الموسيقار الراحل سهيل عرفة.. مسيرة تختزل مشروعا موسيقيا قوامه اللحن والكلمة السورية

دمشق-سانا
“أنا دمشقي سوري عربي وكل ما يدور في خاطري من ألحان ينبوعها بلدي وأهلي وجيراني وأصدقائي والبيئة الشعبية فمنها أستوحي وفي حاراتها أعيش” هكذا عاش الوطن بقلب الموسيقار الراحل سهيل عرفة فحمل بين طياته مشروعا موسيقيا خالصا ولتختزن المكتبة الموسيقية السورية ابداعه وعطاءه لما يقارب 60 عاما ويصل نتاجه إلى أكثر من 1500 من الأعمال والألحان المتنوعة الساكنة في وجدان السوريين.

وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيله تستضيف دار الاسد للثقافة والفنون الخميس المقبل أمسية تكريمية بعنوان “تحية إلى الموسيقار الراحل سهيل عرفة” واليوم نستذكر أهم المحطات في مسيرته التي كان الوطن الحاضر الأكبر فيها.

توزعت الألحان التي قدمها الموسيقار عرفة بين ما هو ديني ملتزم وعاطفي وشعبي وفلكلوري ووطني وأعمال للأطفال جالت العالم وموسيقا تصويرية بقوالب غنائية متنوعة ومقامات نغمية عديدة.

وعن بداية مشواره في التلحين ينقل المرجع التوثيقي لحياة الموسيقار سهيل عرفة “النغم والكلمة” الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب عن الراحل قوله “بدأت العمل في الحصول على المعرفة من الأساتذة المتخصصين وتحسنت أحوالي في مجال الثقافة والتطبيق العملي وكنت دائم الاستشارة فيما ألحن وأدون فقلت ملاحظات الأساتذة مع الزمن وصرت أكثر ثقة بنفسي”.

وكل حدث يتصل بالوطن آثار الموسيقار عرفة ولمس عواطفه ليمسك عوده ويدندن عليه فإذا أتت الكلمات المناسبة من شاعر ألبسها ثوب لحنه ليبحث بعدها عن الصوت الذي يؤدي الأغنية فيكون من ذلك اتحادا فنيا ثلاثيا تحتويه الفرقة الموسيقية.

وحب الوطن عند الموسيقار عرفة هو أرفع أنواع الحب ليقول “إن العمل في سبيل رفعة الوطن يحتاج إلى جهود كثيرة يومية في جميع المجالات إضافة إلى التواصل بين الناس والجوار وعاشق الوطن يبذل كل ما لديه من مال وجهد وأقدام ليحميه من الطامعين فيه”.

وجد الموسيقار الراحل في صوت ابنته أمل ما يبحث عنه في تقديم مشروعه الموسيقي الوطني ففي إحدى زياراته لليمن تعرف على الشاعر عباس الديلمي ليقدم له الأخير قصيدة بعنوان “صباح الخير يا وطنا” وعن ذلك قال “من خلال هذه الأغنية قدمت ابنتي أمل إلى الساحة الفنية وبذلك قدمت نموذجا من الجيل الجديد الواعي الذي يتغنى بالوطن”.

كان للموسيقار عرفة مذهبه المتفرد في تناول الأغاني الفلكلورية الشعبية وله رؤية مختلفة بتطوير الأغنية كلمات ولحنا مع الحفاظ على الأصل وعن ذلك قال”قصدت من تطوير الأغاني الفلكلورية وفق خطة مرسومة التذكير بالأصل الجميل لا منافسته ومحاولة الغائه ليكون حالة من حالات الابداع”.

ولعالم الطفولة مكانة مميزة في حياة الموسيقار الراحل حيث تنوعت موضوعات أغانيه التي لحنها فاعتبرها من أهم المحطات في حياته ملحنا أكثر من 150 أغنية للأطفال تناولت موضوعات عن أفراد الإسرة والتغني بالطبيعة الجميلة والأعياد والمناسبات وكذلك القيم التربوية والأخلاقية والوطنية والصحية والاجتماعية وتعامل مع أبرز شعراء الأطفال منهم صالح هواري ومصطفى عكرمة وأحمد قنوع وعيسى أيوب وبيان الصفدي.

أما الأغنية التي جالت العالم وكان لها صدى كبير فهي أغنية “يا أطفال العالم” كلمات الشاعر عيسى أيوب وأداء هالة الصباغ والأطفال عام 1999 ونال عليها جائزة ذهبية في مهرجان النقود الذهبية الذي يقام سنويا بإيطاليا.

كان للموسيقار عرفة تجربة غنية مع الموسيقا التصويرية التي وضعها لأعمال كثيرة منحته كما قال “ثقافة واسعة شديدة الخصوصية من خلال قراءته الأعمال المسرحية والسينمائية والإذاعية والتلفزيونية لتنسجم الموسيقا مع المضمون وتعبر عنه أصدق تعبير وتسبغ عليه جمالا يضاف إليه ويقنع المشاهد”.

وفي رصيد الموسيقار عرفة وضع موسيقا تصويرية لأربعين فيلما وثائقيا وروائيا أما في الدراما فبلغ عدد المسلسلات التي قدمها لها الموسيقا التصويرية والشارة 66 مسلسلا من بينها أيام شامية والخشخاش.

كما ساهم الموسيقار عرفة بإطلاق عدد من المطربين السوريين والعرب أمثال سميرة سعيد وسمير يزبك وعصمت رشيد ومروان حسام الدين ومن الأصوات التي تعامل معها الموسيقار الراحل وديع الصافي وصباح ونجاح سلام وصباح فخري ومروان محفوظ ووليد توفيق وعازار حبيب وسميرة توفيق ودلال الشمالي ونصري شمس الدين وفهد بلان وفؤاد غازي ومها الجابري ورفيق سبيعي ومصطفى نصري وكروان وبلغ عدد من لحن لهم من الشعراء وكتاب الأغاني أكثر من 50 مبدعا من سورية ولبنان والمغرب والجزائر والأردن وفلسطين.

وعبر مسيرته الطويلة حاز الراحل العديد من الجوائز وشهادات التكريم أهمها عندما منحه السيد الرئيس بشار الأسد وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة عام 2007 وهو عضو في جمعية الملحنين والمؤلفين الدوليين في باريس واعتمد ملحنا في إذاعتي دمشق وبيروت مذ كان في الخامسة والعشرين من العمر.

رشا محفوض