لندن-سانا
سخر الكاتب البريطاني جورج مونبيوت من المنطق الذي تنتهجه الولايات المتحدة وحلفاؤها في محاولاتهم المزعومة للقضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي فأكاذيب واشنطن المتعلقة بتحركها العسكري لحماية المدنيين من جرائم التنظيمات الإرهابية والمجموعات المتطرفة تنكشف بشكل واضح تماما عند الحديث عن تعاملها وارتباطها الوثيق بدول وانظمة داعمة للإرهاب الذي تدعي محاربته على غرار مشيخات الخليج التي تعمل منذ سنوات على توفير كل أساليب الدعم والتمويل للإرهابيين الموالين لها في سورية والعراق.
وفي مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية تحت عنوان “لماذا نتوقف عند تنظيم داعش بينما نستطيع قصف العالم العربي بأكمله” أشار مونبيرت إلى الحجج الواهية التي تتذرع بها الولايات المتحدة لشن الضربات الجوية ضد تنظيم /داعش/ الإرهابي واستخدامها لـ “منطلقات إنسانية” متناقضة من أجل توسيع هذه الضربات في مناطق معينة والامتناع عن شنها في مناطق أخرى.
وتساءل مونبيوت عن السبب الذي يقف وراء تحرك الولايات المتحدة وحلفائها عسكريا ضد تنظيم /داعش/ الإرهابي فقط في سورية والعراق وعن المبادئ الإنسانية التي دفعت واشنطن إلى هذه الخطوة ولم تدفعها إلى شن ضربات جوية ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي قتل نحو 2100 فلسطيني في قطاع غزة هذا العام بمن فيهم أطفال ونساء اتخذوا من المدارس والمشافي ملاذاً لهم من الضربات العسكرية التي شنتها قوات الاحتلال دون تمييز.
وفي إشارة منه إلى ارتباط المصالح والأجندات التي تجمع بين الولايات المتحدة ونظام ال سعود المعروف بدعمه وتمويله للإرهاب سواء في سورية أو في أنحاء متفرقة من العالم أوضح مونبيوت أن الإدارة الامريكية لن تقدم على شن ضربات جوية في السعودية التي قام النظام فيها بقطع رؤوس 59 شخصا حتى الآن هذا العام بتهم متفرقة مثل السحر والشعوذة.
وأشار مونبيوت إلى استحالة تنفيذ ضربات جوية أمريكية في السعودية على الرغم من أنها تمثل بالنسبة للغرب تهديدا يفوق التهديد الذي يشكله تنظيم /داعش/ الإرهابي لافتا إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون حذرت في مذكرة سرية عام 2009 من أن “السعودية لا تزال تشكل قاعدة دعم مالية مهمة لتنظيم القاعدة وحركة طالبان وغيرها من المجموعات الارهابية”.
واعتبر مونبيوت ساخرا “أن الحجج الانسانية التي طرحت في مجلس العموم البريطاني الاسبوع الماضي لتبرير مشاركة بريطانيا في الضربات الجوية ضد تنظيم /داعش/ الارهابي يمكن استخدامها لتدمير الشرق الأوسط وغرب آسيا وبهذا يمكن إنهاء معاناة البشرية بأكملها وتحرير شعوب هذه المناطق من الآلام التي يعيشون في ظلها” وقد تكون هذه هي خطة الرئيس الامريكي باراك أوباما فعلا حيث قام باستهداف سبع دول إسلامية حتى الآن ونتائج هذا واضحة في سورية وليبيا والعراق وباكستان وأفغانستان واليمن والصومال.
ولفت مونبيوت إلى أنه في الوقت الذي تتساقط فيه القنابل والصواريخ على الأراضي السورية والعراقية بحجة القضاء على تنظيم /داعش/ الإرهابي فإن الإدارة الأمريكية تتعاون مع شبكات أخرى تنشر الموت والدمار وتدافع عنها ورغم الوعود التي أطلقها أوباما سابقا ما زالت الولايات المتحدة ترفض الافراج عن تقرير أعدته لجنة في الكونغرس الامريكي تكشف عن الدور الذي لعبته السعودية في هجمات أيلول عام 2001.
