باريس-سانا
تواصلت الاحتجاجات الشعبية الفرنسية ضد سياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاقتصادية والتي أثارت غضب عشرات الآلاف من العمال والمتقاعدين الفرنسيين في وقت استمرت فيه الشرطة الفرنسية بقمع حركة المتظاهرين السلمية بلا هوادة.
أكثر من 200 من المتظاهرين بين مصاب أو معتقل خلال احتجاجات اليوم على يد الشرطة الفرنسية بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي الحي بشكل مباشر تجاههم في العاصمة الفرنسية باريس حيث تجمع المتظاهرون من حركة “السترات الصفراء” تحت قوس النصر في جادة الشانزليزيه في باريس وهتفوا مطالبين باستقالة ماكرون.
وقدرت الداخلية الفرنسية عدد المشاركين بالاحتجاجات المناهضة لماكرون بنحو”75″ ألف متظاهر حيث دعت منظمات شبابية وطلابية فرنسية إلى إقامة تجمعات في باريس وباقي أنحاء فرنسا احتجاجا على اجراءات الحكومة الفرنسية برفع الرسوم الجامعية للطلبة غير الأوروبيين كما دعت نقابات موظفي التعليم العالي إلى التجمع أيضا أمام جامعة السوربون بباريس وفي مدن فرنسية كبرى آخرى.
الشرطة الفرنسية قابلت المحتجين السلميين بالقمع الشديد وأطلقت الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت والمطاط وخراطيم المياه تجاههم بينما تحدى الكثير منهم تلك الاجراءات وحاولوا كسر الأطواق الأمنية التي أقامتها الشرطة في الشانزليزيه التي قامت باعتقال أكثر من 140 شخصا من المحتجين الذين يطالبون بوقف زيادة ضرائب الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة ورفع أسعار الوقود .
الحركة الاحتجاجية تحولت على مدى عدة أيام إلى أحد أكبر التحديات التي واجهها ماكرون منذ توليه السلطة قبل 18 شهرا بينما توقع مسؤولون فرنسيون انتشار نحو خمسة آلاف من أفراد الشرطة والدرك في باريس مقابل نحو ثلاثة آلاف يوم السبت الماضي وسيتم نشر خمسة آلاف شرطي آخرين عبر البلاد تحسبا لاحتجاجات أخرى بينما قام عمال بوضع حواجز معدنية ولوحات خشبية أمام الواجهات الزجاجية للمطاعم والمتاجر الموجودة في أشهر شوارع باريس وستغلق جادة الشانزليزيه أمام حركة المرور وسيدخلها المشاة عبر نقاط تفتيش.
احتجاجات ومظاهرات “السترات الصفراء” بدأت في السابع عشر من تشرين الثاني الماضي ضد ارتفاع الضرائب والأسعار وتكاليف المعيشة وشارك فيها نشطاء من كل التيارات السياسية بما فيها أقصى اليمين الذي حملته الحكومة الفرنسية مسؤولية أحداث العنف بينما حافظ المحتجون على الطابع السلمي للاحتجاجات التي أصيب خلالها المئات.
وتمثل الاحتجاجات المتزايدة معضلة بالنسبة لـ “ماكرون” الذي أطلق كثيرا ً من الوعود والمبادرات منذ توليه الرئاسة في أيار عام 2017 لكنه لم يحقق منها شيئا وحاول تصوير نفسه على أنه بطل في مواجهة تغير المناخ لكنه تعرض للسخرية لعدم تواصله مع المواطنين في وقت يواجه فيه معارضة كبيرة لسياساته وانخفاضاً حاداً في شعبيته حيث تظاهر عشرات آلاف الأشخاص في أيار الماضي بأغلب المدن الفرنسية تعبيراً عن عزمهم التصدي لسياسة ماكرون الاقتصادية.
وتأتي هذه الاحتجاجات الشعبية في وقت تواصل فيه شعبية ماكرون تراجعها في أوساط معظم الفرنسيين الذين يرون أنها تصب في مصلحة الشركات والأثرياء فقط دون أن تعالج المشكلات الرئيسية المطروحة في فرنسا بينما يرى مراقبون أنه يسير على خطا سلفه فرانسوا هولاند الذي سجل أدنى مستوى للشعبية وذلك نتيجة الفشل الذريع الذي واجهته سياساته على مختلف الصعد الداخلية والخارجية.
وكان استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “إيفوب” لمصلحة صحيفة لو جورنال دو ديمانش ونشرت نتائجه في أيلول الماضي أكد تراجع شعبية ماكرون إلى مستوى قياسي حيث أظهر أن 71 بالمئة من الأشخاص الذين أدلوا بآرائهم أعربوا عن عدم رضاهم عن أداء ماكرون .