محفظة الشروط السورية

تتقيد سورية بحزم بمحفظة الشروط التي قدمتها للمجتمع الدولي ولمحاوريها من مواقع و محافل شتى. التقيد بمحفظة الشروط يعني أمرين:

أولاً – لا تراجع أو تنازل … وبالتالي هناك تشدد أمام الطرف المحاور.‏

ثانياً – وضوح الموقف و الرؤية المستقبلية على أساسه.‏

هذا بالضبط ما جرى في جنيف. كان الطرح السوري واضحاً في الخيار و المسار. في حين كان طرح الطرف الآخر غائماً غائباً و بالتالي كان من الصعب توقع الوصول ولو لمشروع هش لبناء الثقة!‏

قالت سورية: محاربة الارهاب أولاً … وبإصرارها على هذا الطرح بدا واضحاً أن محاربة الارهاب قد تكون الشرط الذي يستوعب المحفظة كلها.‏

قال الطرف الآخر : حكومة انتقالية و تمسك بجنيف واحد مسقطاً منه أن وقف العنف هو البند الأول فيه. يريد السلطة أو المشاركة فيها قبل كل شيء و إلا فهو ومن وراءه يعرف أن لا سلطة ولا شراكة لهم باعتبار هزالة حجم ما يشكلونه في الصراع. فالصراع هو مع الارهاب وكل أهميتهم مستمدة من الارهاب !! يغطيهم و يغطونه.‏

هل من متغيرات بعد ذلك التاريخ؟‏

بالتأكيد موجودة و هامة جداً إن لم يكن لإيجاد الحل فعلى الأقل لكشف مدى الزيف في محافظ الشروط.‏

المتغير الأول – هو ما أوضحته العرابة الأم لكل ما يجري ، أي الولايات المتحدة ، التي أعلنت بوضوح وعلى لسان الرئيس الأميركي شخصياً أنهم في أميركا أخطؤوا في تقديرهم لحجم و دور الارهاب فيما يجري في سورية.‏

المتغير الثاني – أيضاً ما كشف عنه الرئيس الأميركي، منذ فترة، من هزال التفكير بأن في سورية معارضة معتدلة «فنتازيا» لا يمكن الاعتماد عليها لإسقاط النظام.‏

المتغير الثالث – و هو الأهم ، أن الولايات المتحدة ومن معها و بينهم أهم داعمي الارهاب في سورية قد حزموا أمرهم و بدؤوا بمحاربة الارهاب في سورية و العراق. هكذا يعلنون على الأقل على صدى هدير طيرانهم وصوت القصف ولهيب النار فوق المنطقة.‏

إذا جمعنا هذه المتغيرات إلى بعضها توضح بجلاء أنها تحقق الاستجابة الكاملة للشروط السورية … لكن … عملياً ما زالت سورية وحدها في محاربة الارهاب و ما زال الحل السياسي للمسألة السورية بعيداً !!‏

أين اختلت المعادلة ؟‏

تتردد الولايات المتحدة في الاقرار الواضح أن الجيش السوري هو المقاتل الأول والأهم حتى اليوم ضد الارهاب !. ثم عادت للحديث عن تسليح و تدريب لما تسميه «المعارضة المعتدلة» لتجعل منها مقاتلاً للإرهاب محاوراً للحكومة السورية !! متناسية حكاية الفانتازيا تلك!! … و ثالثة الأثافي … أنها لا تريد التعاون أو التعامل مع الجهود السورية في محاربة الارهاب !!!‏

أمام هذه التناقضات في الموقف الأميركي المهيمن على كل من يتبعه لا يبقى للمرء حجة كي لا يشعر ما يعتري الحكاية من نفاق و كذب. و نعود إلى المحفظة الواضحة الدقيقة للشروط السورية :‏

لا حلول سياسية مع الارهاب و القتل و التخريب … و لا حرب أكيدة على الارهاب في سورية إلا بالتعاون الكامل مع القاتل الأول للإرهاب ، وهو الجيش العربي السوري.‏

ثمة متغيرات … نعم … لكن … ننتظر الباسها ثوب الجدية.‏

بقلم: أسعد عبود