ريف دمشق-سانا
وسط استمرار الجيش العربي السوري في عمليته العسكرية بضرب أوكار وتجمعات التنظيمات الإرهابية المسلحة في محاور عدة من حي جوبر تمكن من السيطرة على مساحة واسعة على المحور الشمالي الشرقي لجوبر على طول واحد كيلومتر وعرض نصف كيلومتر تمتد من كراجات البولمان حتى جسر زملكا ليحكم بذلك في شبه طوق على ما تبقى من أفراد هذه التنظيمات داخل الحي وعزلها عن خطوط إمدادها الخلفية في بلدتي زملكا وعربين من الغوطة الشرقية.
العملية العسكرية التي بدأت في نهاية آب الماضي كانت ذات خصوصية شديدة في طبيعة المعارك القتالية اعتمد فيها الإرهابيون بشكل كامل على شبكات عنكبوتية من الانفاق والتفخيخ الكثيف لكل شيء حتى أثاث المنازل إلا أن كل هذه التحصينات انهارت بخبرة قتالية عالية للجيش العربي السوري.
كان الهدف الأساسي للقادة الميدانيين على هذا المحور الوصول إلى جامع طيبة معقل الإرهابيين والسيطرة عليه إلا أن ذلك لم يستغرق إلا ساعات لتتهاوى تحصيناتهم خطا وراء الآخر وتحقيق هدف الجيش بالوصول إلى جسر زملكا إذ حسب توقعات الميدان سيسرع ذلك من نهاية العملية العسكرية في جوبر وإعادة الأمن إليها قريبا.
وأوضح قائد ميداني أن طبيعة القتال والاشتباكات منذ بدء العملية العسكرية على هذا المحور كانت “من جدار إلى جدار ومن غرفة إلى أخرى ضمن البناء الواحد وإن كانت لكل حارة طبيعة قتال خاصة”.
وتابع القائد الميداني إنه “في كل عملية اقتحام سواء بيوت عربية أو أبنية كان الهدف هو تأمين عملية الإخلاء والإمداد.. نمد ستائر مقابل المداخل بين الأبنية للتعتيم على القناصين وعدم تمكينهم من استهدافنا وإقامة التحصينات والتدشيم”.
الوصول إلى جامع طيبة كان هدفا رئيسيا في الخطة العسكرية لهذا المحور ويبين القائد الميداني أهمية ذلك.. الجامع كموقع استراتيجي كان يشكل مقرا أساسيا لما يسمى تنظيم “جيش الإسلام” الإرهابي وخط الدفاع الأول للإرهابيين وتم تقسيمه إلى غرف عمليات وتم تحصينه بالدشم وكاميرات المراقبة وتفخيخ محيطه بالعبوات الناسفة فضلا عن شبكة انفاق تحت بناء الجامع تتفرع إلى الحارات الغربية والشرقية والجنوبية المحيطة به لكن خلال ساعات على بدء العملية “تمكنا من السيطرة عليه وهو ما أحدث حالة انهيار بين الإرهابيين خاصة أنهم كانوا يتحدون الجيش باقتحامه والسيطرة عليه لتحصينه ومحيطه من أبنية على امتداد حارات بالتفخيخ والانفاق”.. لتأخذ بعده العملية العسكرية مسارا أوسع مع الخبرة القتالية التي امتلكها عناصر الجيش.. “وهكذا بتنا نتقدم بشكل مستمر حتى الاقتراب من نهاية المهمة بالوصول إلى جسر زملكا والسيطرة عليه”.
وقال القائد الميداني بعد جامع طيبة واصلنا تقدمنا باتجاه برج فتينة وعند الاقتراب منه تم تفخيخه وتفجيره من قبل الإرهابيين خوفا من سيطرة الجيش عليه كنقطة حاكمة تكشف مواقع الإرهابيين واستخدامه كقواعد لإطلاق النار واستهداف مواقعهم في جوبر.
وشكلت العبوات الناسفة بأنواعها المختلفة إحدى أكثر العقبات لكن بوجود خبرات كبيرة من عناصر الهندسة تم تفكيك العبوات الناسفة وتجنب أي مخاطر من انفجارها حيث لجأ الإرهابيون لتفخيخ كل شيء من شوارع ومداخل منازل وأثاث من أبواب و”خزانة ملابس”.
وأضاف القائد الميداني إن محور جامع طيبة من المحاور الصعبة وخاصة من الجهة اليسارية التي شهدت اشتباكات عنيفة نظرا لوجود أنفاق وتفخيخ كل شيء “حيث كانت توجد عقدة أنفاق متصلة ببعضها البعض يتوضع فيها القناصون ورماة القواذف لكن عناصر الجيش من المشاة وقوات الدعم الناري كسروا الخط الدفاعي الأول للإرهابيين وتمت هزيمتهم والتقدم باتجاه الإمام”.
وتابع القائد الميداني إن هذه الأنفاق شكلت أحد العوامل التي أبطات من عملية التقدم إذ إن هناك مقرات بالكامل للإرهابيين تحت الأرض جزء منها يكون مكشوفا كخنادق والنصف الآخر مغطى وبعضها تحت كتل الأبنية على عمق أمتار طويلة وضيقة ومتعرجة والنزول إليها والخروج منها ليس سهلا حتى أنه تم حفر نفق تحت طريق المتحلق الجنوبي يسير به الإرهابيون دون كشفه عابرا الطريق من جوبر إلى زملكا.
كان هدف الإرهابيين من هذه الأنفاق تفادي المواجهة المباشرة والاحتماء من ضربات الجيش ورماياته وفتح طريق إخلاء للهروب والانسحاب والإمداد بالأسلحة والذخيرة لكن تم الكشف عن كل هذه الأنفاق وامتداداتها وتفخيخها بالمتفجرات وتدميرها من قبل الجيش.
وبالوصول إلى جسر زملكا يكون الجيش قد سيطر على أكثر من نصف مساحة جوبر ومع انكسار الخطوط الدفاعية الأولى للإرهابيين وعدم تمكنهم مجددا من إقامة تحصينات أو تفخيخ أبنية واستمرار التقدم المضطرد للجيش والتطويق حتى اكتمال القوس وفصل جوبر عن الغوطة كليا فإن توقعات قادة الميدان بنهاية العملية العسكرية بات قاب قوسين أو أدنى ليسدل بذلك الجيش العربي السوري الستار على مسرح من الإرهاب اتصف بأكثر أساليب الإرهاب تعقيدا وهمجية.
تقرير: شهيدي عجيب