الشريط الإخباري

متعثرون على العتبة السورية

لا تختلف وطأة الحروب، سرية كانت أم معلنة، من حيث النتائج الأليمة، التي تنبثق على الأرض ولا تستثني من تبعاتها أحداً، إلّا أن ثمة فرقاً جوهرياً تكترث له كثيراً أدبياتنا نحن البشر، يتعلّق بما يخص الجوانب الإنسانية والاعتبارات المعنوية، ولعلنا لا نملك هنا إلّا التوقف كثيراً عند مصطلحات الغدر والخيانة، التي تكون الأكثر وضوحاً في حالات الحرب، السريّة منها وحتى العلنية، ولو بدرجاتٍ ربما أقل.

وفي تدفقات المفاجآت اليومية بشأن متعلقات التعاطي الخارجي مع مجريات الوضع الراهن في سورية ما يسترعي ويستدعي معدلات عالية من التدقيق، وكم هي صادمة المعطيات والحقائق التي يمكن الخروج بها، بعد ثلاثية التدقيق والتحليل والاستنتاج، على قاعدة ما يتكشف في أروقة السياسة وأخبار الميدان، ولنتابع..
الاتحاد الأوروبي يحظر وقود الطائرات عن الطيران السوري، الذي يضرب الإرهاب وداعش، رغم “استنفار الدنيا” لمهمة باهظة الفاتورة، يمكن أن ينجزها الطيران السوري بكفاءة عالية!.

أحد “أمراء” آل سعود يعترف بتورط نظام أسرته بنشوء” داعش” من خلال دعم جميع التنظيمات الإرهابية في سورية، وببالغ درجات “الصفاقة” تُرائي أسرته اليوم بمحاربة الإرهاب!.

ينشغل العالم حالياً بالحديث والعمل على مكافحة الإرهاب في سورية، ويتجاهل التقارير الميدانية، التي تتحدّث عن تزايد تدفقات الإرهابيين باتجاه المضمار السوري عبر معبر كلس الحدودي مع تركيا، ويعلن “أردوغان” أن عين العرب استراتيجية بالنسبة لتركيا، وليس للولايات المتحدة الأمريكية، فلتعذره في إرهابه كل الدنيا إذاً!.

“إسرائيل” تأمر بإخلاء مواقع ما يُسمى “جبهة النصرة” على الحدود مع سورية، واستبدال عناصر المجموعات بآخرين كأذرع أكثر فعالية للتخريب في الداخل السوري، والشرطي الأمريكي يزمجر متوعداً “داعمي الإرهاب” على مدار الساعة!.

وسلسلة طويلة من الأنباء التي تضع كل مراقب أمام زحام من التساؤلات حول حقائق وخلفيات ما يجري، تخص مصداقية الأوروبي والأمريكي والمنظمات الدولية من أعلى هرميتها إلى أدناها، في مساعيها المزعومة لمكافحة الإرهاب وداعميه، وباختصار يمكن لمن يشاء أن يطلق السؤال المحرج جداً، وهو: ماذا عن إسرائيل وتركيا والسعودية بما أن “الاعتراف سيد الأدلة”؟!.

ليأتي الجواب واضحاً أمام كل الباحثين عنه على شكل تقارير أميركية وأوروبية بدأت تتزاحم بصدد تكاليف الحملة على “داعش”، حتى بات كل من يتابع يعتقد أن البنتاغون متفرّغ هذه الأيام لإحصاء مبالغ صرفيات الإنفاق على “عراضة” محاربة الإرهاب، وعلينا أن ننتظر إحصاءات مشابهة سترشح قريباً من مقصورات “الزعامات” الأوروبية، إنها حكاية استثمار طويلة، مطلوبة بإلحاح أوروبياً وأمريكياً، في زمن الانكماش العالمي والأزمات المالية التي تعصف بعواصم رأس المال والرفاه التقليدي المزعوم.

نحن في سورية الآن، وفي ظروف طغيان جذوة التهافت الدولي على تجميع الثروات، نبدو أمام مهمة أكثر تعقيداً من السابق، فقد كنا نحارب الإرهاب وهو في حالاته التقليدية، والآن نحارب الإرهاب، وهو في حالة صبّ الزيت على ناره ودخانه، الحالك السواد، من قبل “مستثمرين” حاذقين في سلوكيات تنمية رؤوس الأموال عبر أزمات الشعوب، وعلى أنقاض البلدان وجماجم البشر فيها، فعندما تتسع رقعة الأزمات تتزايد معدلات العائد “الاستثماري”، وهذه حقائق ولم تعد مجرد ظنون.

أمام كل تعقيدات هذا المشهد بتفاصيله المتداخلة، تتوالى انتصارات الجيش العربي السوري، تاركةً ما يشبه الأحجية لكل مراقبٍ ومتابع على مستوى العالم، فالصراع الآن صراع بين جيش عقائدي وجيوش الارتزاق، المنتصر فيه هو العقيدة الوطنية، التي لم تُهزم على مرّ تجارب الدول والشعوب.

وها نحن أمام درس جديد لم يُعره عرابو اقتصادات الريع و”الكومسيون” والبترول اهتماماً، مفاده أن إرادة الشعوب تقهر سطوة رأس المال، والدرس هذه المرّة تطبيقي ميداني سوري الهوية والمنشأ، لا علاقة لنظريات آدم سميث وكينز بفحواه ومؤداه.

ناظم عيد

انظر ايضاً

الجولان في القلب بقلم: طلال ياسر الزعبي 

بعد مرور واحد وأربعين عاماً على قراره ضمّ الجولان العربي السوري، هل استطاع الكيان الصهيوني …