دمشق-سانا
استبقت فرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي جلسة الكونغرس الأمريكي المقررة غدا لمناقشة الاتفاق النووي الموقع بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد في تموز 2015 بدعوة واشنطن إلى الالتزام الكامل بالاتفاق مؤكدة رفضها أي محاولة أمريكية للإخلال بالاتفاق بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بانسحاب بلاده منه في الوقت الذي يشهد فيه الكونغرس الأمريكي انقساماً حيال ذلك.
وزراء خارجية الدول الثلاث ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تباحثوا اليوم في مقر الاتحاد الأوروبي ببروكسل مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف حول استمرار تنفيذ خطة العمل المشترك الشاملة المتعلقة بالاتفاق النووي قبيل ساعات من جلسة الكونغرس التي ستقرر ما إذا كان سيتم تمديد تخفيف العقوبات بحق إيران بموجب الاتفاق النووي أو إعادة فرض القيود التي أوقفها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قبل عامين.
من جهته بين ظريف أنه جرى خلال الاجتماع التأكيد على أن ايران متمسكة بالاتفاق النووي وأن أي تحرك يقوضه غير مقبول مشيرا إلى أن استمرار التزام بلاده بالاتفاق رهن بالتزام الولايات المتحدة الكامل به.
أما وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان فقد دعا الولايات المتحدة إلى احترام الاتفاق والالتزام به لأنه “اتفاق ضروري وليس له أي بديل ولا يوجد أي مؤشر قد يدعو الى التشكيك في احترام الطرف الإيراني له ما دامت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد بانتظام حسن تطبيقه”.
الموقف ذاته عبر عنه وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بالقول إن الاتفاق إنجاز دبلوماسي كبير وإيران ملتزمة به كما أكدت موغيريني أن الاتفاق أثبت فاعليته “في جعل العالم أكثر أمنا ومنع سباق التسلح في المنطقة” متوقعة من جميع الأطراف أن تواصل تطبيق هذا الاتفاق بشكل تام.
ترامب الذي توعد خلال حملته الانتخابية عام 2016 بـ “تمزيق الاتفاق” في حال فوزه بالانتخابات ثم أعلن قبل أشهر عزمه التراجع عنه أحال الاتفاق إلى الكونغرس الذي سينظر فيه غدا ووفق وزير خارجيته ريكس تيلرسون فإن إدارة ترامب ستعمل مع الكونغرس على تصحيح ما اعتبره الرئيس الأمريكي “نواقص خطيرة” تخللت الاتفاق حيث رأى ترامب أن تخفيف العقوبات على إيران “لا يتناسب مع تنازلاتها” وأن الاتفاق لم يكن في المصلحة الوطنية الأمريكية مهددا بانسحاب بلاده منه وبفرض عقوبات “صارمة” على إيران.
رغبة ترامب في التراجع عن الاتفاق اصطدمت بموقف الخارجية الأمريكية التي رأت أن إلغاء الاتفاق لا يصب في مصلحة البلاد وقالت إن من الأفضل تعديله بما يتوافق مع السياسة الأمريكية بينما أعلن هربرت ماكماستر مستشار الأمن القومي الأمريكي أن كبار مستشاري الرئيس أوصوه بتمديد تخفيف العقوبات على إيران في إطار الاتفاق النووي قبل انقضاء مهلة اتخاذ القرار غدا مبينا أنه يسعى لإقناع الأعضاء المتنفذين في مجلس الشيوخ بتطوير صيغة من شأنها أن تساعد على الإبقاء على الاتفاق حسبما نقلت صحيفة ديلي بيست عن مصادر لم تسمها.
ووفقا لما ذكرته الصحيفة فإن ماكماستر يحاول إقناع عضوي لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر وبين كاردين بصياغة تشريعات بطريقة تعطي الرئيس ترامب فرصة عدم التخلي عن الاتفاق مع طهران.
إيران من جهتها رفضت تعديل الاتفاق أو إضافة أي بند عليه محذرة من أن الاتفاق النووي ليس اتفاقا ثنائيا كي ينهار بخروج أحد أطرافه وهو وثيقة دولية غير قابلة للتغيير كما أنه إنجاز نادر على صعيد الدبلوماسية العالمية مشيرة إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت في تسعة تقارير لها التزام طهران بالاتفاق كما أكدت الوكالة الدولية الطابع السلمي لبرنامج إيران النووي.
الرئيس الإيراني حسن روحاني كان أعلن أن ترامب يجهل أن هذا الاتفاق ليس ثنائيا بين إيران والولايات المتحدة وقال “أدعوه إلى قراءة التاريخ والجغرافيا ودراسة الاتفاقات الدولية والتزود بالأخلاق والأدب” مشددا على أن الرئيس الأمريكي لم يقرأ القانون الدولي ليعرف أنه ليس باستطاعة رئيس بمفرده إلغاء اتفاق دولي ومتعدد الأطراف مذكرا ترامب بأن بلاده هي الدولة الوحيدة التي استخدمت القنبلة النووية.
من جهته أبلغ رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو أن إيران سوف تتخذ القرارات اللازمة التي من شأنها أن تؤثر على المسار الحالي للتعاون بين إيران والوكالة في حال تراجع الإدارة الأمريكية وعدم تنفيذ التزاماتها في إطار الاتفاق النووي.
ورغم تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تسعة تقارير لها التزام طهران بالاتفاق وهي المرجع الوحيد في تحديد ذلك إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس وأطراف الاتفاق باستثناء الولايات المتحدة إلا أن ترامب يحاول نسف هذه التقارير وبالتالي الاتفاق الذي تبناه مجلس الأمن الدولي بالإجماع متذرعا بحجج واهية لا تخدم في النهاية سوى كيان الاحتلال الإسرائيلي وأنظمة الخليج التي هللت لإعلان ترامب عزمه قبل أشهر التراجع عن الاتفاق بخلاف الإجماع شبه الدولي الرافض لتصريحات ترامب.
وكانت إيران ومجموعة دول خمسة زائد واحد التي تضم روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا إضافة إلى ألمانيا توصلت في تموز عام 2015 إلى الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي قضى باعتماد خطة عمل شاملة مشتركة تقضي بإزالة إجراءات الحظر الاقتصادية والمالية المفروضة على إيران من مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.