ما التداعيات المترتبة على قطع واشنطن جزءا من الدعم المالي عن الأونروا؟

دمشق-سانا

ابتزاز جديد وإعلان حرب تمارسه الولايات المتحدة ضد الفلسطينيين عبر تجميدها دفع أكثر من نصف إجمالي المبلغ المخصص لتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابع للأمم المتحدة أونروا.

مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية قال: إن “واشنطن احتفظت بمبلغ 65 مليون دولار مخصص لوكالة الأونروا حتى إشعار آخر وأرسلت 60 مليون دولار من إجمالي مساهمتها البالغة 125 مليون دولار” معتبرا أن هناك حاجة لمراجعة في العمق لطريقة عمل أونروا وتمويلها على حد تعبيره.

إعلان الخارجية الأمريكية يمثل تحديا جديدا للمجتمع الدولي عقب الصفعة التي تلقتها واشنطن عندما رفضت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الحادي والعشرين من الشهر الماضي بأغلبية ساحقة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبار القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي الأمر الذي زاد من عزلة واشنطن ودفعها للغطرسة مجدداً حيث توعد ترامب الفلسطينيين بقطع المساعدة المالية الأمريكية عنهم ما لم يمضوا باقتراحاته بخصوص ما يسميه بـ “الحل” على المسار الفلسطيني الإسرائيلي عقب الإجماع الدولي الرافض لقراره بشأن القدس.

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من أن وقف التمويل الأمريكي “يتسبب بمشكلة كبيرة جدا” مطالبا واشنطن بتأكيد مساهمتها الكاملة ولافتا إلى أن “الأونروا مؤسسة للأمم المتحدة تقدم خدمات حيوية للاجئين”.

من جهته أعرب المفوض العام للأونروا بيار كرينبول عن قلقه حيال القرار الأمريكي وقال: إن “فرص حصول 525 ألف طالب وطالبة في 700 مدرسة للأونروا على التعليم ومستقبلهم معرضان للخطر ويدخل في دائرة الخطر أيضا أمان الملايين من اللاجئين الفلسطينيين الذين هم بحاجة للمساعدات الغذائية الطارئة وأشكال الدعم الأخرى وفي مقدمتها الرعاية الصحية”.

ودعا كرينبول الدول الأخرى الأعضاء في الأمم المتحدة إلى المساهمة في تمويل المنظمة الدولية مبينا أن تمويل الأونروا أو أي وكالة إنسانية أخرى يعود إلى تقدير كل دولة عضو في الأمم المتحدة لكن هذه المساهمة المخفضة من الولايات المتحدة “تهدد أحد التزاماتنا على صعيد التنمية الذي يحقق أكبر قدر من النجاح في الشرق الأوسط”.

من جانبه حذر المتحدث باسم الأونروا كريس غونيس أن قرار واشنطن تخفيض مساهمتها سيؤدي إلى أسوأ أزمة تمويل للوكالة منذ تأسيسها كما حذر رئيس مجموعة العمل في الأمم المتحدة حول الشؤون الإنسانية يان إيغلاند من أن حرمان الأونروا من هذا المبلغ “ستترتب عليه عواقب كارثية بالنسبة للاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط”.

ونددت منظمة التحرير الفلسطينية بالقرار الأمريكي معتبرة أنه يستهدف الفلسطينيين الأكثر ضعفا ويحرم اللاجئين من حقهم في التعليم والصحة مشيرة إلى أن الأونروا تقوم بمهامها وخدماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين استنادا إلى قرار الأمم المتحدة رقم 302 لعام 1949 وهي ليست بأي شكل من الأشكال بإمرة الولايات المتحدة التي انتهكت القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان دعا إلى حل وكالة الأونروا وإنهاء عملها رحب بقرار ترامب وقال للصحفيين خلال زيارته الحالية للهند “تحدث في الولايات المتحدة ثلاثة أمور لم تحصل من قبل.. الأول نقل سفارتهم إلى القدس وبحسب تقييم قوي سوف تنتقل في وقت أقصر مما نتوقع أي في غضون عام واحد والثاني التغيير الكبير تجاه إيران حيث تحدث الرئيس ترامب عن إلغاء الاتفاق النووي ومن الواضح جدا أن هذا الأمر سيحدث والأمر الثالث هو تحدي الأونروا وهي المرة الأولى التي يحدث فيها أمر كهذا منذ سبعين عاما ومن الجيد أنهم يتقدمون ويقومون بشيء يتحدون خلاله هذه الهيئة”.

تداعيات كبيرة ستترتب على القرار الأمريكي الذي وصفه الفلسطينيون بإعلان حرب جديدة ضدهم حيث أن حياة أكثر من 70 بالمئة منهم معرضة للخطر داخل فلسطين وخارجها مشيرين إلى أن الإدارة الأمريكية تستخدم المساعدات المالية كوسيلة للنفوذ واستراتيجية استخدمتها الإدارات السابقة في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

معاقبة الشعب الفلسطيني بقطع الدعم المالي عن الأونروا نتيجة التصدي لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس هي موقف آخر يعبر عن انتهاك الولايات المتحدة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وما كان ترامب ليجرؤ على هذه الخطوة لولا حالة التشرذم والانقسام في الصف العربي وتبعية بعض الأنظمة العربية لإملاءات الإدارة الأمريكية فضلا عن التحالف العلني بين كيان الاحتلال الإسرائيلي وبعض هذه الأنظمة التي بقيت طيلة سنوات محط شك في علاقاتها مع كيان الاحتلال وفي التآمر على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.. وهنا يتساءل الفلسطينيون ألا تستطيع الدول العربية والإسلامية أن تعوض الشعب الفلسطيني ما يكفي لمجابهة هذه السياسة الأمريكية الإسرائيلية فهي تتحدث كل الوقت عن القدس لكن القدس لا تحظى بالدعم ولذلك فإن هناك حاجة لإجراءات عربية وإسلامية ملموسة وليس فقط مجرد مواقف للاستهلاك الإعلامي.

 

انظر ايضاً

21 منظمة دولية تندد بإعلان تعليق 12 دولة تمويلها للأونروا

باريس-سانا أعربت 21 منظمة دولية غير حكومية عن استيائها، عقب إعلان 12 دولة تعليق تمويلها …