دمشق-سانا
تتواصل في منتجع دافوس السويسري لليوم الثالث على التوالي أعمال المنتدى الاقتصادي في دورته الـ 48 تحت شعار “بناء مستقبل مشترك في عالم مفكك” بمشاركة نحو 70 رئيس دولة و حكومة و340 من كبار المسؤولين في العالم إضافة إلى 3500 من رجال الأعمال ورؤساء الشركات العالمية.
ورغم أجواء التفاؤل والآمال بالاتفاق على توصيات تدفع باتجاه تحقيق انتعاش في النمو الاقتصادي العالمي لإنقاذ الملايين حول العالم من الفقر والمجاعات والحد من الهجرة والتلوث البيئي وتغيرات المناخ والحمائية تدور في المنتدى مخاوف من استمرار الولايات المتحدة وغيرها من الدول في التحكم باقتصادات بعض الدول الأخرى ومحاولتها الإبقاء على المشاكل الاقتصادية قائمة في الكثير من المجتمعات حول العالم خدمة لمصالحها.
وفي كلمته في افتتاح المنتدى أكد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن العولمة بدأت تفقد بريقها لكنه حذر من أن إقامة جدران تجارية جديدة ليس حلاً مشيراً إلى أن الهند ستمثل قدوة بفتح أبوابها أمام الاستثمارات الخارجية.
وقال مودي “يبدو وكأن مساراً عكسياً للعولمة يحدث وإن التأثير السلبي لهذا النمط من العقلية والأولويات الخاطئة لا يجب أن تعد أقل خطورة من التغير المناخي أو الإرهاب”.
وأضاف مودي “إن الجميع يتحدثون عن عالم متصل ببعضه البعض لكن علينا قبول حقيقة أن بريق العولمة يخبو والحل لهذا الوضع المقلق ليس الانعزالية بل فهم وقبول التغيير ووضع سياسات مرنة في زمن متغير”.
الصين من جانبها أعربت عن رفضها لكل أشكال الحمائية وتقييد التجارة بين الدول مشيرة إلى أن الانفتاح أساسي ليس فقط للصين بل للعالم أجمع.
وقال ليو هي المستشار الاقتصادي للرئيس الصيني بكلمته في المنتدى “إن بكين ستتبنى تدابير إضافية للتوصل إلى مزيد من الانفتاح وجعل اقتصادها أقرب من المستثمرين الدوليين” واعداً بتدابير ستفوق توقعات العالم.
وتابع ليو إن “الصين ستسعى أيضا إلى حماية الملكية الفكرية بشكل أفضل وإلى خفض تدريجي لرسوم الجمارك التي تفرضها على السيارات المستوردة”.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حذرت في كلمتها من أن الحمائية ليست الحل لمشاكل العالم وقالت: نعتقد أن عزل أنفسنا لن يقودنا إلى مستقبل جيد.. مضيفة.. إذا كنا نظن أن الأمور ليست عادلة وأن الآليات ليست متبادلة فعلينا إيجاد حلول متعددة الأطراف وليس أحادية الجانب.
من جهته طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعقد عالمي جديد ضد شكل انحداري من العولمة محذراً من أن عدم القيام بذلك سيجعل المتطرفين يربحون خلال عشرة أو خمسة عشر عاما في كل البلدان.
بدورها مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد قالت في كلمتها لدى تقديمها توقعات متفائلة للنمو العالمي “بالتأكيد يجب أن نتشجع لكن لا يتعين أن نشعر بالرضا” مضيفة.. قبل كل شيء لا يزال هناك العديد من الأشخاص خارج الانتعاش والنمو المتسارع”.
من جانبها تحدثت ويني بيانييما المديرة التنفيذية للمنظمة الخيرية البريطانية أوكسفام عن اقتصاد عالمي تجمع فيه قلة من الأثرياء ثروات لا تحصى فيما مئات ملايين الأشخاص يكافحون للعيش على خط الفقر وقالت.. إن فورة أصحاب المليارات ليست مؤشراً على اقتصاد مزدهر بل مؤشر على فشل النظام الاقتصادي.
وفي رسالة وجهها للمنتدى حذر بابا الفاتيكان البابا فرنسيس من أن النقاشات حول التقدم التكنولوجي والنمو الاقتصادي يجب ألا تحل مكان القلق بشأن البشرية ككل مشيراً إلى أنه لا يمكن أن نبقى ساكتين أمام معاناة الملايين الذين تمتهن كرامتهم.
وفيما يترقب المشاركون في منتدى دافوس كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب غدا يؤكد المراقبون أن الأخير سيحاول الدفاع عن المصالح الأميركية وعن برنامجه الذي أطلق عليه اسم “أميركا أولاً” في مواجهة الدعوات إلى العولمة والتبادل الحر.
كما سيدافع ترامب وفق المراقبين عن الحِمائية وهي السياسة الاقتصادية التي تنتهجها واشنطن لتقييد التجارة بين الدول من خلال رفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة وتحديد كمياتها إضافة إلى مجموعة من الأنظمة المقيدة التي تهدف إلى تثبيط الواردات ومنع الأجانب من التغلغل في الأسواق الأميركية والشركات.
وتعبيراً عن رفضهم لزيارة ترامب إلى سويسرا لحضور المنتدى احتشد أكثر من ألف متظاهر في وسط مدينة زوريخ احتجاجا على زيارته وهتف المتظاهرون “ترامب غير مرحب به” و”سويسرا تستضيف نازيين” فيما انضم إلى التظاهرة ناشطون ضد العولمة ومدافعون عن البيئة.
يذكر أن منتدى دافوس الاقتصادي العالمي يعقد بشكل سنوي في منتجع مدينة دافوس الصغيرة الواقعة على ارتفاع 1560 مترا وهي المدينة الأعلى في أوروبا حيث يعد المنتدى نقطة التقاء لأهم الشخصيات في العالم في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والفنية لمناقشة أهم القضايا الاقتصادية الدولية وطرح حلول لها.
محمد جاسم