دمشق-سانا
يسجل لدور النشر التي استمرت في نشاطها الثقافي رغم الأزمة التي تمر بها سورية منذ أكثر من ثلاثة أعوام قدرتها على التلاؤم مع الظروف الناجمة عن الأزمة وتقديم إبداع فكري يعكس رقي وحضارة الإنسان السوري بوجه الفكر الإرهابي والمتطرف الذي يساق إلينا من الخارج.
إحدى دور النشر المستمرة في النشاط الثقافي كانت دار ومؤسسة رسلان للطباعة والنشر والتوزيع والدراسات الاستراتيجية التي استمرت في نشر الكتب باللغة العربية والإنكليزية والفرنسية والروسية في كافة فروع المعرفة والفكر والأدب الإنساني فضلا عن توزيع منشوراتها ومنشورات عدد من دور النشر الأخرى إقليمياً ودولياً.
وفي حديث لسانا الثقافية قال رسلان علاء الدين مدير الدار تعتبر مؤسسة رسلان للطباعة والنشر والتوزيع من أنشط دور النشر في سورية رغم عمرها القصير نسبياً والذي لا يزد على عشرة أعوام استطاعت خلالها طباعة خمسمئة عنوان في مختلف مجالات المعارف والآداب.
وأضاف علاء الدين إن أهم المجالات التي تنشر دار مؤسسة رسلان الكتب بها هي التاريخ و السياسة و الاقتصاد و الإدارة و القانون و علم النفس و الاجتماع و النقد الأدبي و تعليم اللغات و النحو والزراعة و الصحة و التغذية و المعلوماتية إضافة لنشر كتب الأطفال و الموسوعات و المعاجم.
ويمر نشر الكتاب الواحد كما أوضح علاء الدين بعدد كبير من المراحل من حيث تدقيق الكتاب و إخراجه و إعداده للطباعة ثم تأتي مراحل الطباعة و التجليد و بعدها مراحل تسويق الكتاب و تعريف القراء به و كل مرحلة من مراحل إنتاج الكتاب تواجه صعوبات عديدة متعلقة بها.
وتزداد الصعوبات بازدياد العمل وتنوعه ويلخصها علاء الدين بضرورة مشاركة الدار في عشرات معارض الكتاب العربية سنويا و تحمل تكاليف المشاركة وشحن الكتب وبطاقات سفر المندوبين مع أجورهم وتكاليف إقامتهم و غير ذلك من التكاليف الباهظة التي ترهق كاهل الناشر.
وعن المنافسة التي تلقها الدار على الصعيد العربي بين علاء الدين أن من المظاهر الواضحة لتزايد المنافسة تزايد عدد المشتركين في معارض الكتاب عربياً وبينما كان عدد المشتركين في معرض أبو ظبي للكتاب منذ خمسة سنوات حوالي ثلاثمئة مشترك تجاوز اليوم تسعمئة ناشر وكذلك الأمر في معرضي الشارقة والجزائر
معتبراً أن سبب الزيادة يعود بالدرجة الأولى للدعم الذي يلقاه الناشرون المحليون في بلدانهم لتشجيعهم على المزيد من النشاط والإنتاج.
ولكن الناشرين السوريين لا يحظون بذات الدعم الذي يلقاه زملاؤهم العرب كما أوضح مدير دار رسلان وبينما كان بعض ناشرينا يحصلون على بعض الدعم اختفى هذا الدعم كلياً داعياً الجهات الرسمية لدعم قطاع النشر لكونه أهم القطاعات الثقافية والاقتصادية وهو أحد الأعمدة الرئيسية في اقتصاد المعرفة فدور النشر اليوم تنتج الكتاب الإلكتروني والوسائط التعليمية والمواقع والمكتبات الالكترونية وغير ذلك من المنتجات.
من أهم وسائل الدعم المطلوب اليوم من الحكومة بحسب علاء الدين قيام وزارة الاقتصاد بتحمل جزء من تكاليف الأجنحة في معارض الكتاب للناشرين السوريين أسوة بما تقوم به مع مصدري الخضار و الفواكه و الملبوسات و المعلبات و غيره.
ويربط علاء الدين دعوته لدعم دور النشر بدعم المكتبات المدرسية والجامعية و المراكز الثقافية بالكتاب السوري الحديث مما يساهم في تنشيط تسويق الكتاب السوري و تعريف الطلاب بالنتاج الأدبي و العلمي للكتاب السوريين وقيام وزارات التربية و التعليم العالي و الثقافة بإيلاء الاهتمام بالمكتبات التابعة لها والتي تعيش حالة إهمال ولامبالاة وهجرها رواد الكتاب نظراً لقدمها و عدم احتوائها على أي جديد.
وأبدى علاء الدين استغرابه من الموقف الذي تمارسه بعض البلدان العربية بحق الكتاب ودور النشر في سورية من خلال منعها من المشاركة في معارض الكتاب لديها كما يحدث في معرض الرياض الدولي للكتاب والذي منعت المشاركة السورية فيه منذ أربعة أعوام كما حرم الناشرون السوريون من دخول دولة المغرب للمشاركة في معرض الكتاب هناك، كما أن العديد من الدول العربية تطلب اليوم موافقات أمنية لدخول الناشرين السوريين و لا يتم النظر باعتبارهم حملة رسالة و فكر.
أما عن الاتجاه السائد في منشورات دار رسلان أوضح علاء الدين بأن الدار تهتم بنشر النتاج العلمي و الأدبي الحديث دون إغفال أهمية نشر الأعمال الكلاسيكية والتراثية عبر تدقيق الكتب وتحقيقها كما جرى في دواوين الإمام علي بن أبي طالب والإمام الشافعي فضلاً عن نشر بعض أمهات كتب التراث كشرح المعلقات العشر للزوزني والبخلاء للجاحظ.
ولفت إلى أن أهم مشاريع الدار في هذا الصدد موسوعة أعلام الشعر العربي حيث صدر منها حتى الآن أربعة عشر مجلد تناولت حياة وأهم أعمال شعراء الكلاسيكية العربية المعاصرة كالجواهري وأحمد شوقي و إيليا أبو ماضي و نزار قباني و غيرهم الكثير حيث تضمن كل مجلد دراسة أدبية عن الشاعر و مختارات لأهم أشعاره بإشراف الباحث هاني الخير.
كما نشرت الدار مؤخراً لطيف واسع من الكتاب السوريين والعرب كأدونيس والدكتور حسين جمعة والروائي عبد الكريم ناصيف وللجزائري رابح بومعزة ومن مصر الشاعرين أمل دنقل ومحمد آدم من الأردن الباحث اللغوي ماجد دودين والدكتور مهند الدعجة ومن لبنان الباحثة ندى ذبيان ومن اليمن الدكتور عبد الوهاب العقاب و من العراق الباحث قوام الدين الصدري.
محمد الخضر