الحسكة-سانا
الأمطار الغزيزة التي شهدتها محافظة الحسكة خلال الموسم الحالي أسهمت بشكل كبير في تغير الواقع الزراعي عامة وعززت من التوقعات بموسم وافر خلافا للمواسم السابقة ولا سيما الفائت الذي شهد أضرارا كبيرة لحقت بالفلاحين جراء انحباس الأمطار.
وأدت الهطولات المطرية الغزيرة المرافقة للموسم الزراعي الحالي إلى تحسن كبير في واقع نمو المحاصيل الاستراتيجية “القمح والشعير” حيث تشير تقارير مديرية الزراعة بالحسكة إلى أن واقع نمو النبات جيد في جميع المساحات المزروعة جراء الأمطار الغزيرة التي عمت كل مناطق الاستقرار الزراعي بالمحافظة وما رافقها من أجواء دافئة.
ووفق مشروع الاستمطار في زراعة الحسكة فقد تجاوزت نسبة الهطول في بعض المناطق معدلات الهطول السنوية وبلغت في تل علو 5ر337 مم متجاوزة المعدل السنوي البالغ 276 مم وفي أبو راسين بلغت الكمية الهاطلة 403 مم متجاوزة المعدل السنوي البالغ 227 مم أما بالنسبة لمنطقة الاستقرار الرابعة فقد بلغت الهطولات في العريشة 202 مم والمعدل السنوي 149 مم بينما اقتربت النسبة في منطقة المالكية من المعدل السنوي حيث بلغت النسبة 542 مم ومعدله السنوي 547 مم.
كميات الهطول فرضت واقعا زراعيا جيدا في عموم مناطق الاستقرار الزراعي وشجعت الفلاحين على الاستمرار في زراعة أراضيهم حتى الآن ولا سيما أن الأجواء الماطرة الممتدة على فترات لم تترك مجالا للمزارع لبذر الأرض خلال الفترة المقررة .
ووفق إحصاءات مديرية الزراعة بالحسكة فإن بعض المحاصيل قاربت تنفيذ الخطة الزراعية الفرعية والبعض الآخر تجاوزها كمحصول الشعير البعل.
ويوضح رئيس دائرة الإنتاج النباتي بالمديرية المهندس جلال بلال أن المساحة المزروعة بالقمح بلغت 500ر421 ألف هكتار منها 126 ألف هكتار مروي بينما بلغت المساحة المزروعة بالشعير 423ر428 ألف هكتار منها 18432 هكتارا مرويا ومساحات الشعير الرعوي 7900 هكتار لافتا إلى أن عمليات زراعة الشعير المروي انتهت فيما لا تزال زراعة باقي الحبوب مستمرة خلال الأيام العشرة القادمة.
وعن واقع المحاصيل الزراعية في الفترة الحالية يقول الخبير الزراعي المهندس رجب سلامة إن الواقع العام للمزروعات تجاوز مرحلة الممتاز بالنسبة لكل المحاصيل وشهدت فترة الزراعة إقبالا كبيرا من قبل الفلاحين لافتا إلى أن الطور الفيزيائي لنمو النباتات جيد والإصابات الحشرية المسجلة دون العتبة الاقتصادية ولا تستوجب المكافحة وهناك عمليات مراقبة للحقول الزراعية لمكافحة أي آفة قد تظهر في الوقت الراهن.
ودعا المهندس سلامة الفلاحين إلى مراقبة الحالة العامة لمحاصيلهم والإبلاغ عن أي آفة حشرية قد تتعرض لها والعمل على تطبيق الإرشادات الزراعية المعطاة من قبل المختصين في الدوائر والوحدات الإرشادية للوصول بالموسم الزراعي إلى مرحلة الإنتاج.
استمرار الهطولات المطرية وتحسن الغطاء النباتي بشكل كبير وفر مساحات كبيرة من المراعي للثروة الحيوانية في المحافظة وخفف من الأعباء المادية على أصحاب المواشي وساهم في توفر منتجات الألبان والأجبان وانخفاض أسعارها بشكل عام جراء انخفاض استهلاك الأعلاف التي ارتفعت خلال السنوات الفائتة لدرجة بيع أصحاب المواشي لقطعانهم.
وقال رئيس دائرة الصحة الحيوانية بمديرية الزراعة الدكتور يحيى داوود: إن الأمطار والأجواء الدافئة ساهمت في نمو المحاصيل والمراعي بشكل مبكر ووفرت الأعشاب البرية والحشائش الخضراء التي ستسهم بتوفير كل صنوف الفيتامينات والأملاح المعدنية التي يحتاجها الحيوان وعززت من مناعته تجاه الأمراض التي تنتشر عادة خلال الفترة الحالية من العام.
من جهة أخرى ساعدت الأمطار على إنعاش جريان الأنهار وحسنت نسب التخزين في السدود السطحية في عموم المحافظة ولا سيما أن كمية الهطولات لم تشهدها المحافظة منذ أكثر من ثماني سنوات.
وأوضح مدير الموارد المائية المهندس عبد الرزاق العواك أن الأمطار رفعت نسبة تخزين السدود في عموم مناطق المحافظة البالغ عددها 10 سدود سطحية وساعدت في جريان الأنهار الرئيسية كنهر الخابور والجغجغ ليبلغ مجموع تخازين السدود حتى تاريخه 383 مليون متر مكعب منها 340 مليونا تخزين سد الشهيد باسل الأسد علما أن كمية المياه المخزنة في سد الباسل خلال الموسم السابق وصلت إلى 96 مليون متر مكعب وما تزال الأنهار جارية حاليا ومن المتوقع أن ترتفع الكمية المخزنة في السدود مؤكدا جاهزيتها لاستيعاب كل كميات المياه الواردة إليها.
وبين العواك أهمية تخزين مياه الأمطار خاصة في سد الشهيد الباسل جنوب الحسكة حيث تتيح الكميات المخزنة إعطاء ريات للمساحات المزروعة على سرير نهر الخابور امتدادا من جسم السد وصولا إلى بلدة الصور على الحدود الإدارية الفاصلة بين محافظتي الحسكة ودير الزور.
إلى ذلك ينظر مزارعو المحافظة بعين الأمل لموسم زراعي وافر ويطالبون مجددا بمزيد من الاهتمام بالقطاع الزراعي لإعادته الى سابق عهده ولا سيما أن المحافظة ذات طابع زراعي وتحتاج إلى قرارات تدعم الفلاح وتنعكس إيجابا على واقعه بعد سنوات طوال عانى خلالها من مفرزات الحرب على الإرهاب وسنوات الجفاف المتتابعة.
جوان حزام