وأشار مونبيوت إلى وجود تحقيق آخر بدأ عام 2004 حول علاقة شركة الأسلحة البريطانية بي ايه اي المشبوهة بسلطات ال سعود وتقارير عن تقديم الشركة رشاوى ضخمة إلى وزراء ومسؤولين سعوديين.
وأوضح مونبيوت أن التدخل العسكري من قبل بريطانيا والولايات المتحدة لا يمكن أن يأتي بحلول جيدة لكن هناك وسائل أخرى فعالة يمكنها ذلك وعلى رأسها التوقف عن رعاية وحماية الشبكات التي تنشر الموت.
وأكد مونبيوت أن جميع الدول الاسلامية التي تعرضت للغزو والتدخل العسكري من قبل القوات الأجنبية تعاني من الإرهاب والحرب ويرزح سكانها تحت ظروف مؤلمة وهذا ليس من قبيل الصدفة ولا يشكل مفاجأة كبيرة ومع ذلك فإن الساسة الغربيين لم يتعلموا أي شيء من الدروس السابقة بل هم مصرون أكثر من أي وقت مضى على أن القتل سيحسم النزاعات العميقة بطريقة سحرية.
ورغم التحذيرات الغربية والامريكية من مخاطر الإرهاب الذي يتهدد ليس منطقة الشرق الاوسط فقط بل العالم بأسره إلا أن واشنطن وشركاءها من مشيخات الخليج ما زالوا مصرين على دعم التنظيمات الإرهابية التي تطلق عليها تسمية “المعارضة المعتدلة” ما يكشف زيف الادعاءات الامريكية بخصوص مكافحة الارهاب واكبر دليل على عدم جدية واشنطن في مكافحة الإرهاب تعاونها الوثيق والمستمر مع نظام ال سعود وغيره من الأنظمة الخليجية التي تعد الممول والراعي الرئيسي للإرهاب في سورية والمنطقة برمتها.
من جهة أخرى وفي ظل ارتفاع أعداد الارهابيين الأجانب الذين يتسللون الى سورية من أجل الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية فيها ومع تزايد التهديدات الأمنية التي تواجهها دول أوروبا من عودة مواطنيها إلى بلادهم بعد قتالهم إلى جانب هذه التنظيمات كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن مسؤولي مكافحة الإرهاب في بريطانيا قاموا بإزالة أعداد كبيرة من المواد والفيديوهات والصور المتصلة بتنظيمات ارهابية ومجموعات متطرفة من شبكة الانترنت هذا العام وذلك في ارتفاع كبير مقارنة بالسنوات الماضية.
وفي مؤشر على حجم المشكلة التي تواجهها قوات الامن الغربية في مكافحة المواد المتطرفة على شبكة الانترنت اوضحت الصحيفة أن وحدة مكافحة الارهاب البريطانية ازالت هذا العام 30 ألف مادة تروج للإرهاب مقارنة بـ 19 الف مادة ازيلت عام 2010.
ومع تحول الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي إلى أداة خطيرة بيد التنظيمات الارهابية وعلى رأسها تنظيم /داعش/ الإرهابي واستغلال هذه المواقع من أجل اختراق عقول الشباب وتجنيد المزيد منهم لارتكاب جرائم فظيعة تزداد التحذيرات من الاستخدام المتنامي للمواقع الالكترونية من قبل الإرهابيين دون وجود أي رادع أو إجراءات ملموسة من قبل الدول الغربية يمكن أن تحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
وكانت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماى اقترحت أمس فرض اجراءات جديدة لحظر المجموعات الارهابية المتطرفة والحد من نشاطات الدعاة المتطرفين حتى فى حال عدم ارتكابهم أي جريمة.