دمشق-سانا
رغم الأزمة التي يعيشها السوريون جراء الحرب الكونية التي تتعرض لها بلادهم وتبعات تلك الأزمة عليهم إلا أن نبض الحياة والإصرار على عيش حياتهم الطبيعية يتدفق بقوة متحدياً كل الصعوبات وخاصة مع اقتراب عيد الأضحى المبارك حيث يرتادون الأسواق الشعبية والحديثة لاستقبال العيد كعادتهم في كل عام.
ومن سوق باب توما المكتظ بالمتسوقين تبدأ الحكاية فأصوات الناس تملأ المكان وتطغى على ضجيج السيارات وهم منهمكون في البحث عن متطلبات أطفالهم أولا كالعادة بما يناسب قدرتهم الشرائية وأذواقهم.
تقول السيدة أحلام أتيت إلى السوق لأشتري ملابس العيد لأولادي ولن أخاف من تهديدات الإرهابيين وقذائفهم الغادرة فالحياة ستستمر رغما عنهم والعيد سيأتي رغم كل الجراح ليزرع الأمل من جديد في نفوس الصغار والكبار معاً.
وتضيف أحلام وفي عينيها تتدافع الأمنيات مختلطة بدموع تأبى أن تخرج أتمنى مع اقتراب عيد الأضحي المبارك وفي هذه الأيام الفضيلة وقبل كل شيء عودة الأمن والأمان إلى ربوع سورية والسلام للشعب السوري لتعود نكهة الأعياد والأفراح كما كانت سابقاً تختلط بعبير دمشق وعادات وتقاليد أهلها وهم يتهيؤون
لطقوس العيد كافة من صناعة الحلويات إلى شراء الملابس الجديدة وتقديم الأضاحي وإقامة الولائم .
من جهته يقول ثائر محمد أنه لا يوافق الناس الذين يقولون أن العيد لن يمر على سورية لأن هذه الأزمة التي يمر بها السوريون زادت ارتباطهم ببعضهم البعض وخاصة خلال فترة الأعياد حيث نجد الفعاليات الشعبية تقوم بمساعدة الفقراء والمحتاجين لافتاً إلى أن السوريين دائماً يمتلكون الإصرار وقوة التحدي على مواجهة الأزمات منذ الأزل وهم يثبتون ذلك دائما من خلال نزولهم إلى الشوارع وممارسة حياتهم الطبيعية.
وفي سوق الحميدية الشعبي تزداد حركة الناس بشكل أكبر يدفعهم عشقهم لماضيهم وتعلقهم به وبكل ما يحيي التراث القديم إضافة إلى توفر خيارات الشراء العديدة للمواطنين والتي تتناسب مع دخلهم ولا يمنع بحسب نوال أن يصيب الشخص أكثر من هدف من خلال القيام بجولة صغيرة في حضرة التاريخ وشراء لوازم العيد والتنزه مع الأطفال والتمتع بالجلوس عند الجامع الأموي الكبير وأكل الجامد أو البوظة.
وتضيف نوال اشتريت ما يلزمني من ملابس لأطفالي وحاجيات العيد لتحضير المعمول من أجلهم فقط ليشعروا بقدوم العيد على الرغم من ارتفاع الأسعار قياساً للعام الماضي مشيرة إلى أن الحياة يجب أن تستمر وعلى الأهل أن يبلسموا الجراح ليعيش أولادهم طفولتهم قدر المستطاع وشراء لعبة صغيرة بسعر بسيط قادر على رسم الفرح على وجوههم في العيد.
أما في سوق الصالحية والحمراء فالمشهد لا يختلف كثيراً عن باقي الأسواق في دمشق حيث يكون الازدحام في أشده في ساعات بعد الظهر بعد عودة الأطفال من مدارسهم يخرجون برفقة أهلهم لشراء ملابس العيد وطفولتهم البريئة تقود خطواتهم بسرعة لإنهاء المشوار بأكلة لذيذة وعدهم الأهل بها على حد تعبير أمجد صاحب محل لبيع ألبسة أطفال.
ويضيف أمجد يتزين السوق في هذه الفترة قبل حلول الأعياد بضحكات الأطفال وضجيجهم الذين في أغلب الأحيان يكون إرضاؤهم غاية لا تدرك من قبل الأهل وأراقب هذه المشاهد بشغف وردة فعل الأهل أمام طلبات قد لا تنتهي من قبل الأولاد لكنني أشعر بالسعادة بكل تلك التفاصيل لكونها تضخ الحياة في السوق
وتبعد عنه الملل والرتابة في باقي الأيام.
بدوره يعرب الطفل أيهم عشرة أعوام عن سعادته بشراء لعبة جديدة في العيد ويقول ببراءة الأطفال أن جل ما يتمناه أن يعود السلام إلى ربوع سورية وأن ترتسم الابتسامة على وجوه أطفال سورية جميعهم.
هكذا السوريون كعادتهم يستنبطون من الألم والحزن الأمل والتفاؤل بغد جديد يعود معه العيد أجمل وتعود معه ضحكات الأطفال وهم يتأرجحون ويلعبون في ساحات العيد تملأ سماء سورية وقلوبهم تتوجع بالدعاء إلى الله عز وجل أن يحمي بلدهم والجيش العربي السوري وأن يتغمد الشهداء برحمته.
مي عثمان