دمشق-سانا
كابوس جديد بدأت تعيشه الدول الأوروبية بعد مطالبات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتهديداته لحكوماتها بقبول عودة من تبقى من إرهابييها في سورية وذلك بعد أن غضت هذه الدول والحكومات الطرف لسنوات عن تدفقهم للانضمام لصفوف التنظيمات الإرهابية المختلفة في سورية.
الرفض الشعبي والحكومي بدأ يتصاعد في الدول الأوروبية بشان عودة هؤلاء الإرهابيين بعد تصريحات ترامب الأخيرة والتي طالب فيها الدول الأوروبية خاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا بضرورة استقبال إرهابييها وعائلاتهم مهددا بإطلاق سراح المعتقلين منهم إذا لم تقبل هذه الدول عودتهم ما يشير من جهة أخرى إلى العلاقة العضوية ودعم الولايات المتحدة لهؤلاء الإرهابيين.
الدول الأوروبية المعنية وجدت نفسها أمام معضلة أمنية كبيرة حيث يرى مسؤولون أمنيون أوروبيون أن هؤلاء الإرهابيين تلقوا تدريبات وحصلوا على مهارات وقدرات تجعلهم يشكلون خطرا أمنيا كبيرا.
ووفق دراسة أجريت عام 2016 فإن ما بين 3900 و 4300 من مواطني دول الاتحاد الأوروبي التحقوا بصفوف تنظيم داعش الإرهابي أغلبهم من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا عاد 30 بالمئة منهم إلى بلدانهم.
بريطانيا إحدى أبرز الدول التي دعمت الإرهاب في سورية على مدى السنوات الماضية تحت مسمى معارضة معتدلة تعالت فيها الأصوات المحذرة من عودة مواطنيها الإرهابيين إلى بلادهم والمطالبة باللجوء إلى إحياء قانون عمره 650 عاما بتوجيه تهمة الخيانة العظمى لمواجهة عودتهم فيما قال وزير الداخلية ساجيد جاويد قيل أيام أنه سيفعل كل ما بوسعه لمنع عودة أولئك الإرهابيين معبرا عن القلق والمخاوف من احتمال عدم التمكن من محاسبة الإرهابيين وعائلاتهم لدى عودتهم إلى بريطانيا.
فرنسا التي أرسلت مئات الإرهابيين إلى سورية ودعمتهم بالسلاح والمال أعربت عن رفض الاستجابة لطلب ترامب بشكل فوري لكنها قالت إنها مستعدة للنظر في قضية مواطنيها من الإرهابيين حالة بحالة فيما أعلنت الدنمارك بشكل صريح رفضها استقبال الإرهابيين الدنماركيين ولم تعقب بلجيكا إحدى أكثر الدول المصدرة للإرهابيين إلى سورية قياسا لنسبة السكان على تهديدات ترامب وتتكتم حكومتها عن الحديث عن ملف عودة مواطنيها الإرهابيين إلى بلدهم.
وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في تصريحات متلفزة أعلن أنه سيكون من الصعب للغاية تنفيذ الدعوة الأمريكية إلا ضمن شروط محددة وأن عودة هؤلاء الإرهابيين ستكون ممكنة فقط إذا ضمنا أن يمثلوا أمام القضاء فور عودتهم ويكونوا رهن الاحتجاز.
وتحاول واشنطن انقاذ الإرهابيين الأجانب بعد أن انتهى دورهم في سورية حيث سرعت خلال الأسابيع القليلة الماضية خططها لمساعدة هؤلاء الإرهابيين بحجة إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية وبدأت ممارسة الضغوط على دولهم الأصلية لاستقبال بضاعتها حيث أعلن مسؤول أمريكي استعداد واشنطن للمشاركة فى عمليات تهريب الإرهابيين ممن يحملون جنسيات أجنبية مع عائلاتهم شريطة الإسراع فى ذلك فيما كشف اليوم عن تناقض واشنطن مع دعواتها للأوروبيين مع رفض الإدارة الأمريكية عودة إحدى إرهابياتها من سورية بحجة أنها لا تحمل الجنسية الأمريكية في حين أكد محاميها أنها مواطنة أمريكية.
مراقبون يرون أن الضغوط الأمريكية لإعادة الإرهابيين ستزيد من حالة الذعر والخوف في الدول الأوروبية التي أصبحت تواجه مصاعب أمنية وسياسية وقانونية حيال مسألة عودتهم فيما ينشغل المشرعون في تلك الدول بسن القوانين الخاصة لمكافحة الإرهاب وإطلاق يد الأجهزة الأمنية بمختلف أذرعها لمواجهة الإرهابيين العائدين من سورية في محاولة للتقليل من خطرهم على أمن بلدانهم الداخلي أو التخلص منهم قبل وصولهم.
ريم أبو ترابي