لم تتكشف بعد كل المداولات التي أدرجت على جدول اجتماع واشنطن للمجموعة المصغّرة الذي ضم سبع دول، بينها مصر والأردن، إضافة إلى الكتلة الصلبة في منظومة العدوان بريطانيا وفرنسا والسعودية وألمانيا وأميركا بالطبع.
والأمر ذاته ينطبق على المخرجات التي أرادت واشنطن من خلالها أن توصل رسالة مفادها أن ما فرقته هزيمة المشروع الإرهابي تجمعه جردة الحساب التي تقتضيها المتغيرات، على أساس التقليل من حجم الخسائر وفي الحد الأدنى البحث في بدائل فرملة أو تعطيل مسار سوتشي، الذي يبدو أنه المؤهل الوحيد على تحقيق اختراق يعيد المسار السياسي إلى سكته الصحيحة، إذا ما نفّذ التركي تعهداته..!!.
لسنا بوارد تقييم نقاط الاتفاق والاختلاف التي باتت أكثر وضوحاً داخل منظومة العدوان، ولسنا بصدد بحث الذرائع التي تدفع الأردن ومصر للمشاركة في اجتماع يصنف نفسه على قائمة الخاسرين، وما تثيره من أسئلة معلقة ترفع من وتيرة الهواجس لدى البقية الباقية من منظومة العدوان التي تم استبعادها.
فالحصيلة في التقييم الأولي وفق التسريبات الشحيحة تشي بأن ما اتفق عليه المجتمعون يكاد يعاكس في النتيجة كل ما سبق لهم أن اختلفوا عليه.. قديمه وجديده، في وقت تسري بعض التكهنات حول ما آلت إليه حصيلة المشروع والفتات المتبقي منه.
غير أن هذا لا يحول بأي شكل من الأشكال دون التوقف عند سلسلة نقاط تتعلق أساساً بجوهر النقاش المفترض، والغاية من إعادة إثارة الهواجس تلك، خصوصاً أن التوقيت ليس بريئاً، ولا هو خارج أجندة الاستهداف المباشر لقمة سوتشي الثلاثية.
في المعطيات.. ثمة تحولات ميدانية فرضت نفسها بقياسات سياسية، يتم التعبير عنها من خلال إعادة استحضار الأوراق التي تجاوزتها الأحداث، وحتى ما كان يتم التعويل عليه لإحداث الفرق، يبدو أنه يفقد قوة تأثيره المباشر، ليصبح اجتراراً في الوقت بدل من الضائع.
في القراءات.. لا يزال الرهان مستمراً على تقليص الفارق بين المخرجات المنتظرة وبين الوقائع على الأرض، حيث يُراهن الأميركيون على ترميم الصورة التي بدت صادمة، في محاولة يائسة لتصحيح ما يمكن تصحيحه من تشوهات تتشكل عن تلاشي التاثير في المسار السياسي بعد الفشل الميداني، وبالتوازي مع التصدعات التي تواجه العلاقة الأميركية بأطراف اللقاء المصغر إقليمياً ودولياً.
واشنطن التي أحضرت مذكرات جلب مسبقة، كانت تعي أن المخرجات التي تراهن عليها ليست أكثر من سياق دعائي لن يغير في الوقائع.. ولن يبدل في القراءات، باعتبار أن سوتشي لم تنتظر في الماضي، ولن تنتظر حاضراً ومستقبلاً التقييم الأميركي، والأهم أن التطورات الميدانية لم تأخذ في حساباتها يوماً الهواجس والتورمات الأميركية.
الفرق الوحيد ربما الحاضر أن أميركا تشاغب على حدود الهامش الذي رسمته، لكنها تبقى عاجزة عن إدراك مقاصدها إلا من خلال تعميم الفوضى التي سعت إليها باستعراض العضلات، أو الهروب من أزماتها وتأزم علاقتها مع منظومة العدوان بالهروب إلى الأمام، وبالهرولة نحو فتح الجبهات المؤجلة وافتعال المعارك المجانية.
فمجموعتها المصغرة وسابقتها المكبرة لم توصل إلى أي مكان ولم تبرع يوماً إلا في تجارة الوهم وترويج الأكاذيب، إذ ما عجزت عنه بالإرهاب من خلال رعاية ودعم وتمويل التنظيمات التكفيرية الظلامية، لن تناله بالإرهاب السياسي أو بالإرهاب الاقتصادي، أو بسياسة العزف على أوتار الانتصار الإعلامي المؤجل.
بقلم: علي قاسم