الشريط الإخباري

الاقتصاد التركي بين مطرقة العقوبات الأميركية وسندان التضخم

أنقرة- سانا

لم يكتف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بتحويل تركيا إلى دولة داعمة للإرهاب بمختلف أشكاله وتكميم أفواه المواطنين واستخدام وسائل القمع من سجن وإقالة وطرد من العمل بل حولها إلى دولة فاشلة اقتصادياً بعد التدهور الأخير وغير المسبوق للمؤشر الاقتصادي.

صدمات عدة تعرض لها الاقتصاد التركي خلال الأعوام الماضية والليرة التركية فقدت نحو عشرين بالمئة من قيمتها منذ بداية العام الجاري والتهاوي يتواصل بشكل يومي ليصل هبوطها اليوم الى نحو 14 بالمئة بعد تفاقم المخاوف بشأن نفوذ اردوغان وهيمنته على السياسة النقدية وتدهور علاقاته مع الولايات المتحدة لتتحول إلى حالة ذعر في السوق التركي.

بيع العملة التركية عمق بواعث القلق لدى البنوك الأوروبية حيال الانفتاح على تركيا ولا سيما بخصوص ما إذا كانت الشركات التركية المثقلة بالديون ستستطيع سداد القروض المصرفية التي جمعتها باليورو والدولار بعد سنوات من الاقتراض الخارجي لتمويل طفرة إنشاءات تحت حكم اردوغان وتحولت الليرة التركية بذلك إلى أحد أسوأ عملات الأسواق الناشئة في العالم.

تعيين اردوغان صهره برات البيراق وزيراً للمالية والخزانة القى بظلاله على الوضع الاقتصادي التركي وارتفعت نسبة العجز فيه على أساس سنوي إلى مستويات غير مسبوقة مع فقدان المستثمرين المحليين والأجانب الثقة في الاقتصاد بعد أن أقصى كبار خبراء الاقتصاد الاتراك وكذلك فضيحة تورط اردوغان ومقربين منه في قضايا فساد كبرى ووصول معدل الفائدة في أخر تحديث له إلى 75ر17 بالمئة سيؤدي إلى خنق الاقتصاد المحلي بينما يؤكد بعض ممثلي قطاع الأعمال التركي على أن هذا المعدل بالنسبة لتركيا أخطر من أي عقوبات تفرضها واشنطن وبات سوق السندات التركي المقوم بالعملة المحلية الاسوأ في العالم.

وجاء التصعيد في العلاقات الأميركية التركية على خلفية قضية القس أندرو برانسون الذي اعتقلته السلطات التركية عام 2016 بتهمة الإعداد للانقلاب الذي جرى منتصف تموز من العام نفسه واتخذه اردوغان حجة ليتخلص من مئات الآلاف من معارضيه سواء بالسجن أو الإقالة ليضع النظام التركي في وضع لا يحسد عليه.

ومع تنفيذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديداته بمعاقبة انقرة وزيادة الرسوم على واردات تركيا من الألمنيوم بنسبة 20 بالمئة والصلب 50 بالمئة يصبح الاقتصاد التركي محاصراً بين مطرقة العقوبات الأميركية وما يعانيه بالفعل من تضخم وارتفاع في أسعار الفائدة.

حروب اردوغان الدونكوشوتية افقدته توازنه متجاهلاً جميع اخطائه وزاعماً أن تركيا لن تخسر حرباً اقتصادية في الوقت الذي يلقي فيه التبعات الاقتصادية على كاهل المواطنين بمطالبته تحمل العبء الأكبر من الخسائر المالية نتيجة أخطائه السياسية والاقتصادية ولنهجه الديكتاتوري القائم على الهيمنة على جميع مجالات الحياة في تركيا ولا سيما الاقتصاد ودعاهم إلى تحويل العملة الصعبة والذهب إلى الليرة.

وللهروب من الواقع اعتمد اردوغان أسلوب النعامة في الاختباء حيث انبرى إلى التهوين من الأزمة الخانقة التي تمر بها الليرة التركية قائلا: إن على الناس ألا يولوا انتباهاً كبيراً لأسعار الصرف الأجنبي وأن يركزوا بدلا من ذلك على الصورة الكبيرة.

تصريحات اردوغان لم تقنع أحدا وجاءت برد فعل عكسي مع تراجع الليرة أكثر مباشرة بعد إطلاقه هذه التصريحات لتسجل0800ر6 للدولار منخفضة نحو تسعة بالمئة عن اليوم السابق.

ويبدو أن اردوغان الذي امتلأ رأسه خلال سنوات من الحكم السلطوي بجنون العظمة حتى اعتقد أن لا شيء يمكن أن يقف في وجهه بات على شفا السقوط السريع ومواجهة أخطائه  التي تراكمت خلال سنوات من القمع والتآمر سواء بحق شعبه أو حق شعوب المنطقة.

نزهة القوزي