دمشق-سانا
ساعد الجو الفني في أسرة المؤلف الموسيقي إيهاب مرادني على انجذابه نحو الموسيقا واتجاهه نحو دراستها بشكل خاص وتعمقه في المقامات الموسيقية وتعلم العزف على آلة العود على يد العازف إبراهيم إبراهيم الذي يعود له الفضل في إتقانه لهذه الآلة.
ويتميز أسلوب مرادني في الموسيقا التصويرية بالنمط الشرقي وفي اشتغاله على الشخصيات الرئيسية للعمل فلكل منها ثيمتها الموسيقية المميزة في عمله وهذا ما يتذكره المشاهد في عدة أعمال منها.
وعن بدايته وعمله كمؤلف موسيقي قال إيهاب مرادني في حديث لـ سانا في المرحلة الجامعية اشتركت مع فرقة المسرح الجامعي في لوحات أكتب السيناريو لها ومنها دخلت إلى حقل الإعلانات التلفزيونية من عام 1991 وحتى 1999 ولي أكثر من أربعمئة إعلان تلفزيوني أفكارا وتلحينا وهذا أدخلني للحياة البصرية والمونتاج والكلمة واللحن فضلا عن تلحين شارة البرامج التلفزيونية مثل “عالم الزراعة” و”الرياضة حياة”.
وأوضح مرادني أنه في عام 1998 تعرف على المخرج يوسف رزق الذي كان يعمل في مجال الدعاية والإعلان وتعاونا معا في هذا المجال فوضع الموسيقا التصويرية لمسلسل “رقصة الحباري” وتلاها مجموعة من الأعمال للمخرج رزق مثل “قتل الربيع” و”سفر الحجارة” و”حاجز الصمت” وسواها.
ويعتبر مرادني أن من أجمل الأعمال التي ألف لها الموسيقا التصويرية كانت مع المخرج سمير حسين وهي “أسير الانتقام” “قاع المدينة” “حائرات” “ليل ورجال” وقريبا سيكون هناك عمل جديد بينهما.
وعن العلاقة بين الموسيقا التصويرية وأغنية الشارة يقول مرادني إن الموسيقا داخل العمل هي أهم من أغنية الشارة على الرغم من أن الأخيرة تأخذ الألق الأكبر لدى المشاهد مبينا أن هناك الكثير من الملحنين يعتنون بالشارة على حساب الموسيقا الداخلية وهذا يعتبره خطأ ويحاول إيجاد توازن بينهما ويقوم بتركيب الموسيقا للمشاهد بشكل شخصي وبمفرده ولا يقبل بأن يقوم غيره بعملية الإعداد الموسيقي لأعماله.
ويوضح أن وضع الموسيقا التصويرية لكل عمل درامي يأخذ معه أربعة أشهر من العمل المتواصل بداية من قراءة النص ووضع اللحن ومن ثم يكون تصنيع الموسيقا بالتزامن مع التصوير للعمل ومع انتهائه يكون قد أنهى التلحين وتسجيل الموسيقا بالاستديو ومن ثم يقوم بتركيب الموسيقا والإعداد الموسيقي بالترافق مع المونتاج.
والدور الرئيسي للموسيقا التصويرية برأي مرادني دعم الصورة لأن الفن التلفزيوني هو بصري وسمعي كما أن الرسالة الأولى للعمل الدرامي هي الصورة ويأتي الصوت والموسيقا بالمرتبة الثانية موضحا أن هدفه ليس تصنيع موسيقا جميلة فقط بل موسيقا مناسبة للصورة وهذا يعني ان وظيفة الموسيقا ليست ملء الصمت بل دعم الحالة الدرامية ودعم التأثيرات النفسية على المشاهد والتأسيس السمعي لبعض المشاهد والربط بينهما.
وعن تقنية العمل يقول مرادني إن الإعداد الموسيقي هو اختيار الموسيقا المناسبة لكل مشهد واختيار لحظة دخولها وخروجها وأحيانا يتم استخدام الصمت كموسيقا ويكون أبلغ من أي موسيقا مضافة معتبرا أن الموسيقا التصويرية تأخذ أهميتها من أهمية العمل وجماهيريته وأحيانا تنجح بسبب نجاح العمل جماهيريا حتى لو كانت دون المستوى والعكس غير صحيح فلا تستطيع الموسيقا ان تنقذ العمل اذا كان ضعيفا فهي تعطيه نقاطا إيجابية فقط.
ويتابع إن العمل هو الذي يفرض الطريقة التي اتعامل معها لحنيا فلكل عمل خصوصيته ويهمني البيئة التي أشتغل عليها فسمة العمل تؤثر على نوعية المقامات الموسيقية والآلات الموسيقية المستعملة كما تؤثر طبيعة الصراع بين الشخصيات وطريقة التطور الدرامي للعمل على الجمل الموسيقية الموضوعة لذلك لكل عمل حالة خاصة من التلحين.
ويوضح مرادني أن لكل ملحن بصمة خاصة وهذا لا يعني التكرار والتشابه بين الأعمال فهذه عملية دقيقة يحاول من خلالها وفي كل عمل ان يعطي طابعا جديدا لهذا العمل رغم وجود رابط خفي يجمع أعماله كلها.
