اللاذقية-سانا
وصلت أجسادهم المتعبة من كفريا والفوعة بريف إدلب جراء الإصابات نتيجة القنص وقذائف الغدر والمرض إلى مشفى تشرين الجامعي باللاذقية ليتذوقوا بعضاً من طعم الراحة بعد أن أطبق عليهم حصار جائر لسنوات لتكون تضحيات آبائهم شفيعهم إلى هذه الحرية كما كانت سبب بقائهم وصمودهم.
أطفال صغار بعضهم لم يبلغ عامه الثاني عاشوا الحرمان والجوع في بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من قبل إرهابيي “جبهة النصرة” والجماعات المتحالفة معها لتستقبلهم أسرة مشفى تشرين الجامعي بمحافظة اللاذقية حيث يرقد آباؤهم بعد أن وصلوا إليه صباح اليوم ينتظرون علاجاً لو توفر لهم قبل هذا الوقت لما وصلت حالتهم إلى هذا الوضع الحرج.
خمس حالات مرضية منها إصابات عظمية وشظايا في العين والأذن وحالة لأورام يرافقهم 11 شخصاً من ذويهم من أطفال ونساء تمكن الهلال الأحمر العربي السوري من إخراجهم من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين أمس لتلقي العلاج في مشفى تشرين الجامعي باللاذقية.
محافظ اللاذقية ابراهيم خضر السالم وبعد اطمئنانه على حالة المرضى الواصلين من الفوعة وكفريا لفت في تصريح لمراسل سانا إلى “تشكيل مجموعة عمل لتأمين الفحوص الطبية اللازمة وتقديم الخدمات العلاجية وتسهيلها إلى جانب تسهيل التحاق الطلاب الخارجين مع ذويهم بالمدارس وتأمين السكن المناسب واللائق لهم مؤكداً أن “أبناء البلدتين أبطال حقيقيون ويستحقون كل تقدير لصمودهم في هذا الحصار الجائر الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ”.
من جهته أكد مدير مشفى تشرين الجامعي الدكتور لؤي نداف “استعداد المشفى لتقديم كل الخدمات الطبية اللازمة من عمليات جراحية أو أدوية” مشيرا إلى “وجود حالات صعبة بين الواصلين “ورمية وشظيات عينية”.
وأوضح الدكتور لبيب أحمد اختصاصي أمراض باطنية أن “إصابات الواصلين إلى المشفى من أبناء الفوعة وكفريا متعددة بين عظمية وعينية وأذنية وأورام.. بعضها إصابات قديمة لم تتلق العلاج المناسب نتيجة ظروف الحصار” لافتاً إلى أنه تم تجهيز أضابير خاصة بكل مريض ليتم تحويلهم إلى الأقسام حسب حالتهم الصحية وإجراء الاستقصاءات المناسبة لتقديم العلاج الملائم”.
حسين علي رجب التقته سانا في قسم الإسعاف حيث ينتظر انتهاء الفحوصات الطبية لاستكمال علاجه المناسب نتيجة إصابته بشظايا في يده وساقه وصعوبة تحريكهما لقدم الإصابة تحدث عن “صعوبة الحياة في البلدتين لقلة الطعام والدواء لكن إصراره على الحياة يغلب أوجاعه وهو ينظر الى زوجته وأطفاله الثلاثة حيدر “15” عاماً وهادي “11” عاماً ويوسف “3” أعوام الذين يحيطون بسريره في المشفى ويقول..”واظبنا على إرسال أبنائنا إلى المدارس للحفاظ على مستواهم التعليمي وبناء مستقبلهم لأننا ندرك أن بلدنا سينتصر في النهاية على هذا الإرهاب وأن أطفالنا هم بناة المستقبل”.
ورغم وصوله إلى مدينة اللاذقية بعيداً عن قذائف الإرهابيين وطلقات حقدهم أعرب رجب عن أمله بالعودة إلى بلدته وبيته وإلى أهل قريته الذين ما زالوا محاصرين.
وفي غرفة مجاورة بقسم الإسعاف يرقد باسل مصطفى طربيخ على سريره يقول لـ”سانا”: أصبت نتيجة طلقات قناص جعلت حجارة بناء “بلوك” تتناثر إلى شظايا وتدخل عيني.. ورغم الآلام الحادة وسوء حالتي الصحية لم يتوفر في المركز الطبي في البلدة إلا قطرات عينية لم تكن تساعدني في العلاج أو حتى في تخفيف الألم طوال شهر ونصف الشهر.
ملك عدنان ختيار التي ترافق زوجها “طربيخ” وابنيهما “سنتين ونصف السنة” و”سنة وشهرين” تقول عن سوء الحال في البلدتين..”نشاهد الموت يومياً ولا يمكن أن نفعل حياله شيئا.. حيث لا دواء أو تجهيزات طبية كافية” معربة عن شكرها لمن مكنها من إخراج زوجها المصاب لتوفير العلاج له وبعاد أطفالها عن هذا الحصار.
وحال طربيخ الصحية تشبه إلى حد ما حال ابن قريته وسيم جمال الدين الذي يغطي إحدى عينيه بشاش طبي ويحيط به أصدقاؤه ممن سنحت لهم ظروف إصابتهم أيضاً بالخروج من الحصار قبل عام وهو لم يحصل من العلاج إلا على قطرة عينية أيضا طوال فترة إصابته لأربعة أشهر.
جمال الدين يشير إلى أن اكثر من “6” آلاف مواطن يعيشون في البلدتين حالياً بعضهم من كبار السن ممن يعانون من أمراض السكر والضغط لا يتوفر لهم العلاج المناسب لقلة الإمكانات والأطباء والأدوية لكنهم يصرون على البقاء في بيوتهم.
رافق المحافظ في الاطمئنان على حالة المرضى الواصلين إلى المشفى رئيس جامعة تشرين الدكتور هاني شعبان وأمين فرع الجامعة لحزب البعث العربي الاشتراكي الدكتور لؤي صيوح.
بسام الابراهيم