سلبت تركيا بتواطؤ دولي مساحات كبيرة على امتداد الحدود الشمالية لسورية عام 1923 عندما تمّ تعديل خط الحدود الطبيعي من قمم جبال طوروس نزولاً باتجاه الأراضي السورية التي تم «قضمها» باتفاقية عالمية حددت يومها حدود تركيا ارتباطاً بجغرافيا ما بعد الحرب العالمية الأولى، وتلك الحدود وفق خريطة 1923 أصبحت نهائية وهي الحدود المعترف بها عالمياً.
ـ سلخت تركيا وبمساعدة أساسية من فرنسا وبتغطية من عصبة الأمم لواء الأسكندرون السوري عام 1939 وهو من أجمل بقاع العالم.
ـ احتلت «إسرائيل» هضبة الجولان عام 1967 وأخضعتها رسمياً لقوانينها وقضائها وإدارتها عام 1981.
إنّ الأراضي السورية التي سلبها المتآمرون تاريخياً تعادل مساحة «عدة دول من الخليج العربي» ومع ذلك يوجد من يستهجن الحديث عن عقلية «المؤامرة»..!.
المشهد اليوم مأساوي، وذات الأطراف الدولية متورطة في الدم السوري مع دخول أطراف جديدة ولكن تجاه الأرض السورية تغيّر الأسلوب من خلال اختراع «الاحتلال الاستيطاني التكفيري»، والإعلان عن شهية باقتطاع أقاليم أو مناطق سورية وقضمها تحت مسميات «دولة العراق والشام أو الخلافة أو إمارات إسلامية ومناطق عازلة..»، بحيث يتجسد أنموذج من احتلال مكوناته: «مرتزقة متعددو الجنسيات+ سكان محليون احتلت الوهابية عقولهم».
الأمر المختلف في المشهد الحالي هو النهم المتزايد لدى أطراف المؤامرة في تغيير هوية الدولة السورية ونهجها والعبث بمكونات الداخل وقيمه.
إذاً لا بد من استمرار التأكيد على الواجب الأكبر للسوريين تجاه فهم التعامل مع الحرب الدائرة على سورية في سورية، فعندما يكون الخيار الشعبي بين نزوح خارجي وداخلي فإنّ من مقتضيات الوطنية الانحياز للنزوح في الداخل ومنع التجارة السياسية العالمية بمخيمات الخارج.
وعندما يكون الخيار بين السفر أو البقاء في الداخل فلا بد من الانحياز للبقاء في الوطن والمشاركة في «المقاومة الشعبية» للاحتلال التكفيري.
اليوم ملايين السوريين خيارهم الهجرة أو السفر أو النأي بالنفس.. مع ألغاز لديهم تجاه خيارات التعامل مع الحرب.
«يوجد اعتداء متعدد الجنسيات على سورية ويجب ردعه ومقاومته»، هذا المعيار الوحيد المقبول في الحكم على الأمور.
إنّها دعوة لمن يسافر أو يهاجر أو يهجّر كي يستوعب أن دوره الحقيقي في الداخل السوري وفي مقاومة التكفيريين وليس متابعة الحدث السوري عبر الفضائيات و«النأي بالنفس»!.
بقلم: ظافر أحمد