دمشق-سانا
تمتلك لوحة التشكيلي أحمد أبو زينة الكثير من الزخم اللوني والتضاد القوي إلى جانب التوازن في التوزع على سطح اللوحة عبر تجريد مميز مما يدخل المشاهد في حالات شعورية متناقضة محملة بأفكار عميقة وتفتح أمامه عدة من التساؤلات النفسية إلى جانب المستوى البصري العالي المرتكز على الجرأة اللونية في الألوان المتفاوتة بين الحار والبارد.
تحتاج لوحة أبو زينة للتأمل لتفكيك رمزها ومكوناتها اللونية الخالية تقريبا من الإيحاء فهي تقدم حوار لوني عميق يحمل ثقافة الفنان ومخزونه المعرفي والفني ويخاطب العقل والإحساس لدى المتلقي على حد سواء.
عن تجربته الفنية ونظرته لواقع الحركة التشكيلية السورية يقول التشكيلي أبو زينة في حديث مع سانا أقدم عبر لوحتي مشاعري وأحاسيسي ومخزوني الثقافي والفكري وأحاول أن أوصل كل هذا عبر أسلوبي الخاص وألواني مبيناً أن اللون في لوحاته هو المحرض الرئيس له .
ويتابع إن اللون عندي يبدو معقدا في بعض الأحيان لكنه يعمل في الوقت ذاته على إثارة المشاعر لدى المشاهدين ولاسيما أن لوحتي تقدم اللون الصريح القوي مباشرة مبيناً انه يبتعد عن فكرة الانسجام الهادئ للألوان مع بعضها وغالبا ما يلجأ إلى حوار الألوان الصريحة على القماش مباشرة.
ويوضح أبو زينة إن نجاح تجربته الفنية يعتمد على التوازن اللوني والقدرة على خلق عمل فني ناجح ويقول إن همي هو التوجه للقيم عبر التضاد اللوني بمفاهيم روحية وواقعية إنسانية ومخاطبتها بألوان ومساحات لونية تصادمية متضادة وممزوجة بواقعية تبسيطية شفافة لخلق حوار حضاري انساني عبر الشكل واللون والحالة الدرامية بينهما.
ويشير أبو زينة على أننا اليوم بأمس الحاجة للملتقيات الأدبية والفنية والثقافية في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها سورية وهذا يستدعي إيجاد فسحة للحياة للإنسان السوري ومن المفيد زيادة عدد النشاطات الثقافية.
ويبين الفنان الذي شارك في الملتقيات التشكيلية التي أقامتها وزارة الثقافة في كل من مدينتي دمشق وجبلة خلال هذا العام أن أي مكان يمتلك القدرة على احتضان أي نشاط ثقافي يعتبر مكانا مهماً وعندما يتسم هذا المكان ببعد حضاري وتاريخي وثقافي فهذا يزيده ألقا وتميزاً ويعطي زخماً للنشاط الثقافي خاصة إذا كان المكان مفتوحا أمام عامة الناس مما يساعد على تفاعلهم مع العمل الإبداعي ومع الفنانين أثناء عملهم مما يكسر الحاجز بين الناس والفعل الإبداعي الثقافي ويقربه منهم.
وبين أن دور الفنان السوري اليوم هو الاستمرار في العمل والبقاء في الوطن لتقديم الفن المعبر عن الحياة وقوة الإرادة.
وحول الملتقيات والأنشطة الفنية يقول أبو زينة إن تواجد مجموعة من الفنانين التشكيليين في ملتقى فني يساعد على تعرفهم على بعضهم عن قرب والاطلاع على أساليبهم وتقنياتهم وطرق عملهم وهو فرصة للتلاقي والحوار والتفاعل.
ومن خلال اطلاع أبو زينة على الصحافة الفنية الغربية التي اهتمت بأعماله التي عرضت هناك وأعمال التشكيليين السوريين ومن خلال تفاعل الجمهور الغربي مع هذه الأعمال عبر وسائل التواصل الاجتماعي يوضح أن الفن هو لغة عالمية ولا يمكن تجاهله لأسباب سياسية أو غيرها فهو إن كان يمتلك سمة الإبداع فسيفرض وجوده على الساحة الفنية العالمية .
ويقول أبو زينة إن الفن التشكيلي السوري موجود على الساحة العربية بقوة رغم غياب بعض الأسماء المهمة ولكن هذا وضع موءقت سيختفي مع تلاشي الأزمة مبيناً أن للحركة التشكيلية السورية قيمتها ودورها الرائد في الفن التشكيلي العربي.
شارك أبو زينة في أهم معرض بألمانيا والذي يعتبر من أهم المعارض التشكيلية في الغرب لكونه يستمر لأربعة أشهر متواصلة ويزوره أكثر من أربعمائة ألف زائر ويتقدم للمشاركة فيه كل عام أكثر من أربعة آلاف فنان تشكيلي من كافة أنحاء العالم ويتم اختيار مئة وثمانين فنانا فقط وتأتي هذه المشاركة تقديرا للوحة التشكيلية السورية عموماً بحسب تعبير أبو زينة.
ويعبر أبو زينة عن تفاؤله بمستوى الفنانين التشكيليين الشباب ويقول لاحظت في معرض الربيع لهذا العام مستوى مبشر من المواهب وأستطيع القول أن هناك سوية فنية عالية فاقت ما قدم في معرض الخريف وهذا يدعو للسعادة بوجود جيل سيطور الحركة التشكيلية السورية.
يذكر أن الفنان أبو زينة خريج قسم العمارة في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق عام 1970 وله العديد من المعارض داخل سورية وخارجها وحاز إلى جانب أربعة فنانين جائزة بينالي الخرافي الدولي الرابع للفن المعاصر الذي شارك فيه تسعون فنانا وفنانة تشكيلية من 17 دولة عربية.
محمد سمير طحان