الشريط الإخباري

عيد الجيش… عيد كل السوريين

دمشق-سانا

يتكرس عيد الجيش العربي السوري الذي يصادف الأول من آب عاما بعد آخر عيدا لكل السوريين ففي كل بيت جندي ما زال قابضا على الزناد يقارع الإرهاب أو شهيد استبسل وارتقى فداء للوطن او جريح تلهج له الالسن بالدعاء بالشفاء العاجل.

آباء وأبناء واخوة وأقارب وجيران وأصدقاء .. رجال الجيش يشكلون حياتنا ويرسمون مستقبلنا فانتصاراتهم فرحنا وغيابهم ألمنا .. هو الجيش الباسل الذي أقسم على صون كرامة الوطن وحدوده وحمايته.

الجيش الذي روى على مدى سبع سنوات بدماء أبطاله أرض سورية لتزهر بالسلام بات عيده عيدا شخصيا وعيدا للوطن.

تفتح ذكرى عيد الجيش ملف ذكريات أبو أحمد بائع هدايا أطفال الذي أدى خدمته العسكرية الإلزامية بين 1979 و1983 في مطار التيفور بريف حمص الشرقي ويحكي لمراسلة سانا إنه قضى في خدمة الوطن أربع سنوات إلا 18 يوما وما زال يتذكر تلك الأيام مع رفاق السلاح ويصفها بـ “الجميلة.. يدخل الشاب الجيش خائفا فيتعلم الرجولة والشجاعة .. الجيش يربي ويهذب ويصنع الأبطال وبالوقت ذاته نخدم وطننا اذا لم نكن نحن نقوم بذلك فمن سيحميه”.

يعبر أبو أحمد عن رغبته بأن يتحول يوم عيد الجيش إلى مهرجان كبير قائلا.. “أتمنى أن يكون لمة فرح كبيرة للاطفال يتعلمون فيه قيم البطولة والتضحية للحفاظ على الوطن فليس من شيء أغلى من الوطن .. نضيع إن ضاع الوطن” ويأمل أبو أحمد الأب لأربع بنات وصبيين أن يرى مستقبلا طفليه رجالا في صفوف الجيش العربي السوري.

تثير ذكرى عيد الجيش لواعج الحنين في صدر عقيل سلام لأخيه الشهيد الأصغر في الأسرة ويستعيد محمد سائق التكسي يوم استشهاد أحمد في 22 -2-2013 في الطبقة بالرقة ويستعرض صورته في جهاز الخلوي ويرى ان “عيد الجيش يجب ان يكون يوما لجميع السوريين يحتفلون فيه برجال الجيش القديسين” داعيا الله أن يحمي كل جندي مرابط على الجبهات دفاعا عن البلد.

فارس الحموي الذي كان سائقا مرافقا في الجيش يرى أن أهم عيد يجب أن نكرسه في سورية هو عيد الجيش متمنيا الشفاء لكل الجرحى واملا أن يعود سريعا لعمله.

مرح عاقل الطالبة الجامعية تأمل أن يكون العيد القادم احتفالا بالنصر الكبير على الارهاب موجهة التحية إلى الجنود على الجبهات وتتمنى أن يكون عيد الجيش مليئا بالفرح والهدايا ويعم كل بلدة وقرية مثل عيد الأم كما “تقدم الأم الحنان لأطفالها فأبطال الجيش بذلوا أرواحهم ليعطونا الأمان والسلام”.

في مدخل حديقة تشرين يندفع اطفال فرحين وكبار بحماس لتدوين كلمة شكر لأبطال الجيش على ورقة كبيرة وضعت فوق طاولة خشبية بكتابة الشخص اسمه مع التوقيع بعد تدوينه جملة قصيرة يعبر فيها عن خلاصة شعوره تجاه من ضحوا بحياتهم لنكمل حياتنا باطمئنان “منصورين .. الله يحميهم .. الجيش لا يقهر” كلمات شكر بعبارات مختلفة تطوي صفحة بعد اخرى وتقول إحدى السيدات وهي معلمة انها كتبت.. “الله يحميهم منصورين دائما ” ولدى تذكيرها بعيد الجيش وماذا تقول لهم قالت.. “الأول من آب نعرفه جيدا تاريخ محفور بعقولنا وقلوبنا .. سورية بتضحياتهم افضل .. خسارتنا ما فقدناه في سنوات الحرب لا تعتبر خسارة مقابل ان يبقى البلد موحدا وكلنا (ايد وحدة) وترجع المحبة”.

أطفال صغار يتسابقون لخط كلمات الشكر لجيشهم محمود (8 سنوات) كتب.. “الشكر لهم .. الله يحميهم وينصرهم” أما محمد جحا (11 سنة) فكتب.. “أشكركم على حمايتنا” فيما دونت الطفلة ليان شقدوح (8 سنوات).. “شكرا للجيش العربي السوري”.

ويقول حسين مرعي مسؤول الإعلام في جمعية لأجلك سورية التي أسست للاهتمام بجرحى الجيش إنهم يسعون لتدوين مليون رسالة شكر للجيش العربي السوري يخطها السوريون عرفانا بالجميل لمن دافع وقاتل واستشهد ليبقى البلد حرا سيدا بينما تقول ايناس ضوا (إعلامية) إنها كتبت.. “الله يحمي الجيش وينصره” متمنية بهذا العيد ان تنتهي الحرب قريبا “ويرجع الجنود سالمين إلى اهلهم ونراهم بيننا اخوة واقارب وجيرانا”.

