شكت مصر من الإرهاب الذي يستفحل عندها، وطالب وزير خارجيتها سامح شكري العالم مساعدتها عليه. دولة كبرى كمصر تئن وهي في بداية وجعها، فكيف بالتالي يكون خيار سورية التي عشعش الإرهاب في جغرافيتها وصار علامة صعبة ومعقدة، وكذلك حال ليبيا ولبنان على الطريق.
لم يعد خافيا أن هذا الإرهاب صنيعة دول متعددة، كل منها له مأربه فيه. لايمكن لمولود أن يكون بلا أب وأم، لكن ثمة أبناء تختلف ولاداتهم عن من رباهم ورعاهم، تماما مثلما هو الإرهاب في الوطن العربي الذي بات قوة تحتاج لمساعدة العالم بالفعل كما طالب الوزير المصري. لكن إلى حين.
لكن القصة لاتنتهي هنا، بل إن بدايتها مكتوبة بتشكيل من الحروف التي باتت مقروءة ومعروفة، لم يعد يخفى على أحد من هم صناعه، ومن هم داعموه وممولوه ومن يرعاه. هي أشبه بحملة يتحمل كل طرف جزءا مما تحتاجه في مسيرتها. وهؤلاء لم يعودوا مبهمين بل إنهم يعرفون جميعا بأنفسهم ويتباهون بأنهم هم أصل البلاء الذي تعانيه سورية مثلا، واليوم هي معاناة العراق، وستلحقها مصر طالما أن الخيار وقع عليها، وباتت واحدة من المستهدفين.
إن ماعانته سورية خلال السنوات الأربع تقريبا يكشف طبيعة التشكيل الدولي والإقليمي الواقف وراء الإرهابيين، والمعنى الذي يراد من ورائه الوصول إلى غايات شطب الدولة والنظام والشعب، وهو أمر يتعاظم كلما فكرنا بأن له نهايات. ولهذا السبب لم يبق أمامنا سوى التفكير بالمطالبة بقطع العلاقات مع أصل الإرهاب، مع هذا التشكيل العربي العالمي الذي يقف وراءه ويصنعه ويدعمه ويموله.
نعلم أن قطع العلاقات لن يمنع من استمرار هذا الإرهاب حيا حيثما وجد. لكن الضرورة باتت تستدعي الذهاب إلى نوع من الاستحقاق الذي يحقق ولو خطوة لدرئه، بعدما أصبح هذا الإرهاب عالما متسعا له بداية وليس له نهاية، متمدد في أكثر من اتجاه ويهدد أكثر من دولة عربية في صميم وجودها الوطني والقومي.
إننا أمام معركة مباشرة مع شكل الإرهاب، لكن المعركة الحقيقية مع الواقفين خلفه. فعلى الدول المتضررة من الإرهاب توحيد جهودها وأدائها لتصل إلى رأس النبع، إن المعركة حتى الآن صعبة وعميقة ومتداخلة وتحتاج لصبر ووقت طويلين، لكن قطع رأس الإرهاب قد يحقق النتيجة القصوى والسريعة، وبه وحده يمكن أن تتوقف كل عناصر التمويل والدعم والمشاركة والرعاية، وبه وحده يمكن التأسيس لمرحلة متقدمة من صيانة الوطن العربي.
على هذا الأساس لابد من الاعتراف أن وحدة القوى المتضررة منه مطلوبة وبسرعة، ولا يكفي فقط توجيه نداء إلى العالم للمساعدة، بل الخطوة الصحيحة إيجاد الوسيلة الجماعية، وهي متوفرة في الدول المتضررة، والتي يمكن لوحدتها ضد الإرهاب أن تقف في وجه المشروع بوجهيه الميداني والداعم له.
لم يعد ينفع مناشدة العالم وقد فعلتها سورية منذ بداية المؤامرة عليها، ويفعلها العقلاء الليبيون، وهاهم المصريون يدخلون على الخط، ومثلهم اللبنانيون، وكذلك العراقيون والتونسيون وغيرهم. الهجمة تحتاج لهجمة معاكسة موحدة، فعسى أن نراها في أقرب فرصة.
رأي الوطن