دمشق-سانا
اتبع النظام البائد خلال توليه السلطة في البلاد سياسات اقتصادية ممنهجة لتدمير الاقتصاد، أدت إلى سيطرة أزلامه على مقدرات الدولة وثرواتها على حساب الشعب السوري، الذي عانى من الظلم والفقر والحرمان من حقوقه التي نهبها مسؤولو النظام المجرم وأذرعه الاقتصادية المختلفة.
الصناعي عاطف طيفور أوضح في تصريح لمراسل سانا أن الفساد لم يكن محدوداً بالمنظومة السياسية، وإنما امتد للمنظومة الاقتصادية التي كانت تشكل الخطر الأكبر على الدولة والمجتمع، ولا تعني فقط حصر الامتيازات بأشخاص محددين، كما كان الأمر قبل عام 2000، وإنما ابتكار منظومة مستقلة ومستحدثة تسيطر بشكل كامل على الاقتصاد السوري بجميع القطاعات، وبدايتها السيطرة على أغلب رجال الأعمال وجمعهم على طاولة واحدة مقابل النفوذ وتحويلهم إلى منظومة سوداء تتحكم بكامل المفاصل الاقتصادية، ومنها تنطلق تعديلات القوانين والتشريعات التي تخدم مصالح المنظومة، وعلى أساسها ترسم سياسات وخطط الوزارات لتتناسق مع أهداف المنظومة.
وأشار طيفور إلى أن المحسوبيات وحالات الفساد في العقود والمناقصات لم تكن ضمن نطاق ضيق لمصالح شخصية بين الراشي والمرتشي، وإنما كانت أهدافها أعمق وتستهدف انهيار مؤسسات الدولة الخدمية والإنتاجية لحصر الفائدة بالمنظومة الاقتصادية.
بدوره كشف الخبير الاقتصادي الدكتور محمد كوسا أن الإجراءات والقرارات والقوانين التي كانت تصدرها الحكومات المتعاقبة، وخاصة بعد العام 2012 كانت تدعم وتؤازر القطاع الخاص المحصور بالقلة أو الفئة المتحكمة المحتكرة لكل شيء في الاستثمار والاستيراد والتصدير والخدمات، وقطاعات الاقتصاد المالية والخدمية، وهو ما تجلى بشكلٍ واضحٍ من خلال نسبة الإنفاق العام الاستثماري إلى مجمل التكوين الرأسمالي الثابت الذي كان يحقق انخفاضاً متسارعاً عاماً بعد عام، نتيجة لانسحاب الدولة من الشأن الاقتصادي لصالح مجموعة الإثراء السريع، وإتاحة الفرص والإمكانات لها لنهب الثروة والموارد الطبيعية، ومنحها الاستثمار لجهات خارجية اختارها النظام.
“كان عبارة عن رهينة بيد النظام البائد”، بهذه الكلمات وصف المحلل الاقتصادي عامر شهدا القطاع الخاص خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي أدى وفق رأيه إلى انصياع قطاع الأعمال في سورية للسلطات الرسمية، موضحاً أن الاقتصاد كان يدار خلال الفترة الماضية بعقلية العصابات والمزارع، وكان التجار عبارةً عن نواطير لهذه المزارع، وهو ما أدى إلى حدوث فوضى اقتصادية استفاد منها بعض رجال الأعمال، الذين يمكن أن نطلق عليهم أزلام النظام.
ولفت شهدا إلى الدعم الكبير الذي كان يقدمه النظام البائد لأزلامه الاقتصاديين من خلال إعطاء البنوك تسهيلات ائتمانية وقروضاً للتجار المحسوبين على السلطة، ومنهم من حصل على مليارات الليرات في العام 2015 وبسعر صرف لا يتجاوز 175 ليرة للدولار الواحد، وبقي النظام يغض الطرف عنهم قرابة سبع سنوات حتى ارتفع سعر الصرف إلى 15000 ليرة، وحينها قاموا بدفع التزاماتهم للبنوك وفق سعر الصرف الجديد دون أن يتكبدوا أي غرامات أو فوائد، وهو ما أدى إلى نقل إمكانيات الدولة المادية من خزينة الدولة إلى أصحاب المصالح، وبالتالي التحكم بالاقتصاد الوطني.
وكشف شهدا أنه كان يتم توجيه اللجان والمجالس الاقتصادية المختلفة من قبل الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء، والتي كانت صلة الوصل مع القصر الجمهوري وتتلقى الأوامر منه، وتفرض كل القرارات الصادرة عن القصر الجمهوري على اللجنة الاقتصادية التي هي واجهة البرامج والسياسات.
جرائم النظام البائد في تدمير الاقتصاد السوري ليست سوى غيضٍ من فيض جرائمه بحق الشعب السوري في مختلف نواحي الحياة.
فهمي الشعراوي
لمتابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgen