الشريط الإخباري

التغييرات المناخية تهدد الحياة على الأرض

دمشق-سانا

يدق الخبراء ومراكز الأبحاث ناقوس الخطر ويرفعون درجة تحذيراتهم من مخاطر التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن التلوث البيئي وما تحمله من تهديدات على الصحة العامة خلال السنوات القادمة.

ويرى أستاذ الصحة العامة في كلية الطب البيطري بجامعة حماة الدكتور دارم طباع أن هذه التغيرات تحدث بمعدل أسرع مما يتوقعه الخبراء بناء على المعطيات المناخية المعروفة محذراً من أن مستوى انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون المتزايد سيؤدي إلى التدهور الكلي للغابات والارتفاع الكبير لمستوى مياه البحار مما يزيد من شدة التغيرات البيئية ويسبب انخفاضاً في مستوى الإنتاج الزراعي في العالم وبالتالي مشاكل اقتصادية وتنموية وغذائية.

ويوضح طباع أن إحراق الغاز الطبيعي والنفط والفحم وغيرها من أشكال التلوث ذات المصدر البشري لاسيما في الحروب والنزاعات المسلحة تحتل الحصة الأكبر في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري خلال العصر الحديث.

ويذكر طباع ان التغير المناخي المتسارع الذي يتمثل بارتفاع درجة الحرارة وتبدل النظم البيئية القائمة والمستقرة يشكل تهديداً للصحة العامة ويشكل بيئة مناسبة لتكاثر أنواع ضارة من الحشرات وانقراض أنواع برية من الحيوان والنبات أو انتقالها من أماكن وجودها الحالي إلى أماكن جديدة محدثة خللاً في خارطة انتشار الأوبئة والأمراض التي اعتاد الإنسان على وجودها والتعامل معها وبالتالي يصبح غير قادر على السيطرة عليها.

ويشير طباع إلى أنه من نتائج الاحتباس الحراري ظهور حالات غير اعتيادية من الجفاف والفيضانات والعواصف التي أصبحت أكثر حدوثاً مما مضى ويتوقع لها أن يزداد خطرها بشكل أكبر في المستقبل موضحاً أن لارتفاع درجة حرارة سطح المحيطات درجة مئوية واحدة القدرة على تحميل الغلاف الجوي ستة بالمئة من بخار الماء أكثر من المعتاد وهذا يغير بالتأكيد من الدورة المائية الطبيعية محدثاً أمطاراً غزيرة في بعض مناطق العالم وجفافاً طويلاً في مناطق أخرى.

ويلفت طباع إلى أن ارتفاع درجة الحرارة في المناطق التي تعاني من الضباب الدخاني الناجم عن الاحتراق يترافق بارتفاع معدلات تواجد الأوزون على سطح الأرض والتي لاتزال في ازدياد في أجزاء كثيرة من العالم ما يؤدي إلى مزيد من التعقيدات وحتى الوفيات الناجمة عن أمراض الجهاز التنفسي.

ويؤثر الاحتباس الحراري وارتفاع الحرارة فوق الأرض على انتشار الأمراض ويمكن أن يؤدي إلى الموت ويبين طباع أن ارتفاع الحرارة يؤدي لزيادة انتشار أمراض كثيرة منها الأمراض السارية المنقولة بالبعوض والحشرات الأخرى كالملاريا والحمى الصفراء واللشمانيا والتهاب السحايا والكوليرا وأمراض التسمم الغذائي كالسلمونيله والشيغيله.

ويشير طباع إلى وجود تأثير غير مباشر للاحتباس الحراري يتمثل في إجهاد الجهاز الدوري والجهاز التنفسي عند الإنسان وازدياد غاز الأوزون في طبقات الجو الدنيا الذي يعد ملوثاً خطراً يفسد رئة الإنسان ويزيد من مشاكل المرضى المصابين بالربو وأمراض الرئة الأخرى.

ويبين طباع وجود ارتباط بين الكوارث الطبيعية التي يحدثها التغير المناخي وبين انتشار أمراض نفسية كحالات الاكتئاب والقلق التي تؤدي أحياناً إلى الانتحار ناصحاً المصابين بالاكتئاب باتخاذ الخطوات اللازمة لحماية نفسهم من التغييرات البيئة.

ومن المتوقع أن يسهم تغير المناخ بخفض الإنتاج الغذائي العالمي بنسبة 2 بالمئة كل عشر سنوات في جميع أنحاء أفريقيا وجنوب آسيا وهي المناطق التي يتم إنتاج معظم المواد الغذائية في العالم منها رغم تزايد الطلب على الغذاء عالمياً بنسبة 14 بالمئة الأمر الذي يؤدي إلى وصول أسعار الأرز والذرة إلى مستويات مضاعفة بحلول عام 2050 وهذا يعني ازدياد حالات الهزال نتيجة الجوع في العديد من دول العالم الفقيرة.

وتسبب التغيرات المناخية بمشكلة إضافية وفقاً لطباع تتمثل بشح المياه وانعدامها في بعض المناطق ما يسبب زيادة حالات التجفاف خصوصاً عند الأطفال وكبار السن ما سيؤدي إلى زيادة نسبة الوفيات وسيكون من الصعب على الكثير من الناس تأمين مستلزمات حياتهم اليومية من مياه الشرب والغسيل والطبخ وزيادة اعتمادهم على مياه غير صالحة للاستعمال في العديد من أنحاء العالم وبالتالي ازدياد حدوث الأمراض المرتبطة بالماء.

ويرى طباع أن ظاهرة الاحتباس الحراري أحد أسوأ المخاطر التي تهدد استدامة الحياة على سطح الأرض وبالتالي حياة البشر والأحياء الأخرى والأنظمة البيئية محملاً مسؤولية التغيرات المناخية للإنسان وأنشطتهم غير المقننة لاسيما في الدول الأكثر تقدماً أي الدول الصناعية الأكثر إضراراً بالبيئة والأكثر تسبباً في ارتفاع درجة الحرارة فوق الأرض.

ويدعو طباع منظمة الصحة العالمية والمختصين بالشؤون الصحية والخدمات الطبية إلى تحمل مسؤولية تحديد المخاطر المحتملة الناجمة عن التغيرات المناخية وتطوير وسائل تقاوم آثارها على الصحة عبر تحسين وتوسيع نطاق خدمات الرعاية الطبية الأولية ورفع كفاءة التحضيرات لمواجهة الكوارث وتخفيف تبعاتها وزيادة وسائل الوقاية من نشر وتوفير مياه نقية وتأمين مستلزمات برامج تناول اللقاحات بشكل آمن ومستقر ومجاني ورفع مستوى التثقيف الصحي الموجه للعناية بالصحة الشخصية وصحة البيئة.

ويؤكد طباع ضرورة تطوير فهم وممارسة المتخصصين في الطب لينظروا إلى الصحة ضمن منظورها البيئي فلا يمكن تجاهل البيئة إذا أردنا الحفاظ على الصحة العامة.

عماد الدغلي

انظر ايضاً

ملابس بلا جيوب لمكافحة الفساد

باريس-سانا أطلق خياط شهير في اسونسيون مجموعة من البزات التي لا تحتوي على جيوب في …