدولي بأبعاد سياسية وإنسانية وقانونية، وبمفاعيل مباشرة آنية ومرحلية وعلى المدى البعيد والاستراتيجي، حيث المقارنة هنا ليست في التحولات الكبرى والانعطافات السياسية، فحسب، بل أيضا على مستوى المنتج الميداني.

الزيارة الحدث ومشهدها الانعطافي.. تؤسس لمرحلة يبدو فيها الفارق بيّناً وواضحاً، وراكمت من الخطوات التي أعطت للتنسيق السوري الإيراني والعلاقة القائمة انعطافة إضافية وتحولات نوعية على مستوى المواجهة، التي تستعر فيها صنوف الحرب وتتعدد مستوياتها، وصولاً إلى تعدد الاحتمالات ليبقى الفارق الجوهري أنها وضعت حجر الأساس لأشكال الردع على مستوى العلاقات الدولية، كما هو بطبيعة الحال على النطاق الإقليمي.

بقلم: علي قاسم