بعاطفة ظاهرة تتحدث عربية حلاب (خياطة) رافعة يدها بالدعاء لحماية رجال الجيش وعند سؤالها إن كان لديها ابن بالجيش تجيب بسعادة غامرة.. “طبعا .. ابني عسكري” باحثة في حقيبتها تخرج هاتفها الخلوي ترينا صورته تضيف بنبرة افتخار.. “يقاتل الإرهابيين في درعا”.

وتتوجه دلال فضال (موجهة تربوية) لكل رجال الجيش في أي مكان بالدعاء “الله يديمهم ذخرا للوطن وسدا منيعا في وجه أي عدوان .. لولاهم لما كنا موجودين” وتقول.. “كنا قبل الحرب نردد جملة الله حامينا .. انما لم نكن موقنين المعنى الحقيقي لهذه العبارة حتى وقعت علينا الحرب فكان جنودنا نهارا وليلا صامدين يقاتلون يدافعون يجسدون هذه العبارة لنحيا بأمان واطمئنان”.

جنود سابقون غادروا ميدان الحرب قبل فترة وجيزة يعبرون عن مشاعرهم بحرارة لرفاقهم ويقول حسام زكريا من الدورة 102 التي تم تسريح عناصرها بعد خدمة امتدت لثماني سنوات.. “كنا رفقة حرب واخوة حقيقيين .. (سوا) كل الوقت” متوجها إلى رفاقه بدرعا الذين ما زالوا يقاتلون الإرهابيين بأن يكون النصر حليفهم ويرجعوا سالمين بينما زوجته عبير البحري تقول: “جنود الجيش باتوا بهذه الحرب موجودين في كل تفاصيل حياتنا .. جنديا منتصرا وشهيدا مرتقيا وجريحا ننتظر شفاءه دائما .. معنا وبقلوبنا أتمنى لهم النصر لأن النصر أكبر فرحة لهم ولنا”.

ويرى جلال تباب الجندي السابق في الجيش الذي تسرح حديثا ان جنود الجيش العربي السوري عملوا المستحيل في هذه الحرب متمنيا أن تنتهي قريبا بالنصر ويعود الجميع إلى أسرته وأهله وهو بخير ويخص بالتهنئة بمناسبة عيد الجيش رفاقه الذين كان معهم طيلة السنوات الماضية ويرى أن عيد الجيش لم يعد يوما عاديا بل يوما استثنائيا في حياة السوريين.

الآباء وأطفالهم يتحدثون اللغة ذاتها عندما يكون الجيش محور الكلام ويرى علي سليمان (موظف) أن مصدر الفخر للسوريين في هذه الحرب هو الجيش العربي

السوري ولذلك كل يوم يفترض ان يكون عيدا لهم “كل احبتي بالجيش .. أخي وابني عمي وابن عمتي وغيرهم ارتقوا شهداء” فيما يختار ابنه الطفل نور الدين الذي كان يرافقه ان يوجه بعيد الجيش تحية إلى عمه ويقول نور (11 عاما).. “لا أعرف بالضبط على أي جبهة يقاتل عمي لكن ادعو له بالنصر وأن يرجع لنا سالما”.

وتجتذب صورة الجندي وهندامه الفنانين التشكيليين وبات في مواقع البطولة والدفاع عن الوطن يلون لوحاتهم وتقول الفنانة التشكيلية منال عرنوس.. غالبا في لوحاتي احاكي السلام “والجيش بات هو الامل وصانع السلام الحقيقي .. فلولا تضحياتهم لن نعيش بسلام .. بكم (بكرا) وسورية أحلى”.

وتحببا برجال الجيش بات مألوفا ارتداء لباس يقارب ألوان لباسهم .. نور الأحمد وهي زوجة جندي ارتدت قميصا مموها مع اشارب يناسبه فوق بنطال جينز وتقول ضاحكة مشيرة إلى قميصها.. “أحلى لون” وتضيف الزوجة الشابة متوجهة لزوجها في عيد الجيش.. “الله يحميك مع كل الحب”.

تتجول أم خالد مع طفليها بأمان في حديقة تشرين مدركة أنه لولا الدماء الزكية للجيش العربي السوري وتضحياته الجسام لما كان بإمكانها الخروج دون قلق أو خوف وتقول.. “قبل أربعة اشهر كنا محتجزين خائفين في منازلنا من القذائف التي يطلقها الارهابيون لكن اليوم كيفما تلفت ترى الناس يخرجون يتنزهون .. لقد أعادوا لنا الوطن معافى نتجول بين أحضانه بسلام” اما لمن تتوجه بالمعايدة في يوم عيد الجيش فتردد ضاحكة.. “كل رجال العائلة بالجيش اخوتي علاء وبهاء وخالي وأعمامي … وأبي عسكري متقاعد .. جميعهم اقول لهم كل سنة وهم سالمين”.

شهيدي عجيب