وبدأ مرادني في الفترة الأخيرة الكتابة والتلحين لأغنيات بعيدا عن الدراما وقام في عام 2013 بتلحين أغنيتين للفنان رفيق سبيعي بعنوان “على سورية انسحب السيف” و “ضب سلاحك” من كلمات أحمد السيد وفي عام 2014 لحن له أغنية “حالي من حالك يا جار” من كلمات عبد الرحمن الحلبي وهي أغنيات لها علاقة بالأزمة التي نعيشها كما لديه حاليا مشروع غنائي مع الفنانين نانسي زعبلاوي وأدهم كريم وكلها من انتاج إذاعة دمشق.
ويرى أن الموسيقا التصويرية في سورية متطورة وحققت قفزات كبيرة بسبب تميزها عن معظم الموسيقات التصويرية العربية التي تركز على شارة العمل واستقدام النجوم للغناء والتوزيع الموسيقي على حساب الموسيقا الداخلية للعمل وهنا تكون الموسيقا فقدت الهدف منها بينما في سورية يوجد عمل وجهد على الموسيقا داخل العمل يعادل الجهد المصبوب على الشارة.
ويقول ان الموسيقا التصويرية هي اختصاص بحد ذاته وقد لا يستطيع ملحن الأغاني ان يقدم موسيقا تصويرية ناجحة لافتقاره الرؤية الدرامية والمعرفة بتقنيات التمثيل والإخراج والمونتاج والمكساج الضرورية لعمل مؤلف الموسيقا التصويرية وبنفس الوقت يستطيع ملحن الموسيقا التصويرية أن يلحن الأغاني لأنها قريبة من تلحين الشارات الدرامية.
ويتابع إن الدراما حاليا تستعين بخبرات خارجية لأهداف تسويقية بحتة رغم توافر إمكانات مهمة لدينا في التأليف الموسيقي وهذا ينطبق على تأدية شارات المسلسلات من قبل نجوم الغناء رغم وجود أصوات غنائية مهمة وجميلة من المغنين السوريين ومن كل الأجيال.
وعن الشللية كمفهوم عمل يقول مرادني إن التوافق مع عدد من المخرجين يحقق توليفة جميلة ويشكل أريحية بالعمل ويقدم رؤية بصرية موسيقية متوافقة مع بعضها مع الانتباه لعدم الوقوع في موضوع التكرار في حالة الاستمرارية بالعمل مع مخرجين محددين.
ويتمنى أن يتصدى لعمل بالغ الأهمية ليس من ناحية الكلفة الإنتاجية إنما كقصة وإخراج وقيمة فنية لأن الموسيقا ستنجح مع نجاح هذا العمل لكونه يعتمد على القصة كمفاتيح للجمل الموسيقية التي يؤلفها وأن يكون هذا العمل من النمط التاريخي ليحمل إمكانية التنوع الموسيقي والدخول إلى مساحات موسيقية لم يدخل اليها بعد.
ويشير مرادني إلى أن الاختصاصات الثلاثة التي يعمل عليها في التدريس والمونتاج والتلحين تشترك في المخيلة ويقول إن هذه الاختصاصات أحبها واعمل على تطويرها على التوازي وأوفق بينها من خلال تنظيم الوقت.
ورغم عمله كمدرب للمونتاج في عدد من مراكز التدريب الإعلامي داخل سورية وخارجها إلا أنه لم يدخل للمونتاج للأعمال الدرامية لحاجة هذا التخصص للتفرغ التام وهذا سيلغي الوقت الذي يخصصه لعمله كملحن ومؤلف موسيقي وكمدرب للمونتاج في عدة أماكن داخل وخارج سورية وكمدرس في كلية الهندسة المدنية.
وحول الأجور التي يتقاضاها المؤلفون الموسيقيون يقول مرادني إن الأجور لا تتناسب مع الجهد المبذول أو بالمقارنة مع مؤلفي الموسيقا التصويرية في البلدان العربية الأخرى لكون جميع العاملين في المجال الفني يتقاضون أجورهم كمردود مادي عن جهد فردي لهم إلا أن الملحن للدراما يشارك أجره كل الطاقم الموسيقي والتنفيذي الذي ينتج الموسيقا التصوير بشكلها النهائي.
والفنان ايهاب مرادني من مواليد دمشق عام 1971 وحاصل على إجازة في الهندسة المدنية من جامعة دمشق ودرس الموسيقا الشرقية وأصول التلحين والعزف على آلة العود بشكل خاص ويعمل كمدرب للمونتاج في عدد من المراكز الإعلامية التدريبية في سورية وخارجها ويدرس في كلية الهندسة المدنية بجامعة دمشق وله الكثير من المؤلفات الموسيقية للأعمال الدرامية والإعلانية والغنائية وحاصل على جائزة “أدونيا” كأفضل موسيقا تصويرية عن مسلسل “حاجز الصمت” عام 2005 .
محمد سمير طحان